✍ عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
في خطوة تهزّ مصداقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كشفت إيران وثائق حصلت عليها عبر عملية أمنية معقّدة، تؤكّد تورط المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، في التنسيق مع جهات استخباراتية إسرائيلية بهدف التجسس على البرنامج النووي الإيراني وتوجيه تقارير الوكالة بصورة منحازة.
فطهران وصفت الوثائق بأنها "قانونية وقاطعة"، ما يُضعف مهنية تقارير غروسي ويضع الوكالة الدولية تحت مجهر المساءلة.
هذه الاتهامات لم تكن إيرانية المصدر فقط، فقد أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تقارير غروسي الأخيرة تحمل طابعًا سياسيًا يفتقر إلى النزاهة التقنية، مضيفًا أن الوكالة "انحرفت عن مهامها العلمية لتصبح أداة ضغط غربية ضدّ دول مستقلة".
وفي حين تنصّ معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية على حقّ جميع الدول الموقّعة –ومنها إيران– في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية دون تمييز، تجاهل تقرير غروسي هذا المبدأ الأساسي، معتبرًا التخصيب بنسبة 60% تصعيدًا خطيرًا، رغم أنّ العتبة العسكرية تُحدَّد عند نسبة 90%، ولا وجود لأي بند قانوني في المعاهدة يُحدّد النسبة المسموح بها ما دام الإستخدام سلميًا.
وبينما كانت الأنظار تتجه نحو تقرير الوكالة، شنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدوانًا عسكريًا واسعًا على إيران، في محاولة لصرف الانتباه عن فضيحة التجسس، وكسر توازن الردع الإيراني. لكنّ العملية العسكرية تعثّرت بسبب الخسائر الفادحة، فطلب نتنياهو تدخّلًا مباشرًا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقصف المنشآت النووية الإيرانية.
استجاب ترامب للطلب الإسرائيلي بشكل فوري، من دون الرجوع إلى الكونغرس أو التقيّد بالشرعية الدولية، وأمر باستخدام طائرات شبحية B-2 محمّلة بقنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، لاستهداف منشآت نووية مدنية. وقد تسبّب الهجوم في تسرب سُحب من المواد المشعة في المنطقة، وسط صمت دولي مريب تجاه هذه الجريمة البيئية.
وزادت التصريحات التي أطلقتها السفيرة الأميركية السابقة في مجلس الأمن، دوروثي شيا، من حدة الانتقادات، إذ اعترفت بأن الضربة جاءت "لإنقاذ نتنياهو"، ما يُسقط آخر الحجج التي تحاول تبرير الهجوم تحت غطاء منع الانتشار أو الردع الاستباقي.
في ضوء ذلك، بات من حقّ إيران –بحسب بنود المعاهدة نفسها– التفكير بالانسحاب من الاتفاق، إذا ما رأت أنّ مصالحها العليا تضررت بشكل جوهري، شريطة تقديم إشعار رسمي للأطراف الأخرى ومجلس الأمن، وهو خيار بدأت دوائر القرار في طهران بوضعه على الطاولة بعد أن إنسحبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
فمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة لم يدينا الجهات المعتدية على إيران دون وجه حق؛كذلك فعلت دول ال G7، مع إضافة تعهدها بدعم إسرائيل.
فإيران دولة قوية وتعرف كيف تحمي حدودها َن أي عدوان مستقبلي طالما أن مجلس الأمن ودول ال G7 يؤيدون الباطل يدينون الحق.
وإنً غدًا لناظره قريب
30 حزيران/يونيو 2025



