لن تستكين واشنطن و الغرب معها اذا ما استمرت إيران في سياستها النووية المستقلة و الخارجية حماية لمصالحها الحيوية ، و لن تغيب إيران عن مائدة طعام واشنطن مع الغرب و هي الاطبق الادسم إن لم تغير طهران سياساتها و مواقفها و طموحها النووي و لا يفهم إعلان وقف إطلاق النار السريع إلا مجرد استراحة محاربين بعد الجولة الاولى ام ان طهران تلقت رسالة صارمة وصولا للتهديد بقصفها بالنووي ربما من ترامب أو من نتنياهو ، لانه كان واضحاً ان اسرائيل لم يبقى لديها مخزون حربي للإستمرار وتبع مباشرة الخدمة تأكيدها عدم السماح بعد الآن لرئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الدخول إلى منشآتها النووية ، وفقًا لما ذكره نائب رئيس البرلمان الإيراني "حميد رضا حاجي بابايي" لوكالة مهر ، وأضاف أن طهران لن توافق أيضًا على تركيب كاميرات مراقبة في هذه المنشآت.
إذا معركة ال13 يوما هي معركة من الحرب و مجرد جس نبض و انهاك قد يتبعها حرب استنزاف طويلة اقتصاديا و استخباراتيا يفقد فيه النظام مضاد السم الغربي و إشعال الداخل بعد انكشاف لا يستهان قام به الموساد و لكنه إستعجل و بسبب الثقة الزائدة بحتمية انتفاض معارضي النظام بعد أو خلال الضربة القاصمة لأغلب قيادات الصف الاول العسكرية و العلمية لتنفيذ مهمته الرئيسية في إيران ازاحة النظام.
جاء الوقف السريع المفاجئ في الهجمات المتبادلة بين إسرائيل ، الولايات المتحدة و إيران ، بما أن أياً من الطرفين لم يحقق أهدافه ، فمن المتوقع بعد إعادة التذخير العسكري و المعلوماتي بدء معركة ثانية أقسى و أعنف مشتركة مع واشنطن بحيث ينتقل المعارضون الإيرانيون معها إلى مرحلة جديدة متقدمة للعمل داخل البلاد بهدف إحداث تغيير في السلطة او تقسيم الجمهورية الإسلامية عرقيا و دينيا و بالتالي جغرافيا و هو مصير يوغوسلافيا السابقة ، عندما وجه الناتو بقيادة واشنطن ضربات عنيفة على البلاد سببت أضرار جسيمة متلازمة مع تشديد الحصار اكثر و بدأ المشروع يدخل حيز التنفيذ و مهد الطريق إلى نجاح ـ"الثورة الملونة" و تغيير في سلطة "بلغراد/ميلوشيفيتش" و تقسيمها نهائيا .
على الأرجح حصلت تل ابيب على موافقة ترامب بشكل عام على وجهة نظر إسرائيل بشأن ضرورة تفكيك النظام السياسي للجمهورية الإسلامية ، فإن دائرة الخطط الممكنة لتحقيق هذا الهدف واسعة جدًا و إحداها قد يكون اغتيال المرشد الأعلى هو ما قد يشعل شرارة أحداث التغيير.
إنه تحديً خطير للنظام في طهران و ما قد يتم التخطيط له في المستقبل عبر تجهيز و دعم ليس فقط شبكات إرهابية فعالة مع خلايا تعمل من خلال نشر دعايات المؤيدة و المرحبة بالولايات المتحدة داخل المجتمع تحديداً بين اوساط الشاب و تنظيم الاحتجاجات ، لأن أساليب "الثورات الملونة" السابقة الناعمة ، التي نجحت في إسقاط عدة أنظمة اسياسية ضعيفة في كل من جورجيا ،أرمينيا ،أوكرانيا و قيرغيزيا ، تبيّن أنها غير مجدية و فشلت في دول مثل إيران و فنزويلا.
ما من شكك الولايات المتحدة و إسرائيل، سوف تستأنفان العبث في داخل الجمهورية الإسلامية و إذا كانا يريدان مع حلفائهم تغيير السلطة منطقيا كان عليهما إعداد قائد يجسّد إيران جديدة "بدون ملالي و حجاب و شريعة" ، من اجل هذا تم تحضير محمد بهلوي ، الذي يحمل اسم جده " رضا' كان ذلك في شباط 2025، حين اختارت فصائل مختلفة من المعارضة الإيرانية بهلوي زعيما و رئيسا للحكومة الانتقالية المستقبلية "حتى تم تشكيل أول مجلس وطني و يبدء بحكم ديمقراطي من خلال انتخابات حرة" ، لكن في الواقع هؤلاء جميعهم ليس لهم وزن سياسي مؤثر داخل إيران و حتى محمد رضا لا احد يعتبره قائدا له حيثية كما كان والده ، مع ان رضا بهلوي(الجد، الشاه الأول) وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري و من ثم نصب نفسه ملكًا عام في عشرينيات القرن الماضي اظن في 1925.
هناك قوى معارضة جدية داخل إيران لديها مواقع نفوذ يمكن ان تصل إلى حكم إيران في حالة الانهيار الافتراضي إضافة لتلك القوى يوجد منظمة "مجاهدي خلق" المصنفة في مقلب اليساري الاسلامي التوجه و التي خاضت صراع مسلح ضد النظام لمدة طويلة انطلاق من العراق حيث معسكراتها في زمن صدام حسين ، مع العلم ان هذه المنظمة شاركت في الثورة الإسلامية لخلع الشام في إيران بهدف الوصول إلى حكم البلد ، لكنها خسرت أمام انصار آيه الله ، و تعرض أنصارها للإقصاء و القمع على إثرها قامت بتنفيد عمليات إرهابية و قتل جماعي لأنصار السلطة الجديدة و قادتها و هي تملك تنظيم مسلح يسمى - الجيش الوطني لتحرير إيران ، تمركز في العراق و فيه ما يقارب ال7000 مقاتل و بعد عدة أيام من إعلان آية الله الخميني قبوله وقف إطلاق النار مع العراق عام 1988 قام (جيش التحرير الوطني) بدعم عراقي كبير بالهجوم على مدينة "إ سلام آباد" الايرانية فشل و تم إخراجه و قتل معظم المهاجمين ، إلى ان تم إخراجهم من العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.
كما يجب ان لا ننسى ان إدارة ترامب في فترة رئاسته الاول ارادت استخدام "منظمة مجاهدي خلق" تحديداً عام 2018 فترة الاحتجاجات الكبيرة بعهد الرئيس روحاني حينها صرّحت إدارة ترامب آنذاك بأنها لا تستبعد منظمة مجاهدي خلق كبديل مناسب للنظام الإيراني الحالي، اليوم تعتبر "ألبانيا" القاعدة و المقر الرئيسين لمنظمة مجاهدي خلق ، حيث يتواجد أكثر من 4000 من أعضائها مما ادى لقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين و بسبب مؤتمر "إيران الحرة 2019"، الذي انعقد هناك و هو ما يؤكد نية واشنطن اسنثمارهم لاحقاً و هو ما أكده تصريح " رودي جولياني" عمدة نيويورك السابق و المحامي الشخصي لترامب ، عندما وصف المنظمة ب "حكومة إيران في المنفى"، و البديل الجاهز لقيادة البلاد في حال سقوط النظام الإيراني ، ثم تبع هذا تصريح من إدارة ترامب آنذاك بأنها لا تستبعد منظمة مجاهدي خلق كبديلٍ مناسبٍ للنظام الإيراني الحالي.
إذا كان الشاه يمثل وجه المعارضة الموالية للغرب ، فإنّ تغيير السلطة في الجمهورية الإسلامية قد يتمّ عبر خلايا من المنظمات المتطرفة و أهمها 'مجاهدي خلق'.
لكن ليس مؤكد أن الغرب سينجح في تفكيك نظام الدولة الحالي في إيران و حتى لو افترضنا انه استطاع لن يتمكن من إيصال أنصاره إلى السلطة ، و السبب موجود في نظام الجمهورية السياسي العقائدي نفسه و تركيبته العسكرية و الامنية ، فهناك جيشان للجمهورية كاملا العدد و العدة مع استخبارات متغلغلة في كل شرايين المجتمع و هما :
اولا - الحرس الثوري هو جيش كامل يوازي الكثير من جيوش المنطقة و مهمته حماية نظام الثورة الايرانية السياسي و تنفيذ مهمات المرشد في الخارج هو مؤدلج عقائديا و دينيا من ضمنه الشرطة الداخلية " الباسيج" المسؤولة النظام العام و عن إخماد اي اضطرابات في الداخل و اثبتت ولاءها المطلق في احداث ضخمة مرت.
ثانيا - الجيش الرسمي اي (القوات المسلحة الايرانية) هي مؤسسة مهمتها حماية البلد من عدوان الخارج كوحدة جغرافية و كيان سياسي مستقل و رأينا دوره في إخماد دخان جنون العظمة الخارج من رأس نتنياهو.



