كتب الأستاذ حليم خاتون
أن يخرج وزير محسوب على حزب الله في حكومة المندوب السامي الأميركي هو الوزير محمد حيدر يتكلم عن نزع سلاح المقاومة ليس إلا علامة من علامات الساعة تأخر ظهورها بعض الوقت...
بدأت علامات الساعة بالظهور داخل البنية التنظيمية لحزب الله منذ زمن بعيد...
لم يعر الناس هذه العلامات الكثير من الإهتمام قبل اليوم بسبب طغيان شخصية السيد الشهيد حسن نصرالله وفكره المقاوم...
حتى السيد نفسه، رغم بعد نظره والحدس المرهف وعمق إيمانه بحتمية انتصار الحق بغض النظر عن صحة هذه الحتمية من عدمها؛ حتى السيد نفسه، لم يعر بدء عملية السقوط داخل صفوف حزب الله الكثير من الإهتمام، ربما بسبب الإيمان المطلق بالنصر الإلهي...
ربما آمن السيد نصرالله أن ظهور المهدي بات قريبا جدا، وأن هذا كان كفيلا بمنع تراكم عمليات السقوط الأخلاقي والديني مع كل ما أظهرت الوقائع إنه كان أحد أهم اسباب الهزيمة التي تلقاها حزب الله على مدى أسابيع وأشهر ما قبل الإطباق الإسرائيلي الأميركي البريطاني الكامل على القيادات الثورية المجاهدة داخل الحزب، وعلى رأسهم السيد الشهيد نفسه..
من الواجب دراسة التركيبة الطبقية لحزب الله من اجل معرفة مصدر الخلل رغم عدم إيمان الكثيرين داخل الحزب بأهمية ذلك بحجة عدم الوقوع في التحليل العلمي الماركسي الذي كثيرا ما يناقض الفكر الغيبي المسيطر داخل الحزب...
حزب الله مثل غيره من الأحزاب اللبنانية يضم افرادا ومجموعات من كل الطبقات الاجتماعية؛ فيه أغنياء، وفقراء مدقعين؛ كما فيه الكثيرون من الطبقات الوسيطة بين هذين الحدّين...
صحيح ان معظم العملاء الذين انكشف أمرهم حتى اليوم ينتمون بأكثريتهم المطلقة إلى تلك الطبقات الوسيطة مع قلة من الفقراء إلا أن المرض يبدأ دائما من وجود طبقة الغنى الفاحش...
حتى اليوم لم يتم إثبات تهمة العمالة والخيانة بأي غني من الأغنياء في الحزب؛ لكن هدف معظم العملاء الذين ساهموا في هزيمة حزب الله عبر كشف مكامن قوته كان الإغتناء السريع للوصول إلى مكانة الأغنياء رغم قول السيد المسيح الشهير من أن دخول غني إلى الجنة اصعب بكثير من مرور جمل في ثقب إبرة...
"المفسدون في الأرض"، هي أفضل عنوان يمكن أن يشمل كل مَن مِن قريب أو بعيد استفاد من للنظام الرأسمالي في لبنان عن طريق تأثير حزب الله داخل هذا النظام...
لذلك يجب إرجاع اسباب العمالة والهزيمة إلى هذه البنية الطبقية والرجوع بها إلى التسعينيات، يوم بدأ حزب الله يتجاوب مع محاولات رفيق الحريري غير البريئة في إدخال الحزب إلى البنى السلطوية...
مبدئيا يمكن الاكتفاء بهذا لأن البحث فيه يحتاج إلى دراسات معمقة ليس في قدرة فرد واحد اجراؤها خلال هكذا وقت قصير..
لكن الواجب يفرض الإنطلاق من هنا لدراسة توالي أمور تثير الريبة في مواقف حزب الله منذ قبول وقف إطلاق النار بشروط بدا واضحا انها تخضع لمعايير لا شان لها بأدبيات الحزب الحسينية...
من الملفت أن قيادة الحزب كلما قررت تقديم تنازلات محددة للأميركيين، تعيد ذلك إلى أن السيد الشهيد كان قد قبل بها قبل استشهاده حين دخل في مفاوضات وقف النار...
أول هذه التنازلات يتعلق تحديدا بالتخلي عن ربط الساحتين اللبنانية والفلسطينية في غزة؛ (هنا يجب الفصل التام بين غزة ذات الغالبية السُنّية الضحية المُقاتلة، وبين الاغلبية السّنّية العربية الإسلامية المشاركة في قتل القضية الفلسطينية عبر المشاركة في الحصار والابادة الجارية في غزة)...
هل كان السيد نصرالله يقبل فعلا بكل الذي جرى منذ استشهاده وحتى اليوم؟
هل حُفرت الإنفاق في جنوب الليطاني لكي تُسلم إلى اليونيفيل والى جيش حكومة المندوب السامي الأميركي؟
هل تم بناء أكثر من ٥٠٠ موقع قتال جنوب الليطاني حتى يتم الإنسحاب منها بهذه السهولة وفي مدة أقل من ٦٠ يوما؟
ماذا كان ينقص حزب الله الذي ضم وفق كلام السيد الشهيد نفسه مئة ألف مقاتل قاتلوا حلف الأطلسي في سوريا والحقوا به الهزائم، حتى لا يقاتل في بقعة تزيد مساحتها على اكثر من ٢٠٠٠كلم٢، كما قاتلت حركة حماس التي لم تكن تضم اكثر من ثلاثين الف مقاتل محاصرين في غزة التي لا تزيد مساحتها عن ٣٦٠كلم٢؟...
أين كل الكلام عن القتال الكربلائي الحسيني؟
أين اللطّامون النادمون على العجز عن القتال الى جانب الحسين، وما يجري لأطفال غزة لا يختلف عما حصل لأطفال الحسين في كربلاء؟
أين الاستشهاديون الذين كانوا يحسدون أحمد قصير وسناء محيدلي ويتوعدون الصهاينة بتدمير دباباته على الشاشات وقد سارعوا إلى إخلاء المواقع وتسليم أكثر من ألفي صاروخ كورنيت سليمة ليتم تفجيرها من قبل جيش حكومة فيشي في لبنان؟ (أثناء اجتياح ٨٢، ترك أحد الفصائل جيب عليه دوشكا على مزبلة في شارع الحمراء وهرب العناصر، فقام أحد الصحفيين بإحراقه لإعطاء الإنطباع بأنه تم قصفه ولم يُسلم ويهرب عناصره...)
للتذكير فقط:
حين حاصرت جيوش الملك الآشوري ارتحششتا مدينة صيدا قبل ثلاثة آلاف سنة، قاتل أهلها حتى الرمق الأخير ثم اضرموا النار في المدينة حتى لا يتم سبي نسائهم والتنكيل بالرجال وبيع الأطفال عبيدا...
هل يكفي هذا أم يجب تعليم حزب الله أن القتال الحسيني الكربلائي هو عكس ما فعلوه منذ ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ تماما..
نحن في لبنان تعلمنا المقاومة من منظمة التحرير حين كانت في لبنان؛ وحين خانت المنظمة القضية القومية استلمنا الراية ووصلنا إلى القمة بين سنة ١٩٨٢ وسنة ٢٠٢٣...
بعد كل الخذلان الذي تسبب به حزب الله، علينا التعلم مرة ثانية من تجربة غزة المحاصرة...
ما تفعله غزة، نستطيع فعل أضعافه...
هذه هي العدة التي وعد بها السيد الشهيد حلف الناتو والأميركيين...
لا تقولوا لنا أن سمير جعجع يخيفكم!
لا تقولوا أن خالد الضاهر يساوي فجلة!
لا تقولوا أن الإخوان المسلمين والسلفيين يشكلون خطرا وهم بالفعل انذال ويشكلون وسوف يشكلون دائما خطرا على الوطن!
علينا تجريد السيوف وتحدي أميركا وإسرائيل، وحين يخرج أنذال جعجع والضاهر واحمد الشرع علينا تعليقهم على المشانق كما يستحق كل كلب عميل...
إما هذا، وإما أن تذهبوا إلى البيوت وتتركوا القتال لأهل القتال وهم بالآلاف المؤلفة على طول الجنوب والبقاع وعرضهما...
كفى ضعفا!
كفى مذلة!
إلى الجحيم مع نواف سلام وكل كلاب الأميركيين في لبنان...
اقرأوا تجارب الشعوب:
انتصرت الثورة في الصين فقط حين قرر الحزب الشيوعي الصيني التوقف عن محاولة استرضاء العملاء من أنصار تشان كاي تشيك والانتقال إلى ضربهم بقوة السيف...
ها هي الصين اليوم القطب الثاني في العالم...
لا يمكن الاستمرار بسياسة الاسترخاء والهوان...
ضرب الاميركيين يمر حكما بضرب كلابهم في طول البلد وعرضه...
حليم خاتون



