أعلن فريق دولي من علماء الوراثة عن نتائج دراسة جينية غير مسبوقة، كشفت أن البشر استوطنوا سفوح جبال الهيمالايا منذ أكثر من 10 آلاف عام، أي في وقت أقدم بكثير مما كانت تشير إليه الأدلة الأثرية السابقة، وقد تم التوصل إلى هذا الاكتشاف من خلال فك الشفرة الوراثية الكاملة لعدد كبير من سكان المرتفعات في هذه المنطقة الوعرة.
- أول دراسة للتاريخ الجيني لشعوب الهيمالايا
وقال البروفيسور مارك هابر، الأستاذ المساعد في جامعة "برمنغهام"، إن هذه الدراسة أتاحت لأول مرة فهما دقيقا للتاريخ الوراثي لشعوب جبال الهيمالايا، والآليات البيولوجية التي ساعدتهم على التكيف مع الحياة في ظروف قاسية على ارتفاعات شاهقة. وأضاف: "بفضل العزلة الجغرافية، والهجرات القديمة، والانتقاء الطبيعي، استطاع البشر التكيف مع واحد من أصعب البيئات على كوكب الأرض".
- جينات تكيفية نادرة تساعد على البقاء في بيئات منخفضة الأكسجين
أظهرت الدراسة أن سكان الهيمالايا يتشاركون طفرات جينية نادرة تساعد على تحمل مستويات الأكسجين المنخفضة، بما في ذلك الطفرة الشهيرة في جين EPAS1 الموروثة من الإنسان القديم المعروف بـ"الدينيسوفان"، كما تم رصد عشرات الطفرات الأخرى المرتبطة بوظائف الجهاز التنفسي والأيض والمناعة والنشاط البدني، وهي طفرات لا توجد عند سكان الأراضي المنخفضة.
- فك الشيفرة الوراثية لـ87 شخصاً من 16 منطقة جبلية
جمع الباحثون بيانات جينية من 87 فردا يمثلون 16 مجموعة سكانية مختلفة من جبال التبت والمناطق المجاورة في الصين والهند وبوتان ونيبال، وتمكن الفريق من تحديد أكثر من 5 ملايين تباين جيني نقطي (SNPs)، بعضها لم يُسجّل من قبل لدى شعوب أخرى، مما يعكس تاريخًا تطوريًا خاصًا بهذه المجموعات البشرية الجبلية.
- استيطان أقدم مما تشير إليه الأدلة الأثرية
أكد الباحثون أن استيطان البشر لهذه المناطق بدأ قبل أكثر من 10,000 سنة، أي قبل آلاف السنين من التقديرات السابقة المستندة إلى الحفريات، وتشير البيانات إلى أن أسلاف سكان الهيمالايا الحاليين هم أوائل من استوطنوا تلك المرتفعات، وقد نشأت بينهم تقاربات وراثية واضحة عبر الأجيال.
- جبال الهيمالايا لم تكن حاجزاً قديماً كما اعتقد المؤرخون
كشفت الدراسة أيضا عن أدلة على هجرات جماعية تاريخية بين مناطق الهيمالايا، وخصوصا خلال فترة سلالة غوبتا في الهند والإمبراطورية التبتية، مما يُثبت أن هذه السلاسل الجبلية لم تكن عائقا منيعا أمام التنقل والتبادل الحضاري، كما كان يُعتقد سابقا.
