كتب الأستاذ حليم خاتون:
عندما سئل أحد الفلاسفة عن رأيه في الحرب العالمية الأولى بُعيد اندلاعها، أجاب بجملة واحدة اختصرت المشهد وأرجعته إلى الوضوح الذي يفهمه العامة من الناس البسطاء الذين لا يرون من الامور إلا ظواهرها؛ قال:
"هو خلاف بين أحفاد الملكة فيكتوريا على تقاسم الإرث!"
المعروف أن الملكة فيكتوريا الإنجليزية كانت متزوجة من أمير ألماني كان في ذلك الزمن شقيق القيصر البروسي الصغير؛ وهذا ما يجعل من ورثة العرشين الإنجليزي والألماني حفيدين لنفس سلالة الملكة فيكتوريا...
بالطبع، لم يكن غائبا عن بال الفيلسوف أن الحرب وقعت بسبب الخلاف على ملكية المستعمرات بين الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، والإمبراطورية البروسية الصاعدة (ألمانيا)...
كان ملوك أوروبا يتزاوجون فيما بينهم بغض النظر عن اختلاف مذاهبهم الدينية دون أن يمنعهم ذلك من شن الحروب على بعضهم البعض للاستيلاء على ما يمكن من الأراضي واستعمارها وتحقيق الثروات عبر نهب ثروات شعوب هذه الأراضي...
ملوك أوروبا كانوا أبناء عم وخال على اختلاف مذاهبهم؛ المهم كان مصالح هذه العائلات المالكة...
لا ينتشر الجهل والتعصب الأعمى وقلة البصيرة إلا عند عامة الناس، سوريا والأردن والخليج والمغرب أكبر مثال...
أمّا "علية!" القوم؛ فالدين والمذهب آخر همهم أمام لغة المصالح...
ما كان ينطبق على الطبقة الحاكمة في أوروبا، ينطبق أيضا عندنا...
هكذا نرى إردوغان السُنّي يضع يده في يد إقبال علييف الشيعي ويقوم الإثنان مع اسرائيل بمساندة الجحش السوري/ الصهيوني الملقب بالجولاني حتى لو قام كلاب هذا الأخير بكل الأعمال الوحشية التي يُعتبر الصهاينة أساتذة فيها...
ولكي تكتمل الصورة كما في البلاط الأوروبي، يخرج علينا مهرج من قناة الجزيرة لطالما هلل للجولاني ودعاه لذبح الشيعة والعلويين؛ يخرج فيصل قاسم مستنكرا وحشية أحفاد إبن تيمية من كلاب الجولاني الآتين مباشرة من فكر القرون الوسطى لأنهم هذه المرة "دقوا" بأبناء طائفته من الموحدين من مساكين سوريا التي وقعت بفضل مؤامرة إسرائيلية اميركية قامت بشراء تركيا وروسيا بأموال خليجية كرها بقزم رغم جبنه وحقارته إلا أنه وصف حكام العرب على حقيقتهم حين خاطبهم كأشباه رجال...
علييف الشيعي كان يصدّر إلى إسرائيل عبر تركيا، وبرضى إردوغان السُنّي ٤٠% من الوقود المطلوب للطائرات والدبابات التي كانت تدك غزة...
بينما كان برازاني كردستان العراق السُنّي يتكفل بتصدير ما يكفي لتغطية النقص في الوقود إلى إسرائيل عبر وبرضى إردوغان السُنّي الذي يطلع علينا صبحا ومساء بإدانة الإبادة في غزة باسم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين؛ تلك الابادة التي يقوم هو نفسه بتأمين أدواتها...
أما الخلافات بين العائلات السُنّية الحاكمة في الخليج التي وصلت إلى عزل وحصار قطر في زمن ما؛ فقد اختفت جميعها أمام الطلب الأميركي بالتصدي للصواريخ الشيعية الإيرانية دفاعا عن أبناء عمومة العرب من اليهود الصهاينة...
كلاب الشيعة التقوا مع كلاب السُنّة على مصلحة وهدف يتمحور حول كيفية القضاء على تحالف فقراء الشيعة في لبنان واليمن والعراق مع فقراء السُنّة في فلسطين...
كان المنظر مقززا على الشاشة...
حمير وبغال السُنّة في سوريا يتهمون فقراء الموحدين الدروز بالعمالة لاسرائيل ويقومون بإهانتهم ونهب ممتلكاتهم بينما كبير هؤلاء الأجحاش (جمع جحش والجحش في هذه المقارنة مظلوم) التقى مع الاسرائيليين بوساطة تركيا السُنّية في عاصمة أذربيجان الشيعية باكو للاتفاق على تأدية فروع الطاعة للصهيونية...
كلاب السُنّة وكلاب الشيعة في مكان مع أميركا وإسرائيل ضد مساكين السُنّة ومساكين الشيعة تحت القصف في فلسطين ولبنان...
مكرم رباح الشيعي او خالد الضاهر السُنّي، لا يختلفان في شيء...
الإثنان كلبان في جيب الإسرائيلي...
رحم الله أمة ضحكت من غبائها الأمم...