توصلت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Medicine إلى أن أداة جديدة لتوقع مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، تُعرف باسم معادلات PREVENT، توفر تقديرات أكثر دقة لمخاطر أمراض القلب مقارنة بالنماذج التقليدية المستخدمة حاليا، وذلك دون استخدام العرق كعامل تنبؤ.
طُوّرت هذه الأداة عام 2023 بواسطة جمعية القلب الأمريكية (AHA) بقيادة الباحثة سادية خان، أستاذة علم الأوبئة القلبية بجامعة نورث وسترن، التي أشارت إلى أن هذه المعادلات قد تُحدث ثورة في أساليب الوقاية والرعاية الصحية، خاصة في المجتمعات المتنوعة والمعرضة للخطر.
معادلات PREVENT تقييم خالٍ من التحيز العرقي
في سابقة علمية مهمة، لا تعتمد معادلات PREVENT على العرق كمؤشر للمخاطر، بل تركز على العوامل السريرية والاجتماعية الأخرى الأكثر تأثيرا، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، وعلّقت خان على هذا التوجه قائلة: "العرق ليس عاملا بيولوجيا بل هو بناء اجتماعي، استخدامه في النماذج الطبية قد يكرس التمييز ويعطي انطباعا خاطئا بأن بعض الأجناس أكثر عرضة بيولوجيًا لأمراض القلب، بينما السبب الحقيقي يكمن في العوامل الاجتماعية مثل التمييز والعنصرية."
حللت الدراسة بيانات من مستودع بيانات المحاربين القدامى في الولايات المتحدة (VHA)، شملت أكثر من 2.5 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاما، ولم يكن لديهم تاريخ سابق بأمراض القلب أو الفشل الكلوي، تنوّعت العينة عرقيا لتشمل أمريكيين من أصول آسيوية، وإسبانية، وأفارقة غير إسبان، وبيض غير إسبان، وغيرهم.
وباستخدام معادلات PREVENT، قام الباحثون بتقدير خطر الإصابة بأمراض القلب خلال عشر سنوات، ووجدوا أن النموذج يقدم أداءً دقيقًا ومتوازنًا عبر جميع الفئات العرقية، متفوقا على النموذج التقليدي المعروف باسم Pooled Cohort Equations.
الأداة تلتقط تأثير العنصرية دون تضمين العرق
رغم عدم إدراج العرق صراحةً، إلا أن النموذج ينجح في التقاط آثار العنصرية البنيوية من خلال العوامل المرتبطة بها، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري. تقول خان: "معادلات PREVENT تترجم تأثير التجارب المجتمعية القاسية على صحة القلب، دون أن تقع في فخ استخدام العرق كمؤشر مباشر."
كما تؤكد أن تقديم رعاية مختلفة استنادا إلى العرق قد يكون ضارا وغير علمي.
تحسين الرعاية الوقائية وتخصيص العلاج
يساعد نموذج PREVENT الأطباء على اكتشاف الأشخاص الأكثر عرضة للخطر قبل ظهور الأعراض، مما يتيح اتخاذ خطوات وقائية مبكرة، مثل برامج التمارين المنظمة، أو الأدوية الحديثة مثل ناهضات مستقبل GLP-1 (مثل سيماجلوتايد) لتحسين النتائج القلبية.
وأضافت خان: "إذا استطعنا تحديد المرضى المعرضين للخطر في وقت مبكر، يمكننا تغيير المسار عبر التوعية الصحية أو العلاج الدوائي قبل تطور المرض، وهذا يساهم في تقليل تكاليف الرعاية الصحية وتحسين نوعية الحياة."
استخدام PREVENT عالميًا وتخصيص الرعاية
تعمل خان وفريقها حاليًا على توسيع استخدام PREVENT عالميًا، ودراسة كيفية تخصيص التدخلات بناءً على الملف الشخصي لكل مريض.
وتختتم خان: "النماذج التنبؤية الدقيقة، مثل PREVENT، هي أدوات لا غنى عنها في الطب الوقائي الحديث، وستُحدث فارقا كبيرا في تحسين النتائج الصحية وتقليل الأعباء الاقتصادية."