جمهورية الموز تحققت .... هي البداية و التقسيم جاري..
مقالات
جمهورية الموز تحققت .... هي البداية و التقسيم جاري..
علي وطفي
20 تموز 2025 , 15:58 م


كانت المفاجأة بسرعة إسقاط النظام و اختيار هذا الفصيل المتعدد الجنسيات ليس صدفة او عن عبث بل تبين انه تقاطع استخباراتي على مستويين تم اختياره من كيانات و مجالس إئتلافات معارضة للنظام السابق ، السبب ان قادته على رؤوسهم مطرقة الإرهاب و العدالة الغربية ، لذلك لا تنتظروا البشائر أيها السوريون و لا اجندة وطنية و من يطبل لهم اليوم ، فلا شيء جديد هم نفاق من المحيط إلى المحيط ، بالمختصر هم الاداة المنفذة و تناسب المرحلة للعبة الكبرى الجارية و التحديث وارد.

إنها جمهورية الموز ، الوصف الذي ينطبق على دمشق السياسية اليوم بعد ان كانت سورية لها من الوزن ما كان يجعل تجاوزها في الإقليم بل و في العالم امر فيه من الصعوبة الكثير ، اما قصف قصر الرئاسة و وزارة الدفاع و هيئة الاركان في قلب قلب دمشق لم يحدث ذلك على اعتقد إلا في حرب تشرين 1973و بضرر بسيط و كان متبادل كما في حالة الحرب مع عدو شرس إنه امر متوقع ، اذا من الواضح ان تنصيب تنظيم فتح الشام كان بشروط يجب عليه تنفيذها ، أولها و الاهم كان حل الجيش و ترك مقدراته في العراء دون كوادره ، بمعنى أن سلطة الانقلاب الدولي كان مهمتها تحضير المسرح السوري لإبادة قوة البلد الرادعة من أجل استباحة تل ابيب الارض و السماء السوريتين و هو ما رأيناه و لمسناه منذ لحظة خروج النظام السابق و اليوم بات الشك يقين تقريبا ثم القتل المتنقلة و الدائم إلى مجازر الساحل الانتقالية ممن سلم سلاحه و تعطي الامان و كانت الحلقة الاولى ثم تلا ذلك تفجير الكنيسة و اليوم ثالثها مجزرة السويداء و هو احد مخارج الاتفاق الضمني في اذربيجان بين استخبارات الدول التي اجتمعت هذه المجازر الثلاثة المتنقلة هي بمثابة التحضير النفسي لتفتيت المجتمع السوري و إقامة حواجز نفسية من البغض و الكراهية فيه التي لن تزول و قد تم الامر ، ربما الحلقة الرابعة جاري تحضيرها في شرق الفرات بتنسيق بموافقة تركية اسرائيلية و من ورائهما دوائر القرار الاعلى .

ان يتم تدمير رمز سيادي لدولة كانت بالحد الادنى تحتفظ بشيء من المنعة العسكرية على المستوى الاستراتيجي تخفي إمكانات ليست سهلة لحالة الحرب الشاملة مع الكيان و الدليل كمية الغارات و الوقاحة و الاستخفاف و مداها على كامل الجغرافيا السورية و ليس اعتداءات هنا و هناك كما كان يحصل طيلة فترة الحرب على و في سورية إلى ان تتجول الدبابات عمليا إلى مشارف دمشق و اصبحت الحدود مشلعة و وهمية أي البلد أضحى باب بلا بواب...!

إنها فرصة لن تتكرر ل(نيرون) الشرق الاوسط نتنياهو ان يفعل ما يريد و يفتعل بمن يريد و الكل يتلمس راسه ، إلا من بيانات رفع العتب و حفظ ماء الوجه إن كان قد بقي منه شيء.؟

اذا احداث السويداء هي بشكل نهائي و تلقائيا اسقطتها في احضان تل أبيب ، لينطبق مثل- كما المستجير من الرمضاء بالنار ، و قد تكون الخطوة الاولى العملية الى الإنفصال و كل ما يخرج إلى العلن هو استخفاف بعقول الجمهور ، يسعون بالسراج و الفتيلة لإرضاء امريكا و يعني إسرائيل بالضرورة و هو ما نراه في كل تحرك دبلوماسي سوري للسلطة المؤقتة اليوم و عمليا لماذا التفاوض و تل ابيب تاخذ ما تريد دون استشارة او خوف من حكام دمشق اليوم فالارض السورية مستباحة و اصبحت ارض مشاع تدخلها قوات الاحتلال متى تشاء ولو ارادت الوصول إلى قصر الرئاسة لن يتعرض احدا له و إن رغبوا بتناول بوظة بكداش في سوق الحميدية سوف يكون ذلك ضيافةً.... أهذه هي دمشق ..؟ حتى الآن لم يبدأ اذرعي بإعلان مناطق للإخلاء قبل قصفها و لو اراد افعل ، اية مهانة و ذل ، فقط للبقاء على كرسي السلطة داخل اسوار القصر الذي ايضا لم يصبح آمن و هو رمز الدولة و عنوان سيادتها ، و حال القصر يذكرنا بشيء ما من بطل ''جنرال مئة عام من العزلة" لشيخ الكتاب العالمي ماركيز.... و ربما قريبا يتم تغيير طاقم الحكم بالكامل لغسل كل دماء الكبرياء التي سالت ، في محاولة لإظهار إنسانية النظام الغربي الراعي من جديد و اسكات الراي العام هناك و المجتمع السوري.

للتذكير اربع عشرة عام من الحرب و قبل ذلك لم تتجرأ تل أبيب تصل إلى هكذا مستوى من الفجور و العنجهية و المدى ، هذا يفسر و يدحض كل اكذوبة الثورة و الثوار و منظرييها الذين اختفوا اليوم ، اين الحرية و الديمقراطية اللتين (ثاروا) من اجلها و كأن البلد اصبح سبية ، فقط تبدل الحاكم و المصفقين له ، لا اصوات استنكار و لا بيانات من قادة الفكر و الادب و الفن الذي خرجوا في بيان "حليب درعا" بداية الاحداث و من قلب العاصمة دمشق ، اليوم اصبحوا نعامات و كأن المجازر المتنقلة جرت في نيجيريا و ليس بحق السوريين على ما يبدو ..! اذا نحن على طريق باتجاه واحد , التقسيم الجغرافي بعد التقسيم الاجتماعي و الطائفي و الاقسى هو النفسي الذي يجري زرعه في الاجيال .

انكسر عامود السماء تبددت الاسطورة بعد ان تحكمت الدئاب الإقليمية و من ورائها الدولية بكل مفاصل ما كان يعرف بدولة و اذا السؤال الذي لابد من طرحه ما الفرق بين النظام السابق و الحالي ، سابقا التفوه بالطائفية و المذهبية كانت من المحرمات على السوري تداولها و التعامل من خلال مؤسسات و نهج اقله على الصعيد الخارجي فيه كثير من الاستقلالية و الكل يطلب و يحج إلى عاصمة الامويين بسبب ثقله في الإقليم ، و أما اصحاب شعار "من يحرر يقرر" صحيح من حيث المبدأ و نقر بها و هما النيوعثمانية و الصهوينية هما من قاما و أدارا الانقلاب و اوصلتهم إلى كرسي السلطة و حقيقة هما من يقرر على ارض الواقع و ليس احد آخر في السلطة الانتقالية ، و هناك امر آخر يغيب عن ذهن الكثيرين و هو دور من تلقى الهزيمة في القضية السورية ، أي إيران و روسيا و معهم الصين ، أعتقد لم يبدأ الجد بعد ، و لا اعتقد ل انهم رفعو الراية البيضاء و لكن ربما هناك إعادة تقدير موقف و تحضير بانتظار الوقت و اللحظة المناسبتين لخلط اوراق التي يحاول المنتصرين اليوم ترتيبها كما يشاؤون.

اما العامل الجديد القديم هو مشروع أنبوب غاز إمارة قطر و مشروع غاز اذربيجان و كلاهما إلى السوق الاوروبية ، اتى ذلك بعد الطلاق على ما يبدو بين باكو و موسكو و الاهم مشروع غاز اسرائيل إلى اوروبا التي لن تسمح لأحد في السيطرة على تلك السوق و هنا نلاحظ التقارب الروسي الاسرائيلي اليوم ، و ثمة ما يجري في الخفاء بين العاصمتين لمنع هذه المشاريع ، هذا التشابك و التطاحن الواضح و المخفي على كل المستويات عربياً ، اقليميا و دوليا الجاري اليوم في شرق المتوسط إلى البحر الاسود و قزوين ، بينما السوريون بحالة يرثى لها من التخدير و الضياع و البحث عن لقمة العيش ، زد على كل ما يجري أمنياً الانهيار الإقتصادي و كذبة إسقاط العقوبات مع الاستثمارات الخليجية و ما هي إلا احلام يقظة و واضح ، و الإقتصاد على الارض.

إن الشعب السوري واضح بين حجريّ الرحى و جاري طحنه ، هي لعبة المصالح المتوحشة لكل الاطراف و التي لا تقيم وزن للإنسان ، و السؤال إلى متى.؟ على ما يبدو مازلنا في بداية التسخين و القادم لن تحمد عقباه و اتمنى ان اكون على خطا أو حتى خطيئة في رقبتي لأحملها إلى يوم الدين على الا تصبح هذه الافكار التي سردتها في كلماتي واقع .

إنها اكبر عملية خداع للشعب السوري و لا يوجد دكتاتورا بزيت و ديكتاتور بسمنة ، و ها نحن نحصد نتائجها ، التي كثير من العقلاء حذروا منها في بداية الازمة و لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري