عبد الحميد كناكري خوجة: ”سياسة الغاصب: أذى وأسى، شظى ولظى، جرثمة وشرذمة“
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: ”سياسة الغاصب: أذى وأسى، شظى ولظى، جرثمة وشرذمة“


في زمن مضطرب، تتصارع فيه الحقائق مع الأكاذيب، تظهر سياسة الكيان المحتل لفلسطين كأنها جينالوجيا للأذى، تعيد إنتاج الألم والشرذمة والفساد في كل جيل، عبر أدوات حديثة، وإيديولوجية مختلطة بالنرجسية، وتاريخ يعاد تدويره بمهارة لاتخلو من تزوير و تحوير وتحريف.

منذ نشأته لم يكن الورم الخبيث أو الغدة السرطانية سوى مشروع خارجي، إستزرع على أنقاض حضارة، وزرع في خاصرة الأمة كخنجر مسموم تحت رعاية تحالف أوليغارشي_بورجوازي يخدم مصالح الغرب، يغطي على جرائمه بدروع إعلامية مدفوعة، وشبكات تكنولوجية سيبرانية، تتحكم بالعقول والخرائط والأصوات.

فالأخطر مافي الأمر لايكمن في الإحتلال العسكري وحده بل في الإحتلال الثقافي.

لقد تسرب الكيان إلى المنظومة التعليمية البيداغوجية وألعاب الأطفال وأفلام الرسوم المتحركة، ليروج سياسة الإنحراف الأخلاقي، ويشجع اللواط والشواذ والشذوذ والنشاز الإجتماعي، ويحاصر القيم الفطرية تحت شعارات ”التسامح“ ”والتحرر“ أي تحرر هنا؟ كيف تبرر أنظمة تتظاهر بالتدين هذا الإنحراف؟ كيف تسوق لشعوبها هذا الخراب، ثم تصلي صلاة الجماعة أمام عدسات الكاميرات؟ هؤلاء هم المنبطحون تحت خيمة الهرولة، ينفقون الترليونات على حكومتي الشيطانين الأكبر والأصغر، ويبيعون قضايا الأمة في ”بورصة التطبيع“. من الواضح والمؤكد أن سياسة الكيان المحتل لاتتوقف عند الإحتلال الميداني، بل تتعداه إلى الإختراق السيبراني والتجسس. أجهزة تنصت تزرع بطرق خبيثة شيطانية، تطبيقات تجسس، و برامج تراقب أنفاس المثقفين والنخب، بل حتى الطابور الرابع أخذ على عاتقه تبرير تلك الأفعال، تحت مسميات ”التحديث“ والواقعية السياسية “

في المقابل، المقاومة ليست خيارا، بل واجب ديني وطني وأخلاقي. إنها فعل الوجود في وجه الفناء، وهي صرخة كرامة في وجه الذل والطغيان.

وعلى مقولة أحد الفلاسفة: ”من لايملك مايموت لأجله، لايملك مايعيش من أجله“ وأنا من جهتي أصرح ”من لايقف مع فلسطين اليوم، سيكون غدا بلا خريطة، بلا هوية بلا تاريخ. إن مانشهده اليوم من أفول نجم الكيان الفاشي وتراجع هيبته وصعود وتيرة الوعي الشعبي هو بشارة، لاتخطئها عين. في زمن تختلط فيه الحقيقة بالكوميديا والواقع بالتراجيديا، والرمادي يصبح معيارا، تبقى ريحانة بلاد الشام ”فلسطين“ بيضاء ناصعة، تفضح وتسقط الأقنعة عن كل الوجوه الزائفة و السافرة إن جاز لي التعبير. وإن علت أصوات الذباب الإلكتروني، وشد الفضاء الأزرق بصخبهم وضجيجهم، فصوت قدس الأقداس وبيت لحم أصدق وجرح غزة العزة أبلغ، وأمل التحرير أقرب مما يتوهم المتخاذلون.

سياسة تل أبيب ليست إستثناءا ”عن كل نازية مرت، بل إمتداد لها بثوب رقمي، مدعوم بأرضية صلبة ”ودعم لوجستي“ ” وحقيبة أعمال“ لاتعرف الضمير.

و لذلك فإن التحذير واجب، والمقاومة شرف، والسكوت خيانة. ”ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين( آل عمران: 139 ) وستبقى فلسطين بوصلة الوعي، رغم التزوير، ورغم الجينيريشن المنوم, ورغم الحوار البيزنطي الذي يقنع الخيانة والتخاذل.

مفكر سوري وفنان وطني في الغربة

المصدر: موقع إضاءات الإخباري