جمال عبد الناصر: الحلم الذي دوّى في كل بيت
تمرّ ذكرى ثورة 23 يوليو، فلا نذكر فقط لحظة الانقلاب على الملكية، بل نتذكر رجلاً حمل همّ الأمة على كتفيه، اسمه جمال عبد الناصر.
ذلك الضابط الشاب الذي تحوّل إلى رمز للكرامة العربية، وقائدٍ لحركات التحرر في إفريقيا وآسيا، وملهمٍ لجيلٍ آمن بالوحدة والعدالة الاجتماعية والتحرر من الاستعمار.
مصر ... حين كانت بوصلة الأحرار
في الخمسينيات والستينيات، كانت مصر القلب النابض للعالم العربي.
كان صوتها يُحسب له ألف حساب، من الجزائر إلى عدن، والرياض ودمشق ومن بغداد إلى الخرطوم.
لم تكن القاهرة تنساق خلف أحد، بل كانت تصنع الحدث وتفرض المعادلات.
من الريادة إلى الحياد ... ما الذي تغيّر؟
اليوم، تعيش مصر على إيقاع داخلي معقّد، وواقع إقليمي يفرض عليها أولويات مختلفة.
ضعف الدور الخارجي، وتراجع الحضور في ملفات الأمة، دفع كثيرين للتساؤل:
هل يمكن لمصر أن تعود كما كانت؟ أم أن قطار الريادة قد غادر محطّتها؟
العودة ممكنة ... لكن بشروط الأمة .
العودة ليست مستحيلة.
مصر تملك عناصر القوّة: شعب عريق، موقع استراتيجي، جيش قوي، وتاريخ من التأثير.
لكن العودة تقتضي رؤية شاملة:
رؤية تؤمن بأن أمن العرب من أمن مصر، وأن فلسطين ليست ملفاً سياسياً بل قضية هوية،
وأن دعم الشعوب لا يأتي ببيانات الخارجية، بل بالمواقف والسياسات.
بين يوليو الأمس ويوليو اليوم ... ماذا بقي؟
بقي الحنين، وبقي الحلم.
لكن الأوطان لا تُبنى بالذكريات فقط، بل بالوعي والإرادة.
ولعلّ ذكرى يوليو تكون فرصة لمراجعة عميقة:
هل ما زلنا نؤمن بأن الكرامة لا تُشترى؟
وأن زعامة مصر الحقيقية، ليست في صفقات السلاح، بل في موقعها من قضايا الأمة؟
كلمة أخيرة
جمال عبد الناصر لم يكن ملاكاً، لكنه كان قائداً له مشروع.
وقد أخطأ وأصاب، لكنه لم يبع، ولم يهادن، ولم يساوم.
فهل آن لمصر أن تستعيد عبد الناصر مجدداَ ؟
لا نسخةً من الماضي، بل روحاً تُلهم المستقبل.