كشف باحثون من جامعة إلينوي في إربانا-شامبين، بالتعاون مع مايو كلينك وجامعة تكساس في أوستن، عن اختلافات جوهرية بين تكلسات الثدي الحميدة والخبيثة، على الرغم من تشابهها الظاهري في صور الماموغرام، وقد نُشرت هذه الدراسة الرائدة في مجلة Scientific Reports.
دراسة متعددة التخصصات تُحدث تحولا في تشخيص سرطان الثدي
يقول البروفيسور بروس فوك، قائد الدراسة وأستاذ علوم الأرض والتغير البيئي ومدير مركز روي جي. كارفر للتقنيات الحيوية: "تُعد التكلسات الكثيفة شائعة في نسيج الثدي، ويمكن رؤيتها بوضوح في الماموغرام، مما يتيح تصنيفها كحميدة أو مشبوهة، لكن الغالبية العظمى من الخزعات الناتجة عن الشكوك تكون في النهاية حميدة، مما يعني أن العديد من النساء خضعن لإجراءات مؤلمة بلا داعٍ، نريد تحسين دقة الماموغرامات لتمييز أفضل بين المرض الحميد وسرطان الثدي."
تحليل تفصيلي يكشف خصائص جديدة في تكوّن التكلسات
استخدم الفريق البحثي اثنتي عشرة تقنية تحليل مختلفة، منها المجاهر الضوئية والليزرية والإلكترونية، بالإضافة إلى تقنيات طيف الأشعة السينية وطيف رامان، لفحص عينات من نسيج ثدي أُزيل خلال عمليات جراحية ضمن دراسة طويلة الأمد في مايو كلينك، شملت العينات حالات من مرض الثدي الحميد (BBD) وسرطان الأقنية الموضعي (DCIS)، وهو نوع غير غازٍ من السرطان قد يتطور لاحقا.
فرق واضح بين التكلسات الحميدة والخبيثة قد يقلل من العمليات غير الضرورية
ويضيف الباحث المشارك ماياندي سيفاجورو، مدير منشأة علم الخلايا والمجاهر في مركز كارفر للتقنيات الحيوية: "طورتُ وفريقي ترسانة تحليلية لفهم آليات التمعدن المعقدة، الدراسات السابقة غالبا ما اعتمدت على تقنيتين فقط، ما يفوّت التقييم الشامل لصحة الثدي وتطور المرض. نحن بحاجة إلى منهجية متكاملة لرؤية الصورة الكاملة."

ومن أهم الاكتشافات، أن التكلسات تتكون من فوسفات الكالسيوم غير المتبلور (ACP)، وليس من النوع البلوري المعروف في العظام (الهيدروكسي أباتيت)، كما كان يُعتقد سابقا. ويتميّز ACP بقدرته على إعادة التشكّل، ما جعله موضع اهتمام في تتبع نشأة التكلسات.
وقد كشفت الدراسة أن التكلسات الحميدة تتكوّن من كرات صغيرة متراكزة، بينما تكون التكلسات السرطانية أكثر استطالة وتوزيعا غير منتظم، وبعضها أظهر خصائص مشابهة لعملية التحجّر كما في الأخشاب المتحجرة.
إمكانية علاج التكلسات الحميدة بدلا من الخضوع للخزعات
يقول فوك: "لقد وضعنا تصنيفا جديدا تماما للتكلسات، يعكس الاختلافات الفيزيولوجية في نسيج الثدي، والتي ترتبط بقوة بتصنيف العينات ما إذا كانت حميدة أو مشبوهة."
والأهم من ذلك، أن معرفة أن التكلسات مكوّنة من ACP وليس من الهيدروكسي أباتيت، يفتح الباب أمام علاج محتمل لها، إذ توجد أدوية يمكنها إذابة ترسبات ACP، هذا يعني تقليل عدد الخزعات غير الضرورية، وتوفير ملايين الإجراءات المؤلمة كل عام.
تعاون علمي بين جامعة إلينوي ومايو كلينك يفتح آفاقا علاجية جديدة
وفي تعليق على أهمية التعاون البحثي، قال الدكتور روهيت بهارغافا، مدير مركز السرطان في جامعة إلينوي:
"لقد مزجنا بين أدوات تحليل حديثة ومعرفة جيولوجية وصحية لتقديم رؤية جديدة عن سرطان الثدي، وقد يقود هذا التعاون إلى تحسين جودة الرعاية الصحية في المستقبل."
خارطة طريق لأبحاث مستقبلية في علاج سرطان الثدي
ويخطط الباحثون لاحقا لدراسة التكلسات في المراحل المتقدمة من سرطان الثدي الغازي، إضافة إلى استخدام جهاز GeoBioCell، وهو جهاز ميكروسيولي تجريبي طوره الفريق، لدراسة كيفية تطوّر التكلسات وتأثير بعض العوامل مثل شرب الماء أو النباتات الطبية عليها.
يقول فوك في الختام: "هدفنا هو التنبؤ بتشكل التكلسات والوقاية منها، وتحسين دقة الماموغرامات، ووضع أساس علمي لتطوير علاجات فعالة."