هل مضادات الاكتئاب آمنة للمراهقين؟ إليك ما يقوله العلم
منوعات
هل مضادات الاكتئاب آمنة للمراهقين؟ إليك ما يقوله العلم
31 تموز 2025 , 12:07 م

كشف استطلاع أجرته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC) في عام 2023 أن 40% من طلاب المدارس الثانوية يعانون من مشاعر حزن أو يأس مطولة، ارتفاعا من 30% في عام 2013، كما أفاد 20% منهم بأنهم فكروا جديا في الانتحار، بزيادة 3 نقاط خلال عشر سنوات فقط، النسب كانت أعلى بكثير بين الفتيات (53%) والمراهقين من مجتمع الميم (65%).

رغم أن 4.5% فقط من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و25 عاما حصلوا على وصفة لمضادات الاكتئاب  في 2022، إلا أن معدلات الوصفات ارتفعت في العقد الأخير، وخاصة خلال جائحة كوفيد-19، لا سيما بين الفتيات والمراهقات.

كيف تعمل مضادات الاكتئاب؟

الأدوية الأكثر استخداما في علاج الاكتئاب عند المراهقين تنتمي إلى فئة "مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية" (SSRIs)، التي تعمل على زيادة تركيز السيروتونين في الدماغ من خلال منع امتصاصه مرة أخرى من قبل الخلايا العصبية، ورغم الجدل حول نظرية "الخلل الكيميائي"، إلا أن الدراسات تؤكد فعالية هذه الأدوية في علاج اضطراب الاكتئاب الشديد، واضطراب القلق العام، واضطراب الوسواس القهري لدى المراهقين.

وتشمل هذه الأدوية أربعة أنواع معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) للأطفال والمراهقين، في حين يُستخدم غيرها بوصفات خارج نطاق الترخيص (off-label)، وتتشابه الأعراض الجانبية لدى المراهقين مع البالغين، مثل زيادة الوزن، واضطرابات هضمية، وضعف الرغبة الجنسية، والأرق.

متى يُنصح بوصف مضادات الاكتئاب؟

الدكتورة جينيفر ديرين، أستاذة الطب النفسي في جامعة ستانفورد، تؤكد أن الأدوية لا تُستخدم إلا بعد تشخيص سريري دقيق باضطراب نفسي كالاكتئاب الشديد أو القلق العام. وتضيف: "لا يعني مجرد وجود أعراض الاكتئاب أننا بحاجة مباشرة إلى الدواء، فالعلاج السلوكي المعرفي (CBT) يمكن أن يكون فعالا جدا خاصة في حالات الاكتئاب الخفيف".

أما في حالات الاكتئاب المتوسط إلى الشديد، فإن الجمع بين مضادات الاكتئاب والعلاج بالكلام يعتبر نهجا أوليا فعالا.

كيف نعرف أن المراهق بحاجة إلى المساعدة؟

من الصعب أحيانا التمييز بين تقلبات المزاج الطبيعية في فترة المراهقة والأعراض المرضية، الدكتور أنطونيو هاردان، مدير قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في ستانفورد، يقترح مراقبة ثلاث مجالات: العلاقة مع العائلة، الأداء الدراسي، والعلاقات الاجتماعية. أي تغيّر سلبي في هذه الجوانب الثلاثة قد يكون مؤشرًا على اضطراب نفسي أو مشكلة أعمق تستدعي تدخلا متخصصا.

تحذير "الصندوق الأسود" المثير للجدل

في عام 2004، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحذيرا من النوع "الصندوق الأسود"، ينبه إلى احتمال زيادة الأفكار والسلوكيات الانتحارية لدى المراهقين الذين يتناولون مضادات الاكتئاب، هذا التحذير استند إلى تحليل شمل نحو 400 تجربة سريرية، أظهرت أن 4% من المراهقين الذين تناولوا مضادات الاكتئاب عانوا من أفكار انتحارية، مقارنة بـ2% في مجموعة الدواء الوهمي.

ورغم أن أيا من المشاركين لم يُقدم على الانتحار فعليا، فقد أدى التحذير إلى انخفاض وصف مضادات الاكتئاب بنسبة تتجاوز 30%، مع مفعول جانبي خطير: ارتفاع في معدلات الانتحار بين المراهقين بعد سنوات من انخفاضها.

دور العلاج بالكلام في خطة العلاج

تشير الدراسات إلى أن العلاج السلوكي المعرفي فعّال جدا في علاج الاكتئاب لدى المراهقين، ويكون أكثر فاعلية عند دمجه مع العلاج الدوائي، إلا أن جودة هذا العلاج تختلف من معالج لآخر، بعكس الأدوية التي تتمتع بثبات في التركيب والفعالية.

ويضيف الدكتور هاردان أن إيجاد معالج نفسي جيد يمثل تحديا حقيقيا، خاصة مع نقص الأخصائيين في الولايات المتحدة، حتى في المراكز الطبية الكبرى.

ويتابع: "العلاج يتطلب جهدا مشتركا من الطفل والأهل، فنجاحه لا يعتمد فقط على الجلسات، بل على الالتزام والتطبيق في الحياة اليومية".

القرار النهائي: دواء أم علاج نفسي؟

في النهاية، يبقى القرار بشأن تناول مضادات الاكتئاب قرارا شخصيا وعائليا، حسب ما تراه الدكتورة ديرين، التي تؤكد احترامها الكامل لآراء العائلات، قائلة:

"بصفتي طبيبة نفسية، أرى أن الأدوية أداة مهمة في بعض الحالات، لكنها ليست الحل الوحيد. هناك دائمًا خيارات بديلة يجب مناقشتها بوضوح."

المصدر: Medical Xpress