صمت السلطة اللبنانية وتطابق خطاب نتنياهو وأدرعي: تواطؤ أم تخلي عن السيادة؟
مقالات
صمت السلطة اللبنانية وتطابق خطاب نتنياهو وأدرعي: تواطؤ أم تخلي عن السيادة؟
عدنان علامه
19 آب 2025 , 05:18 ص


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

للمرة الأولى منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، خرج رئيس وزراء العدو نتنياهو، ليؤكد علنًا أنّ عملياته في لبنان، تجري "وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار"، متذرعًا بمواجهة أي "خرق أو محاولة تسلّح، من قبل حزب الله".

والمدهش أنّ هذا التصريح ليس استثناءً، بل هو نفسه المضمون، الذي دأب المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي على تكراره حرفيا، بعد كل عدوان عسكري منذ ذلك التاريخ. مما يثبت وجود تفاهمات سرّية أو إملاءات أمريكية فرضت على لبنان، وتُدار تحت الطاولة، وتؤكد أنّ إسرائيل تعمل بغطاء سياسي لا يمكن أن يتحقق من دون قبول ضمني أو تفويض كلي من السلطة اللبنانية.

والمفارقة الصادمة أنّه طوال هذه الفترة، لم يصدر أي تعليق رسمي، من أي مسؤول لبناني، سواء في حكومة تصريف الأعمال، برئاسة نجيب ميقاتي، أو في عهد الرئيس جوزاف عون، قبل نيل حكومة الرئيس نواف سلاَم الثقة أو بعدها.

وهذا الصمت المريب يطرح أسئلة جدية: هل تخلّت الدولة اللبنانية طوعًا عن سيادتها؟

وهل تركت العدو يفرض معادلاته على الأرض تحت مسمى "وقف إطلاق النار"؟ بينما القرار الدولي 1701 ينص صراحة على انسحاب كامل للإحتلال، ومنع أي وجود مسلح غير شرعي جنوب الليطاني؟

وشهادات اليونيفيل نفسها، تثبت أنّ لبنان عاش هدوءًا نسبيًا دام 17 عامًا بعد حرب تموز 2006، بفضل معادلة الردع التي فرضتها المقاومة وإجبار العدو على الانسحاب وعدم الاعتداء.

اليوم، هذا الهدوء يُفرغ من مضمونه بفعل الخضوع لإملاءات أمريكية تُترجم في خطاب نتنياهو وأدرعي المتطابق، وبفعل تواطؤ رسمي لبناني يرقى إلى التخلي عن حق الدفاع عن الأرض والشعب ( أكثر من 4000 إعتداء).

فالمطلوب فورًا تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في حقيقة ما أعلنه نتنياهو وأدرعي، ولمساءلة الحكومات اللبنانية المتعاقبة، من حكومة ميقاتي وصولًا إلى حكومة سلام، عن أسباب صمتها المخزي وتخلّيها عن السيادة الوطنية لصالح العدو.

وإنّ صمت الرئاسة والحكومة يوازيان الإعتراف الضمني بالاتفاقات السرية، ويفتح الباب أمام استباحة العدو ليس للسيادة في جنوب لبنان فقط بل لتشمل لبنان كله.

إنّ الدفاع عن السيادة ليس خيارًا، بل واجبًا دستوريًا. وأي سلطة تتقاعس عن هذا الواجب تُسجَّل في خانة التفريط بالأرض والتاريخ لحساب العدو الصهيوني؛ والدستور اللبناني يحدد تبعات ذلك.

وإن غدًا لناظره قريب

19 آب/ أغسطس 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري