الألفا بين الذئاب والبشر.. أسطورة قديمة والعلم يكشف أسرار الهيمنة الاجتماعية
منوعات
الألفا بين الذئاب والبشر.. أسطورة قديمة والعلم يكشف أسرار الهيمنة الاجتماعية
7 أيلول 2025 , 13:44 م

ظهر مصطلح "الذكر الألفا" لأول مرة عام 1970 لوصف تنظيم قطيع الذئاب ، وقد صاغه عالم الأحياء ديفيد ميش، لكنه لم يقصد به الإشارة إلى "قائد مطلق" يتحكم في المجموعة، بل وصف به الزوج المهيمن – الذكر والأنثى – اللذين يتوليان اتخاذ القرارات والتكاثر داخل القطيع.

ومع ذلك، سرعان ما خرج المفهوم من سياقه العلمي ليتسلل إلى الثقافة الشعبية، حيث أصبح يُستخدم لوصف شخصية واثقة، مسيطرة، وأحياناً عدوانية.

بعد أكثر من عقدين من نشر نظريته، أوضح ميش أن ملاحظاته اللاحقة أظهرت أن الذئاب في البرية ليست سوى مجموعات عائلية يقودها الأب والأم بشكل طبيعي، لا عبر صراعات دموية أو منافسة شرسة كما شاع في التفسيرات المبسطة.

تحدي الفرضية في عالم الحيوان

أبحاث حديثة أثبتت أن الهيمنة لا تقتصر على الذكور، بل قد تكون للإناث بالكامل في بعض الأنواع مثل الضباع، الحيتان القاتلة، والميركات، وفي الرئيسيات قد تتوزع السلطة بين الجنسين، بينما لدى الأسود الأفريقية يمكن أن يتشكل تحالف من الذكور يتقاسمون المكانة بدلاً من سيطرة فرد واحد.

إذن، هل مفهوم الألفا لا يزال صالحاً؟ يرى علماء الإيكولوجيا السلوكية أنه موجود لكن بصور أكثر تعقيداً مما نتصور.

الديناميكيات الاجتماعية والتراتبية

معظم الحيوانات الاجتماعية تعتمد على هرمية داخلية تحدد الوصول إلى الموارد مثل الغذاء، الشريك، والأراضي. فمثلاً، لدى الدجاجة تسلسل هرمي صارم تتربع فيه أنثى واحدة على القمة، بينما تحتل بقية الإناث مواقع ثابتة في السلم، أما فئران الخلد العارية، فيقودها زوج مهيمن واحد يتولى التكاثر والسيطرة على المستعمرة.

لكن لدى الأنواع الأكثر ذكاءً، مثل الرئيسيات، تصبح العلاقات الاجتماعية أكثر مرونة وتشابكاً. قد يختلف من يتخذ القرار بالتحرك أو مواجهة مجموعة أخرى عن صاحب اليد العليا في الصراعات البدنية.

يؤكد باحثون مثل ديتر لوكاس من معهد ماكس بلانك أن "مفهوم الألفا كقائد مطلق يخفي تعقيدات التوزيع الحقيقي للسلطة داخل المجموعات"، إذ يمكن أن يتغير موقع الفرد من "ألفا" إلى تابع خلال فترات قصيرة، مما يجعل المكانة الاجتماعية أقرب إلى "وظيفة مؤقتة" وليست صفة ثابتة.

الألفا بين الإنسان والحيوان

حتى بين البشر، لا يقتصر "الألفا" على من يملك القوة البدنية، بل قد يتعلق بـالكاريزما، النفوذ الاجتماعي أو المكانة المعنوية، فالقيادة هنا أكثر مرونة مما توحي به الصورة النمطية.

بعض الأنواع تظهر مؤشرات بيولوجية عند تغير المكانة الاجتماعية، مثل الفئران التي يزداد حجم خصاها وإنتاجها من هرمون التستوستيرون عند صعودها لمرتبة مهيمنة، إضافة إلى تغير سلوكياتها مثل كثرة التبول لتحديد الإقليم.

إلا أن العلماء يؤكدون أن النظر إلى مفهوم الألفا باعتباره سلطة مطلقة أمر مبسط ومضلل، فحتى من يفوز في جميع المعارك قد لا يكون صاحب القرار النهائي في توجه المجموعة أو خياراتها.