كتب الدكتور بسام أبوعبدالله
صرّح أحمد الشرع الرئيس السوري الانتقالي، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، مؤخراً لصحفيين عرب أنه ليس امتداداً للإخوان المسلمين، ولا للجماعات السلفية الجهادية، ولا للربيع العربي. هذا التصريح لا يمكن فهمه إلا في سياق محاولاته الدائمة لتسويق نفسه بصورة مختلفة تبعاً للجمهور والمرحلة:
أمام الغرب: يسعى إلى الظهور كـ "فاعل محلي" بعيد عن الإرهاب العالمي، في محاولة للخروج من لوائح التصنيف وكسب شرعية تفاوضية.
أمام الداخل السوري: يقدّم نفسه كقائد "براغماتي" يختلف عن الإخوان والسلفية الجهادية التقليدية، ليبدو وكأنه تجاوز المراحل السابقة ويمثل مشروعاً جديداً.
أمام الداعمين الإقليميين: يرسل إشارات أنه ليس جزءاً من مشروع الإسلام السياسي العابر للحدود، بل لاعب محلي يمكن التعامل معه بأمان.
لكن، تكذيب بي بي سي لخبر بثته سكاي نيوز عربية حول هذا الموضوع يكشف أن رواية الشرع ليست مقنعة ولا متماسكة، بل تعكس تضارباً بين خطابه الدعائي وسجله العملي، بما في ذلك ماضيه القاعدي وعلاقاته الفكرية والتنظيمية السابقة.
وفقاً للمتابعة فالأرجح أنه سيستمر بالكذب على شعبه، وقاعدته الإسلامية المتعصبة والمتطرفة، وهو ما يمكن تسميته بـ التكيّف الخطابي.
هذه الطريقة هي السمة الأبرز لمسيرته منذ انشقاقه عن القاعدة في العراق وصولاً إلى قيادته لـ "هيئة تحرير الشام".
غير أن لهذه الاستراتيجية ثمن باهظ:
فهي تهدد المصداقية أمام قواعده التقليدية.
وفي الوقت نفسه لا تمنحه الثقة الكاملة من القوى الدولية أو الإقليمية.
ومع تراكم هذه التناقضات، يصبح بلا قدرة على التحول إلى قوة شرعية تحظى بإجماع وطني، وقد فقد كثيراً من ثقة الشعب السوري بعد أشهر على توليه السلطة الانتقالية، وقتل آلاف السوريين في مجازر الساحل والسويداء وتفجير الكنيسة في دمشق، وسيفقد ثقة الأطراف الإقليمية والدولية سريعاً، ولن تنفع محاولات الترقيع التي تمارسها القوى الداعمة له.
الجولاني يربح وقتاً بالتلون الخطابي، لكنه يخسر الثقة على المدى الطويل. استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى عزله سياسياً واستراتيجيّاً، بحيث لا الغرب يثق به، ولا الداخل يلتف حوله، ولا الإقليم يراهن عليه بجدية.