بيروت تخسر موقع قيادة حركة التحرر العربية!
مقالات
بيروت تخسر موقع قيادة حركة التحرر العربية!
حليم خاتون
15 أيلول 2025 , 00:43 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

على طرف مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، ترتفع على طريق مطار بيروت صورة كبيرة للشهيد اسماعيل هنية مع شعار كتب باللغتين العربية والإنجليزية يقول:

لن نعترف بإسرائيل!

يبدو الشعار الذي اُستُحضِر من الماضي باهتا بهتان هذا الماضي المشبّع بالهزائم نفسه...

لقد تجاوز الزمن هذا الشعار!

لم يعد المهم عدم الاعتراف بإسرائيل؛ المهم اليوم الانتفاض على كل الواقع المزري والقيام بثورة عنفية شاملة تقضي على كل الدرن المنتشرة في طول العالم العربي وعرضه بعد وصول قمة الجاهلية إلى حكم سوريا، وقبر مشيخات العمالة ودول الموز العربية لنفسها تحت نعل الإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية...

يتذكر القارئ تصريح إبنة الشهيد هنية عقب سقوط الدولة في سوريا حين كتبت على منصة X تقول،

"مبروك للشعب السوري، عقبالنا!"

عقبالنا ماذا يا ابنة أبيك؟!

طارت سوريا، وطار معها محور المقاومة!

يتذكر نفس القارئ كيف ساهم جزء كبير من حركة حماس في إسقاط هذه الدولة السورية، والتآمر عليها...

لم يكن خالد مشعل ولا موسى ابو مرزوق وحيدين في هذا المسعى...

نسي الكثيرون من رجال حركة حماس في سوريا أولوية فلسطين، ورجعوا إلى عصبيتهم المذهبية السُنّية الرجعية الجاهلية حين قاتلوا جنبا إلى جنب مع التكفيريين وعملاء أميركا والصهيونية من اجل إسقاط الدولة السورية في "ربيع عربي" أسس له وأشعله مجموعة من عملاء وقادة الحركة الصهيونية العالمية من أمثال جورج سوروس وبرنار هنري ليفي...

غباء تصريح إبنة هنية لا يضاهيه سوى غباء حركة التحرير الفلسطينية نفسها التي سلمت قيادة حركة التحرر هذه إلى المساوم السُنّي الإخواني ياسر عرفات ومن بعده الى قائد الردة الفلسطينية محمود ابو كرش عباس وفضلتهما على المقاومين المسيحيين الجديرين للقيادة أمثال الدكتور جورج حبش والدكتور وديع حداد...

إنه نفس غباء أهل الجاهلية الذين يعلنون بلا خجل انهم يفضلون إبادة أهل غزة على أن يتلقى هؤلاء الدعم من الشيعة بعد أن تخاذلت الأغلبية العظمى من السُنّة حتى عن مجرد التعبير السلمي عن رفض حرب الإبادة هذه التي تقودها واشنطن عبر كلب الحراسة الإسرائيلي...

ليس شعار هنية سوى صورة رمزية للسقوط الكبير الذي تعاني منه حركات التحرر في المنطقة التي لا تزال تعيش في اسوار عدم الاعتراف بإسرائيل بدل القتال لاستئصال هذه الغدة السرطانية بالمطلق حتى لو كان هذا يستدعي المرور عبر كل العواصم والحواضر العربية للوصول إلى القدس..

على الجانب اللبناني من قضية التحرر والتحرير، تظهر صورة الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام الذين أتيا على ظهر دبابة إسرائيلية تحمل علما اميركيا... كما حملت مباركة، وشبه استسلام لحركة المقاومة اللبنانية...

يحكم لبنان اليوم تحالف أميركي اسرائيلي سعودي يسيطر على السلطتين التنفيذية والقضائية بشكل شبه مطلق عبر جوزيف عون ونواف سلام وغطاء من البطرك الراعي والمفتي دريان؛ وتمتد يد هذا الأخطبوط لتطال قسما كبيرا من السلطة الرابعة الإعلامية، وقسما أكبر منه داخل السلطة التشريعية ممثلا بنواب العمالة المباشرة لأميركا والسعودية والرجعية العربية...

تاريخ التبعية السعودية للصهيونية ليس وليد اليوم، ولم يبدأ مع محمد بن سلمان أو بندر بن سلطان...

إنه تاريخ يعود الى مؤسس الدولة نفسه، عبد العزيز بن سعود الذي اقسم اغلظ الإيمان أمام سلطات الاستعمار بأنه سوف يكون الحصن الذي يضمن قيام دولة استعمارية يهودية على أرض فلسطين...

الذي يدعو إلى الغيظ ويصل حد الكفر ليس موقف السعودية والنظام الرسمي العربي...

هؤلاء ليسوا اكثر من جيف نتنة لفظها التاريخ، وهي تبقى على صدور الناس بفعل دعم قوى النهب العالمية لهذا البقاء بالحديد والنار والقواعد المنتشرة في كل شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد الرافدين...

كما أن الذي يدفع إلى الكفر ليس قطعان الشعوب العربية التي ترقص وتقيم المهرجانات حول جثث الأطفال في غزة وكأن ما يجري من إبادة يحصل في المريخ وليس في قلب عالمنا وبحق ملايين من أبناء شعوبنا...

الذي يدفع إلى الكفر هو خضوع حوالي أربعة ملايين فلسطيني في الضفة لسلطة العمالة لإسرائيل وعدم تحول هؤلاء إلى مد بشري يجرف الأخضر واليابس...

كل وحشية جيش الاستعمار الصهيوني وكلاب حراسته من سلطة اوسلو لا يمكن أن يبرر عدم نزول هذه الملايين إلى الشارع في هبة عصيان مدني في الحدّ الأدنى...

الذي يدعو إلى الكفر خضوع الشتات الفلسطيني في الدول العربية إما إلى سلطة أوسلو او إلى سلطات التبعية لأميركا واسرائيل في هذه الدول...

الذي يدفع أكثر إلى الكفر هو ذلك السقوط المذل لحلفاء المقاومة في لبنان الذين نقلوا الولاء من كتف إلى كتف آخر بين ليلة وضحاها وأصبح وئام وهاب وسالم زهران وفيصل كرامي وحتى حسن مراد ابواقا للرجعية العربية المتمثلة بمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد وإن ببعض الخجل الذي لا يستطيع ستر العورات...

لكن ما يغيظ أهل الشرف في المقاومة أكثر من كل ما سبق هو هذا التذلل وهذا الذل الذي يسيطر على بعض العقول في قيادة المقاومة التي ما أن يبتسم احد كلاب النظام الرسمي العربي حتى يبدأوا هم بزرع الأوهام حول عدم تحول الدم العربي إلى ماء رغم كل النجاسة التي ظهرت...

حتى الأستاذ محمود قماطي الذي كانت ردات فعله على عمالة السلطة في لبنان الأكثر قربا إلى نبض الناس، فاجأنا ببعض الكلام الممل عن دول الموز العربية، وعلى رأسها السعودية...

يا أخي، كنتم في حزب الله تحاولون تجنب انتقاد النظام الرسمي العربي مراعاة لسواد الزفت؛ وكان هذا موقفا مشينا لحد ذاته...

على الأقل، إبقوا هناك، وتوقفوا عن إعطاء براءات ذمة وشهادات حسن سلوك لهذه الطغمات العربية العميلة التي يجب أن تُحرق في الساحات العامة...

من لا يجابه؛ من لا يقاتل؛ ليس له أي حقوق عند شعوب المقاومة...

بعد كل جرائم بني سعود، لا يزال بعض قادة المقاومة في لبنان يترددون في تسمية الخونة السعوديين والإماراتيين بالإسم...

إذا كان شعار ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات هو عنوان مرحلة تحرير الألفين وانتصار ال ٢٠٠٦، فإن الشعار الواجب رفعه اليوم هو رفض كل زيف حكومات الوحدة الوطنية مع الخونة والعملاء...

مواقف جوزيف عون ونواف سلام وربما السعودية في جلسة الخامس من أيلول لم تأت من اساس وطني...

إنما جاءت بأمر الامبريالية الأميركية نفسها التي تخاف أن تخسر كل شيء إذا ما ضغطت على جمهور المقاومة أكثر...

يبدو أن قيادة حزب الله تتعلق أحيانا بقشة من الأوهام ليست بعيدة عن القشة التي تعلق بها بشار الأسد حتى ضاعت سوريا...

يجب التعلم من تجارب الشعوب...

تعلموا من انتفاضة الحزب الشيوعي الصيني الذي أسقط حكومة تشان كاي تشيك سنة ١٩٤٩، وأوصل الصين في أقل من سبعة عقود لتكون دولة عظمى...

حتى في عز كاريزما السيد الشهيد حسن نصرالله، كان حزب الله يفتش دائما عن مواقف مجاملة مع دول الموز العربية، ولا يتلقى منها الا الطعنات في الظهر...

مناشدة الشيخ نعيم قاسم لهذه الدول لدعم المقاومة وعدم طعنها، هي سذاجة منقطعة النظير وتؤدي من حيث لا تريد المقاومة إلى غرس بذور هزيمة تتكرس خطوطها العريضة كل يوم رغم اننا لم نُهزم...

يا جماعة...

يا أهل الخير...

لماذا تتصرفون على قاعدة الهزيمة وقد انتصر بضعة مئات لا يزيد عديدهم على ثلاثة او أربعة آلاف على خمس فرق قوامها ٧٥ الف جندي من فرق النخبة في الكيان خلال حوالي ٦٦ يوما...

تصرفات بعض قيادات المقاومة في لبنان يثير الاشمئزاز في كثير من الأحيان...

ربما لهذا الأمر علاقة بأن الناس كانت تنتظر من هذه المقاومة مواقف ثورية جارية في حين كانت هذه المقاومة محكومة دوما بسقف المواقف الإيرانية التي لم تُظهر أسنانها الا بعد حشرها في زاوية القضاء المبرم...

هل انتقلت قيادة محور المقاومة من بيروت وطهران لتستقر في عاصمة الثورة اليمنية في صنعاء؟

هل وصلت ثورية أنصار الله إلى الجذرية المطلوبة لمحاربة الإمبريالية الأميركية وأذنابها...

موقف اليمن اليوم ثابت...

لكن الثبات ليس هو المطلوب فعلا بعد كل ما جرى...

المطلوب اليوم انتشار الثورة اليمنية التي يقودها أنصار الله إلى كل مساحة أرض اليمن، والبدء فورا بإعداد الخطط والمقاتلين لتحرير كامل شبه الجزيرة العربية والعراق وسوريا ولبنان في الطريق لتحرير فلسطين حتى لو ظل أهل مكة نائمين على حرير تجري من تحته إبادة وجرائم حرب يجب الرد عليها مهما كان الثمن...

نحن نملك من الحجارة ما يكفي لتدمير كل واجهات الزجاج في هذا النظام الدولي...

فلتكن الحرب الكبرى...

ولتكن تصفية كل أوكار العمالة داخل هذا البلد وهذا العالم العربي والإسلامي على جدول الأعمال...

ما حدث في الدوحة بعد ما حدث في فلسطين ولبنان له صفة واحدة فقط:

هجوم أميركي كامل على شعوبنا ضمن خطة استحمار ضخمة لكل العرب والمسلمين...

الرد يجب أن لا يتأخر...

اليمن هو آخر ما تبقى من أمل بعد المواقف المذلة في لبنان وإيران والعراق وضياع سوريا...

رحلة الألف مَيل، تبدأ بخطوة...

الخطوة تحتاج إلى جرأة...

حزب الله وإيران والحشد الشعبي في العراق لم يمتلكوا هذه الجرأة...

وحده اليمن تجرأ؛ وحده اليمن يُبقي الأمل...

اليمن هو هانوي العرب وغزة هي سايغون فيها...

متى نجتاز المرحلة الخامسة؟

ألم يحن الوقت؟!؟

المصدر: موقع إضاءات الإخباري