أيها السادة... السيادة ليست حبرا على ورق، ولاخطابا عابرا، بل هي شمس لاتحجب بغربال، وهي المفتاح الذي يفتح باب السعادة، وهي الجسر الذي تعبر عليه الأجيال إلى ضفة الإستقلال. كما عبرت الجزائر العظيمة بعد قرن وربع القرن من كفاح مرير و تضحيات جسام أدى إلى تحررها من ظلم المحتل الفرنسي الغاصب. وكذلك فعلت سورية، لبنان، مصر تونس ليبيا وغيرها من دول عربية نفضت عنها غبار المستعمر المستدمر.
حين يغيب المفتاح، تتحول الأوطان إلى أقفاص، والناس إلى طيور مكسورة الجناح. وحين تختطف السيادة، تطفأ المصابيح، ويستبدل النهار بليل طويل. لكن الفجر آت، فقد وعد الرحمن الذين إستضعفوا أن يجعلهم الوارثين.
أيها المقاومون في ميادين وساحات الوغى...يامن تسطرون أروع سجال وانتصار ضد عدو بغى وطغى... إنظروا إلى البحر، فمده مددكم، لاينحسر وإن تلاطم.
وانظروا إلى البرق، فهو سرعتكم حين يداهم العدو فيغدو عمى. وانظروا إلى النسر، لا يحلق إلا عاليا. ولا يأكل إلا من صيده. وانظروا إلى الحصان الأصيل، إذا عانق الريح لايوقفه سد ولا حاجز. وانظروا إلى السيف المسلول، فهو الحق حين يشرع في وجه الباطل. كلها شفرات، لكن بلغة الأرض والسماء تقول لكم: أنتم الأمل، أنتم الوتر المشدود، أنتم اللحن الذي لاينكسر.
يا سادة من عاصمة الياسمين وبوابة التاريخ إلى طهران الفخامة والعظماء..... إلى بغداد المجد، من بيروت الجمال والعز إلى صنعاء الثبات، من روعة القاهرة إلى الرباط، من تونس التمدن إلى طرابلس المختار، من جزائر الجميلات الثلاثة جميلة بوباشا وبوعزة وبوحيرد، والعربي بن مهيدي،وأحمد زبانا وعميروش والعقيد لطفي وحسيبة بن بوعلي ونوار بو عمامة والعربي التبسي ومجموعة ال 22 ومن مئات ألوف الشهداء العظماء الذين جلبوا الإستقلال لهذا البلد الشقيق بعد أن بذلوا دمهم الطاهر حتى اختلط مع ذرات التراب. فلتعلموا أيها السادة أن سقوط الحدود الوهمية بين دول وطننا العربي، وتوحيد رايات الجيوش والشعوب براية واحدة، سقوط الخلافات المصطنعة التي يزرعها الإستعمار البغيض. فلتكن أمتنا جسدا واحدا، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء. قوتنا في وحدتنا، في تحاببنا. فلنكن كما أمرنا الله في قرآنه كالبنيان المرصوص ولنعتصم بحبله ولانتفرق فتذهب ريحنا سدى. إننا نجابه عدوا ليس كمثله عدو سابق، شهد له العالم أجمع بسفالته ودناءته وحقده وعنصريته ونازيته وإجرامه الغير مسبوق. ورم خبيث أصاب جسد بلاد الشام وبدأ بالإستفحال ليلامس جميع دولنا العربية والإسلامية. عدو ينشر جميع أنواع المفاسد والقذارة ويضرب المنظومات التربوية والإجتماعية ويتسبب بهدم أخلاق أجيالنا فلذات أكبادنا. ينشر الرزيلة ويحارب الفضيلة، ينشر المياعة ويركز على دمار الأسر. يشجع على انحدار وسوء السلوك، ويودي بالأجيال القادمة إلى تراجيديا الهاوية. غريب اعتاد على سرقة الزيتون وذبح الحمام، واغتيال الطفولة يدنس المقدسات حتى المسيحية منها...ذئب يلبس جلد الحمل.
ياسادة...إن لم نتعاضد، تفرقنا. وإن لم نتحابب، تقاتلنا. وإن لم نتماسك إنهزمنا. فالوطن لايبنى بالحجارة وحدها، بل بالحب بالوئام بإفشاء السلام بيننا، بالإخوة الصادقة بالصفح بتمزيق صكوك التطبيل والإنبطاح والتطبيع ورميها في مزبلة التاريخ. كيف نطبع مع ذئب لايؤمن له جانب، يدمر حضاراتنا يحرف ويزور يسرق وينهب مواردنا. الوطن لايبنى بالأحقاد بل بالحب بين شعبه وجيشه الشعبي الوطني المدافع عن ترابه. لقد نجح السفلة بتفكيك عدة دول من جسدنا العربي بعد إدعاءهم بتوصيل الديموقراطية المزعومة. لم ينجح مخططهم الخبيث لولا خسة الحركات الراديكالية الدموية الإرهابية التكفيرية المتأسلمة المتطرفة والتي تنتهج فكرا عفنا لايمت للإسلام الحنيف بصلة بل ترعرع في أحضان وزارة المستعمرات.
وليعلم المحتل الغاصب كما قال عمر المختار: ”نحن لانستسلم...ننتصر أو نستشهد" وقال تشي غيفارا: ” إذا كنت ترتجف من الظلم، فأنت رفيقي." وقال نيلسون مانديلا: ” الحرية لاتمنح...بل تنتزع"
ختاما: إلى الفدائيين الذين يكتبون بدمهم نشيد السيادة، إلى المقاومين الذين يزرعون الأمل في ركام المدن، إلى الأشاوس الذين يربكون العدو كظل البرق ويصمدون كجذع الزيتون في أرض الزيتون المبارك، تذكروا: السيادة هي السعادة...ياسادة،
السيادة ليست في كسر أسوار البيوت، ولا في تمزيق جدران الوطن، بل في تحطيم قيود الغزاة وكسر أنياب المحتل؛ فالجهاد الحق هو درع للأوطان لاخنجر في خاصرتها كما يفعل أرباب الإرهاب والإرعاب وفتاوى التكفير المذموم ضد جيوش بلادهم. حقت عليهم وعلى أسيادهم اللعنة إلى يوم الدين. الجهاد هو عناق بين الشعوب وجيوشها الشعبية الوطنية، لا طعن في ظهورها، وهو نضال يطهر الأرض من الدخيل، وليس بمعونة الدخيل ليدخل الأرض ويغتصب العرض. وليس الجهاد بصراع يحرق زرعنا ويذبح نسلنا.
مفكر حر، أديب، محلل سياسي وإعلامي سابق في الغربة