تشير بيانات طبية حديثة إلى تراجع خصوبة الرجال بشكل مثير للقلق خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث انخفضت مؤشرات جودة وعدد الحيوانات المنوية إلى مستويات غير مسبوقة مقارنة بالمعايير السابقة.
ففي منتصف القرن الماضي، كان الحد الأدنى الطبيعي لتركيز الحيوانات المنوية يعادل نحو 40 مليون خلية لكل مليلتر من السائل المنوي، أما اليوم – وفقاً للدكتورة يلينا نوفيكوفا، مديرة مركز علاج عقم الرجال – فقد انخفض إلى نحو 13 مليون خلية فقط لكل مليلتر.
كما شهد معيار آخر مهماً، وهو شكل الحيوانات المنوية، تغيراً كبيراً؛ ففي الثمانينيات كان يُعتبر "طبيعياً" إذا كانت 50% من الخلايا سليمة، بينما يكفي حالياً ألا تتجاوز النسبة 4% فقط.
وتوضح نوفيكوفا أن الانخفاض الواضح في خصوبة الرجال يرتبط بعوامل متعددة، أبرزها التلوث البيئي والتغيرات في أسلوب الحياة، إلى جانب التعديلات الطبية التي تقلص تدريجياً من الإرشادات المعتادة، خصوصاً مع انتشار تقنيات التلقيح الاصطناعي.
- أسباب تراجع الخصوبة:
العادات اليومية: الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، الجلوس على المقاعد المدفأة، والزيارات المتكررة للساونا، وهي عادات تؤثر سلباً على الجهاز التناسلي.
التوتر المزمن: نمط الحياة السريع وضيق الوقت والقلق المستمر يؤدي إلى تغيرات هرمونية تؤثر في الخصوبة.
الأدوية والمكملات: بعض العقاقير مثل مضادات الاكتئاب والمهدئات تقلل الرغبة الجنسية وتؤثر على تكوين الحيوانات المنوية، كما أن المكملات الرياضية وهرمونات التستوستيرون الخارجية تعيق تكوينها في نحو 95% من الحالات. حتى بعض المستحضرات العشبية مثل حشيشة الهر والفاوانيا (Peony) قد تحمل تأثيرات مشابهة.
السمنة وزيادة الوزن: أظهرت دراسة لمركز الخصوبة في مستشفى ماساتشوستس أن زيادة محيط الخصر بمقدار 5 سم فقط تقلل من تركيز الحيوانات المنوية بنسبة 6.3% وتخفض فرص الحمل بنسبة 9%.
وتشير نوفيكوفا إلى أن النسيج الدهني يعمل كعضو نشط ينتج جزيئات التهابية تؤثر على أجهزة الجسم، مما يخفض مستويات التستوستيرون ويضعف إنتاج الحيوانات المنوية السليمة.
- جودة الحيوانات المنوية:
رغم الاعتقاد الشائع أن "حيواناً منوياً واحداً يكفي لحدوث الحمل"، إلا أن جودة الحيوانات المنوية وحركتها تلعب دوراً أكثر أهمية من عددها. كما أن التقدم في العمر يؤدي إلى تراجع طبيعي في جودتها وزيادة خطر الطفرات الجينية، رغم استمرار إنتاجها مدى الحياة.
- نصائح الخبراء للحفاظ على الخصوبة:
إجراء فحوصات دورية مبكرة بدءاً من سن العشرين لمتابعة الصحة الإنجابية.
الحفاظ على وزن صحي لتجنب السمنة ومضاعفاتها على الخصوبة.
التخلي عن العادات الضارة مثل الإفراط في التدخين أو استخدام المنشطات الهرمونية.
تقليل التوتر وإدارة الضغط النفسي للحفاظ على التوازن الهرموني.
وتختتم نوفيكوفا بالتأكيد أن اتجاه تراجع الخصوبة لدى الرجال أصبح واضحاً، حيث انخفضت المؤشرات بمعدل يقارب 50% خلال 25 إلى 30 عاماً، بينما ارتفع متوسط عمر الأبوة بمقدار 10–15 عاماً. ومع ذلك، فإن اتباع نمط حياة صحي وإجراء الفحوصات المنتظمة يمكن أن يساهما في الحفاظ على القدرة الإنجابية لأطول فترة ممكنة.