تمكن العلماء من إنشاء خلايا تشبه البويضات البشرية وقادرة على الإخصاب، باستخدام DNA مأخوذ من خلايا الجلد العادية، في خطوة قد تمثل نقلة نوعية في أبحاث علاج العقم .
التقنية الجديدة: إزالة الكروموسومات الزائدة
قاد الفريق البحثي الطبي نوريّا مارتي-غوتيريز في جامعة أوريغون للعلوم الصحية، حيث ابتكروا طريقة لإزالة الكروموسومات الزائدة من الخلايا، مما أتاح إنتاج بويضات بشرية يمكن أن تخضع للإخصاب وتبدأ في التطور لتصبح زيجوتات (خلايا جنينية أولية).
وأشار الباحثون إلى أن التطبيق السريري لهذه التقنية لا يزال بعيداً، ويُقدّر بـ10 إلى 15 عاماً على الأقل، مع وجود تحديات علمية وأخلاقية قائمة، إلا أن التجربة تُعد دليلاً واضحاً على جدوى الفكرة، وتفتح نافذة أمل للأشخاص الذين يعانون من العقم.
خطوة نحو تسريع العلاج
قالت طبيبة النساء والتوليد وأخصائية الغدد التناسلية باولا أاماتو من جامعة أوريغون للعلوم الصحية:"يمكننا استخدام الآليات الخلوية للبويضة الناضجة لإعادة برمجة خلية جسدية، بدل الاعتماد على ثقافة الخلايا لفترات طويلة لإنتاج الخلايا الجذعية متعددة القدرات."
وأضافت أن هذه الطريقة من الناحية النظرية توفر الوقت وقد تقلل من التشوهات الجينية والإيبيجينية المحتملة.
العقم مشكلة عالمية
يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من العقم، الذي يُعرف علمياً بعدم القدرة على الحمل بعد محاولة مستمرة لمدة 12 شهراً، نتيجة عدة أسباب، منها عدم عمل الأمشاج (الحيوانات المنوية أو البويضات) بشكل طبيعي.
قد تكون أسباب عدم وظيفة البويضات متعددة، من الأمراض مثل السرطان إلى تراجع الكمية والنوعية مع التقدم في العمر. إحدى الطرق العلاجية المطروحة هي تقنية التكوّن الجنسي خارج الجسم (IVG) باستخدام المادة الوراثية للمريض، والتي نجحت في الفئران ولكن لم تُطبق على البشر بعد.
تقنية نقل نواة الخلايا الجسدية Mitomeiosis
تعد تقنية نقل نواة الخلايا الجسدية (SCNT) إحدى أشكال IVG، حيث يتم استبدال نواة البويضة بنواة خلية جسدية، إلا أن التحديات كبيرة، وأبرزها وجود كروموسومات إضافية.
لحل هذه المشكلة، طور الباحثون تقنية جديدة أطلقوا عليها اسم "Mitomeiosis"، وهي طريقة اصطناعية تحاكي الانقسام الخلوي الطبيعي للبويضات.
شرح أاماتو العملية:
"نقلنا نواة خلية جلدية من أحد الوالدين إلى بويضة متبرع تم إزالة نواتها، ثم جُرِّدت البويضة الجديدة من نصف مجموعتها الكروموسومية لتصبح أحادية العدد (23 كروموسوماً). بعد ذلك تم تخصيب البويضة بحيوان منوي للوالد الآخر، ليصبح لدينا زيجوت ثنائي العدد (46 كروموسوماً).
باستخدام هذه التقنية، أنتج الفريق 82 بويضة وظيفية من متبرعين، ثم تم تخصيبها بحيوانات منوية من متبرعين آخرين.
النتائج والتحديات المقبلة
توقفت معظم البويضات عند مرحلة 4 إلى 10 خلايا، فيما تطورت حوالي 9٪ منها إلى بلاستوسست، وهو معدل منخفض لكنه يمثل نجاحاً أولياً لإثبات جدوى التقنية. أظهرت البلاستوسست علامات تشوهات كروموسومية، بسبب العشوائية في إزالة الكروموسومات أثناء Mitomeiosis، ما يمثل التحدي التالي للباحثين.
أكدت أاماتو: "إذا لم تحتوي البويضة على عدد طبيعي من الكروموسومات، فلن تتطور البويضة بشكل طبيعي ولن يولد طفل سليم،نحن الآن نعمل على تحسين عملية الاقتران والانقسام الكروموسومي للحصول على كروموسومات كاملة في الأجنة الناتجة."
توقعت أاماتو أن يستغرق تحسين التقنية حوالي عقد من الزمن، لكنها اعتبرت التجربة نجاحاً ملموساً يثبت إمكانية Mitomeiosis ويفتح الطريق للأبحاث المستقبلية.
ردود الفعل العلمية
قالت المتخصصة في الخصوبة يينغ تشيونغ من جامعة ساوثامبتون بالمملكة المتحدة، التي لم تشارك في الدراسة: "لأول مرة أظهر العلماء أن DNA مأخوذ من خلايا الجسم العادية يمكن وضعه في بويضة، وتنشيطه، وتقليص كروموسوماته، محاكياً خطوات تكوين البويضات والحيوانات المنوية الطبيعية. رغم أن العمل في بداياته المخبرية، إلا أنه قد يغير مستقبل فهمنا للعقم والإجهاض ويفتح الباب لإنتاج خلايا تشبه البويضات أو الحيوانات المنوية لمن لا خيار لهم."