نقطة مهمة في ثقافة الجماعات
مقالات
نقطة مهمة في ثقافة الجماعات
سامح عسكر
8 تشرين الأول 2025 , 08:55 ص


البعض يستغرب هذا الترابط القوي بين عناصرهم، والاتحاد الوجداني الذي يمكنهم من الانتشار والعمل الجماعي المنظم

في السطور القادمة سوف أشرح لكم أسباب هذا الترابط، لفهم كيفية نمو هذه الجماعات في عصر الصحوة، وكيف نجحوا في تجنيد الشباب والكبار بسهولة.

أولا: يتم اختيار القادة ومسؤولين الأسر من فصائل نادرة ومهمة، تجتمع فيهم صفات المرح والذكاء وسرعة البديهة والتهذيب والصمت الهادئ، وفوق ذلك المنزلة الاجتماعية المميزة (الوضع المادي)

في مرحلة ما يتم الربط بين هذا النجاح للقادة والمسؤولين وعناصر الجماعة وبين التزامهم خط التنظيم، فتصبح القدوة حاضرة فورا وجاهزة للتقليد.

ثانيا: يخاطبون الغير بأسلوب أخلاقي مميز منه:

1- الابتسام في الوجه، أو تصنع الابتسام

2- المصافحة القوية والنظر في العين

3- العناق الحميم وتقبيل الأكتاف

اجتماعيا هذه سلوكيات ينصح بها علماء الاجتماع في التواصل وتقوية الروابط، هم أخذوها من مرحلة مبكرة تحديدا منذ جيل حسن البنا، الذي كان يفعل هذه الأشياء على أنها سنة نبوية، ولو لم توجد نصوص تأمر بها يظهرون بفتاوى خاصة من علماءهم وقادة التنظيم.

ثالثا: يحرصون على تصوير مجتمع الجماعة على أنه (سعيد) ويظهر ذلك من فعالياتهم الرياضية والترفيهية المكررة، والتي لها مفعول السحر في التجنيد والإقناع، ويترجمون ذلك في حفلات زفافهم بالمرح والضحك وتصدير صورة سعيدة جدا عن مجتمع الجماعة..

حتى في فعالياتهم الدينية بجلسات التلاوة وحلقات العلم الاجتماعين الأسبوعي والشهري، يغلب على تلك الفعاليات مزيج من الجد والهزل، وخليط من المرح والعمق

صورة السعادة هذه للتنظيم تنطبع في ذهن الغير على أنها نتيجة مباشرة للالتزام الديني، المرتبط شرطيا بالتزام هذه الجماعة وحضور فعالياتها..

رابعا: يتبرعون لبعضهم البعض، وسلوك التبرع عموما هو من أحد أهم أسباب السعادة، أو التي تجلب الاطمئنان والسكينة الروحية، وعند كل شعوب العالم يلجأ المقتدرون ماليا للتبرع ليشعروا بسعادة مفقودة.

خامسا: في الغالب لا يقرضون بعضهم البعض، وفي حال كانت هناك حاجة لدعم فقير (منهم) فهم يتبرعون له ولا يقرضونه، والسبب أن الاقتراض سلوك خطير يؤدي للقطيعة والكراهية، ومن ثم تفكك التنظيم، وإذا دعت الحاجة بعضهم للاقتراض فيحدث ذلك بمبالغ بسيطة، لإمكانية القدرة على السيطرة وحل مشكلة الاقتراض قبل أن تستفحل بقطيعة وكراهية بين العناصر.

سادسا: لجوءهم للتبرع يؤدي في الغالب للسيطرة على الفقير، وتوهمه عدم إمكانية الاستقلال أو التفكير خارج عن مقررات الجماعة.

هذه الأسباب الستة على سبيل المثال لا الحصر، وهي تفسر قوة تلك الجماعات روحيا واجتماعيا ، وتشرح لك كيفية تماسكهم في عز أزماتهم.

علما بأن هذه السلوكيات منتشرة بينهم وقت السلم فقط، يعني عندما يعم السلام والاستقرار المجتمع الذي يأويهم فتظهر تلك الممارسات فيهم بوضوح، لكن في زمن الحرب والفتن الطائفية الوضع يختلف، وتختفي كليا أو جزئيا معظم هذه الأشياء، وترى العنصر الإخواني أو الجماعات منعزل بشكل تام، وبدلا من تصدر السعادة والوجه الباسم والروح القوية، يظهر شكل مختلف من المرضى النفسيين، والمتعصبين، وينقلب مزاجهم للعدوانية الصريحة.

أما عن كيفية حدوث هذا التناقض لديهم في زمن السلم والحرب، فهذا له سياق علمي آخر، سوف أتعرض له إن شاء الله بإيجاز