تماثيل جزيرة الفصح العملاقة كانت تمشي بنفسها!
منوعات
تماثيل جزيرة الفصح العملاقة كانت تمشي بنفسها!
12 تشرين الأول 2025 , 13:58 م

منذ اكتشاف تماثيل جزيرة الفصح الغامضة، حيّر العلماء سؤال واحد: كيف تمكّن سكان جزيرة رابا نوي القدامى من نقل هذه التماثيل الصخرية العملاقة لمسافات طويلة دون أدوات حديثة؟

الآن، وبفضل أبحاث جديدة قادها علماء من جامعة بينغهامتون بالتعاون مع جامعة أريزونا، تم حل اللغز أخيرا — التماثيل كانت تمشي بالفعل!

السر وراء حركة التماثيل

باستخدام مزيج من الفيزياء والنمذجة ثلاثية الأبعاد (3D) والتجارب الميدانية الواقعية، توصّل العلماء إلى أن تماثيل المواي صُمِّمت عمدا بحيث يمكن تحريكها وهي في وضع قائم من خلال حركة تأرجح جانبية ذكية تجعلها "تمشي" إلى الأمام تدريجيا.

ويقول عالم الأنثروبولوجيا كارل ليبو من جامعة بينغهامتون: "بمجرد أن تبدأ الحركة، يصبح الأمر سهلاً للغاية — يمكن لعدد قليل من الأشخاص شد الحبال بذراع واحدة فقط. إنها طريقة موفرة للطاقة وسريعة بشكل مدهش."

طريقة "المشي" المذهلة


من خلال دراسة ما يقرب من 1000 تمثال مواي، استنتج الباحثون أن سكان رابا نوي استخدموا حبالا قوية لتأرجح التماثيل من جهة إلى أخرى، مما جعلها تتحرك للأمام على شكل نمط متعرج فوق طرق حجرية أُنشئت خصيصا لهذه الغاية.

وقد أظهرت التجارب الميدانية أن مجموعة صغيرة لا تتجاوز 18 شخصا استطاعت تحريك نموذج تمثال يزن 4.35 أطنان لمسافة 100 متر خلال 40 دقيقة فقط!

تصميم هندسي عبقري

أوضح الباحثون أن تصميم التماثيل لم يكن عشوائيا، إذ تتميز بقاعدتها العريضة على شكل حرف D وميلها الطفيف للأمام بنسبة تتراوح بين 5 إلى 15 درجة، ما يمنحها توازنا ممتازا أثناء الحركة.

يقول ليبو: "كلما كان التمثال أكبر، كانت طريقة التأرجح هذه أكثر فاعلية. الفيزياء أثبتت أن التصميم ذاته هو ما يجعل التماثيل قابلة للمشي."

طرق مخصصة لتحريك التماثيل

أحد الأدلة الداعمة لهذه النظرية هو وجود طرق حجرية عريضة في جزيرة رابا نوي، بعرض يبلغ نحو 4.5 أمتار وشكل مقعر يسهم في تثبيت التماثيل أثناء حركتها.

يشرح ليبو قائلا: "من الواضح أن الطرق كانت جزءا من عملية التحريك نفسها، كانوا يشقّون الطرق أثناء تحريك التماثيل خطوة بخطوة، مما يثبت أن كل طريق كان مرتبطا بتمثال معين."

تحدٍ للمنتقدين والنظريات القديمة

على مدى سنوات، قدّم الباحثون عشرات الفرضيات حول كيفية نقل التماثيل — من الزلاجات الخشبية إلى الانزلاق على الجليد — لكن أياً منها لم يُثبت عمليا.

أما نموذج ليبو وفريقه، فقد تم اختباره عمليا ونجح بوضوح. "لا توجد أدلة تُثبت أن التماثيل لم تكن تمشي بهذه الطريقة، بل على العكس، كل ما نراه في الجزيرة يعزّز هذا التفسير"، يقول ليبو متحديا المشككين.

عبقرية شعب رابا نوي

بعيدا عن الجدل العلمي، يرى ليبو أن هذه الدراسة تُعد تكريمًا لشعب رابا نوي القديم، الذي أبدع في إيجاد حلول هندسية مدهشة بموارد محدودة.

"لقد كانوا عباقرة بحق. استغلّوا الفيزياء الطبيعية لصالحهم ونفّذوا مشروعا هندسيا مذهلا بأدوات بسيطة، إنها شهادة على ذكائهم وإبداعهم."

المصدر: مجلة Journal of Archaeological Science