ابتكار دودة عصبية قادرة على العمل داخل جسم الإنسان لأشهر دون رفض مناعي
علوم و تكنولوجيا
ابتكار دودة عصبية قادرة على العمل داخل جسم الإنسان لأشهر دون رفض مناعي
14 تشرين الأول 2025 , 13:36 م

طور باحثون صينيون جهاز بيولوجي جديد أطلقوا عليه اسم "الدودة العصبية" (NeuroWorm)، وهو عبارة عن ألياف دقيقة مرنة تشبه الديدان، يمكن زرعها في عضلات الإنسان أو دماغه لمراقبة النشاط الكهربائي العصبي لفترات طويلة تمتد لأشهر.

ووفق موقع Наука Mail استلهم العلماء تصميم هذا الجهاز من الديدان الحلقية في الطبيعة، التي تمتاز بجسمها المرن والمجزأ القادر على الحركة بسهولة في الأوساط المختلفة.

جهاز بيولوجي متطور ومرن

تُصنع "الدودة العصبية" من مادة ميكروفيلمية مرنة تحتوي على أكثر من 60 قطبًا كهربائيًا متناهي الصغر. يتم تثبيت الأقطاب على قاعدة مرنة ثم لفها بطريقة خاصة لتكوين بنية أسطوانية دقيقة بقطر لا يتجاوز 200 ميكرومتر.

يتيح هذا التصميم للجهاز التمدد والانثناء دون فقدان قدرته على التقاط الإشارات الحيوية بدقة عالية، كما يتضمن حساسا ميكانيكيا لقياس التشوهات في الأنسجة أثناء الحركة.

اختبار الجهاز البيولوجي الجديد

زرع الباحثون في الصين الدودة العصبية في عضلات الجرذان من خلال شق مجهري لا يتجاوز 200 ميكرومتر، حيث عمل الجهاز على تسجيل الإشارات الحيوية لمدة ثمانية أشهر متواصلة دون أي خلل في الأداء.

وخلال 13 شهرا من التجربة، لاحظ العلماء تكوين طبقة بيولوجية رقيقة لا تتجاوز 23 ميكرومترا حول الجهاز، دون ظهور علامات التهابية، ما يشير إلى مستوى عالٍ من التوافق الحيوي.

وللمقارنة، فقد أظهرت التجارب أن الأقطاب المعدنية التقليدية تولّد حولها طبقة ليفية يزيد سمكها عن 450 ميكرومترا، وهو ما يجعل "الدودة العصبية" تتفوق بوضوح في التوافق مع أنسجة الجسم.

رأي الخبراء بالابتكار الطبي الجديد

صرّح الدكتور دميتري سوتشوف، الحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم البيولوجية ونائب رئيس مجموعة “الواجهات العصبية الجزيئية” في مركز الأبحاث الروسي LIFT، بأن هذه التقنية تقدم حلولا رائدة لمشكلات التموضع والاستقرار التي تواجه الأقطاب العصبية التقليدية.

وأوضح سوتشوف أن وجود عنصر استشعار مغناطيسي مدمج في الجهاز يتيح توجيهه عن بُعد عبر المجال المغناطيسي داخل الدماغ، ما يسهل الوصول إلى المناطق العصبية الحساسة دون إتلاف الأنسجة أو الأوعية الدموية.

آفاق مستقبلية واستخدامات طبية محتملة

يُتوقع أن يفتح هذا الابتكار الطريق أمام جيل جديد من واجهات الدماغ–الحاسوب والعضلة–الحاسوب، التي يمكن استخدامها في إعادة التأهيل العصبي، ومكافحة مرض باركنسون، وكذلك تحسين أداء الأطراف الصناعية عبر الاستشعار العصبي المباشر.

كما يمكن أن تُستخدم "الدودة العصبية" مستقبلا في تحفيز الإشارات الكهربائية العصبية، وليس فقط في مراقبتها، ما يجعلها أداة قوية في مجالات العلاج العصبي والبحوث الطبية المتقدمة.

إذا ما تأكدت نتائج التجارب الصينية من قبل فرق بحث مستقلة، فإن تقنية “الدودة العصبية” ستُحدث ثورة في علم الزرعات الحيوية العصبية، وتفتح الباب أمام مراقبة دقيقة وطويلة الأمد للأنشطة الحيوية داخل جسم الإنسان دون رفض مناعي أو أضرار نسيجية تُذكر.

المصدر: Наука Mail