يسعى العلماء حول العالم لإيجاد طرق مبتكرة لتنقية مياه الصرف وإعادة استخدامها وذلك مع تزايد الضغط العالمي على موارد المياه بسبب الأنشطة الصناعية والزراعية،
وفي اختراق علمي جديد، تمكن باحثون من جامعة دالهوزي الكندية من تحويل نفايات نباتية — مثل بقايا الكتان ونشارة الأوكالبتوس — إلى مادة فريدة قادرة على تنظيف المياه من السموم الخطيرة.
كيف تُصنع هذه المادة؟
يبدأ الابتكار بعملية تُعرف باسم الكربنة المائية الحرارية (Hydrothermal Carbonization)، حيث تُسخَّن النفايات النباتية تحت ضغط وحرارة مرتفعين لتتحول إلى مادة كربونية مسامية ذات سطح نشط كبير.
بعد ذلك، يُضاف إليها عنصر الحديد لتتحول إلى ما يُسمى بـ الفحم المغناطيسي أو الهيدروكربون المغناطيسي — وهو مادة تمتص الملوثات بسرعة ويمكن فصلها بسهولة من الماء باستخدام مغناطيس بسيط.
تنقية فعالة وسهلة الاستخدام
تتيح هذه التقنية إزالة السموم من المياه دون الحاجة إلى فلاتر مكلفة.
فبعد امتصاص الملوثات، يكفي تقريب مغناطيس لفصل المادة عن الماء في بضع ثوانٍ فقط
كما أن المادة قابلة لإعادة الاستخدام مرات عديدة دون فقدان كفاءتها.
فحم الكتان أزال 95٪ من مركب البنتاكلوروفينول، وهو من أكثر السموم الصناعية ثباتا.
أما فحم الأوكالبتوس فحقق فعالية بلغت 89٪.
حتى بعد ست دورات استخدام متتالية، احتفظت المواد بقدرتها على التنقية دون إطلاق الحديد مجددا في الماء.
حل مزدوج: إعادة تدوير + حماية البيئة
تُظهر النتائج أن إضافة الحديد لا تمنح المادة خاصية المغناطيسية فقط، بل تزيد أيضا من المسامية ومساحة السطح النشط، مما يجعلها أكثر قدرة على امتصاص الملوثات بسرعة وكفاءة.
الميزة الأهم هي أن هذه التقنية تجمع بين التدوير المستدام للنفايات الزراعية وخفض تكاليف معالجة المياه، مع تأثير بيئي منخفض جدا.
الابتكار الكندي الجديد يقدم نموذجا لمستقبل معالجة المياه النظيفة والمستدامة — باستخدام ما كان يُعتبر سابقا مجرد نفايات.
إنه مثال مثالي على كيف يمكن للعلم أن يحوّل بقايا النباتات إلى أدوات فعّالة لحماية الإنسان والبيئة.