عبد الحميد كناكري خوجة: مغرفة... من نبع المعرفة.
منوعات
عبد الحميد كناكري خوجة: مغرفة... من نبع المعرفة.
عبد الحميد كناكري خوجة
20 تشرين الثاني 2025 , 18:05 م


في عصر تتشابك فيه خيوط الجغرافيا مع نسيج السياسة، ويصبح الوعي درعا حصينا لأمتنا: يفرض الزمن نفسه على كل فكر، ليقول: العلم والمعرفة ليست رفاهية، بل مصدر قوة وعمود صمود. فالأمم التي تغفو على أطلال السرديات المستوردة تصبح فريسة سهلة لمخططات التوسع والهيمنة، بينما من يغترف من نبع المعرفة الحقيقي يصبح قادرا على قراءة خرائط القوى قبل أن تحفر على الأرض.

”نبع المعرفة" ليس مكانا فقط، بل منهج واستراتيجية ووعي متقد. إنه رمز للدول التي أدركت مبكرا أن المشاريع التوسعية الصهيوامبريالية، مهما توارت تحت شعارات براقة، لا تواجه إلا بالعلم والتقنية واليقظة السياسية. ففي جمهورية ثورة 1979، الجمهورية التي جعلت من الاستقلال منهجا ومن الكرامة دستورا.. ينبثق نور المعرفة كوقود للقرار، وسياج للسيادة، ومنارة للفكر في مواجهة التحديات الإستكبارية. وفي إسلام أباد وبغداد وبيروت وعمان وأبو العرب يمن الشهامة والنخوة والمروءة والأصالة و غزة الصمود والتصدي والبسالة والعزة ودمشق الفيحاء والياسمين تتجسد إرادة الشعوب، شعوب الشهامة والوطنية وعشق تراب الوطن.

تتجسد إرادتها في بناء قواها العلمية والتقنية، وتحصين هويتها السياسية والثقافية ضد كل محاولة للهيمنة الاستعمارية. هناك أيضا من يقطن في أقاصي الشمال الشرقي، حيث تصنع الدولة استقلالها السيادي بصمت وحزم وعزم، وأخرى في قلب أمريكا الجنوبية غنية بمواردها ومشتقاتها النفطية الغابة والصامدة اقتصاديا وسياسيا رغم الحصار والضغط الخارجي الذي تتزعمه حكومة الطاغوت الأكبر الطامع بسرقة موارد هذه الدولة.

هذه الأمثلة تشكل خيوط نسيج عالمي من ينابيع المعرفة، لم تتراجع أمام مخططات الفوضى الخلاقة التي تحيكها حكومة الطاغوتين الأكبر والأصغر وبعض حكومات الغرب المنافق. ولم تسمح بتغير خارطة سيادتها لأي قوى خارجية. وعلى ضفاف هذا الوعي، يعلو صدى ملايين الأشراف من الشعب السوري العظيم التواق لتطهير أرض جنوبه من دنس القدم الصهيونية، مصداقا لوحدته في تحرير ترابه الوطني من أي وجود دخيل.

هذا الهدف النبيل المحق والعادل الذي لا يتحقق إلا بتضافر الوعي مع أبناء بلد الجمال والروعة لبنان الشقيق، وأبناء الأردن النشامة والشهامة، والجود والكرم، وبتفهم دقيق لما تحاك من مؤامرات خبيثة للمنطقة برمتها يقف خلفها أبناء غير شرعيين، أبناء المحتل الغاصب.

إن الوحدة المعرفية واليقظة السياسية تصبحان سلاحا، والإغتراف من نبع العلم والمعرفة سبيل لاستعادة الأرض وصون العرض والهوية.

ففي هذا العصر لم يعد العالم يدار بالقوة وحدها، بل بذكاء المعرفة، وبراعة التقنيات، وعمق الاستراتيجية. فالمعرفة حين تغترف من نبعها الأصيل تتحول إلى وجاء ودرع حماية، وبوصلة المستقبل وركيزة حصن الشعوب ضد مشاريع التقسيم والتفتيت. المعرفة التي نحتاجها جميعا ليست مجرد أداة، بل رسالة زمنية صادقة: أن نعرف لنحمي، أن نغترف لنصنع وننتج ونصدر، وأن نصمد لنكون، وإن لم نحقق كل ذلك فلن نكون، وإن نصمد لنحفظ سيادتنا ونكون.

مفكر كاتب حر، إعلامي سابق في الغربة.