حزب الله يحصد مما زرع.
مقالات
حزب الله يحصد مما زرع.
حليم خاتون
21 تشرين الثاني 2025 , 09:42 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

يشَبّه البعض ما نعيشه اليوم بفترة ما بعد اجتياح ١٩٨٢ وبدء تكون المقاومة الاسلامية الحالية بعد هزيمة منظمة التحرير الفلسطينية وأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية؛ بينما يشبّه البعض الآخر هذه المرحلة بفترة ما بعد هزيمة حزيران ٦٧ التي أراد هذا البعض التخفيف من وطأتها عبر وصفها بالنكسة بدل الهزيمة...

لكن الحقيقة تبقى أن لكل زمن، ولكل مرحلة من هذا الصراع الوجودي ضد الاستعمار، صفاته ورجاله...

كما وقفنا قبلا أمام رهبة انتقاد القيادة الناصرية في النظام الرسمي العربي يومذاك، وكما وقفنا أمام رفض نتائج فساد وانتهازية منظمة التحرير والأحزاب والحركات القومجية والاسلامجية التي كانت خليطا غير هجين من يسار طفولي وإسلام إخواني أكثر طفولية وأكثر فسادا من هذا اليسار؛ نقف اليوم أمام رهبة انتقاد قيادة المقاومة الاسلامية الحالية خاصة بعد استشهاد معظم قياداتها في الساحتين اللبنانية والفلسطينية وحتى في مركز محور هذه المقاومة في طهران...

لا شك بأن حزب الله زرع الكثير من الإيجابيات التي جعلت منه القائد الفعلي لحركة المقاومة في المنطقة طيلة فترة تزيد على أربعة عقود، وتحديدا مع مجيء الشهيد السيد عباس الموسوي ثم طيلة الفترة التي تميزت بوجود الشهيد السيد حسن نصرالله على رأس هذا التيار لمدة تزيد على ثلاثة عقود...

لكن، كما أن جمال عبد الناصر لم يكن معصوما؛ لا السيد عباس، ولا السيد حسن كانا من المعصومين...

إذا كان استشهاد السيد عباس حصل في فترة عدم تمتع حزب الله بما يكفي من القوة لمنع هذا الاستهداف، فإن استشهاد السيد حسن حصل في الفترة التي تميز حزب الله فيها بقوة تجاوزت لبنان وفلسطين حتى قارعت حلف الاطلسي نفسه في العراق وسوريا وصولا إلى لبنان وفلسطين...

هل يمكن تلخيص الأمر بنقص الرؤية الواضحة والتحليل الصحيح حول ما جرى، وما يجري الآن وإن

كل هذا جعله لا يتخذ القرارات المناسبة، في الأوقات المناسبة!؟...

من يستمع إلى مقابلات القيادات السياسية التقليدية لحزب الله يحتار من مدى عدم الاعتراف بما ارتكبته هذه القيادة السياسية من أخطاء أدت فيما أدت إلى تحطم توازن الردع الذي كان قائما فعلا، وفقدان الحزب للقيادة والسيطرة في الأسابيع القليلة التي سبقت موافقة حزب الله على مبادرة أقل ما يقال فيها إنها أثبتت سذاجة هذه القيادة التي ميزت كل السياسة الداخلية التي انتهجها حزب الله منذ دخل البرلمان والتحاقه فيما بعد بالسلطة التنفيذية دون اية سلطات فعلية لديه لفعل اي شيء على الإطلاق...

من المضحك المبكي أن يتناول النائب الأستاذ إيهاب حمادة، كما غيره من قيادات المقاومة العميل من حزب القوات اللبنانية شارل جبور حتى لو لم يسمّه، لأن وجود شارل جبور وأمثال شارل جبور على الساحة هو أحد نتائج السياسات الساذجة التي ميزت حزب الله منذ دخوله الحياة السياسية في البرلمان وحتى تغطيته لنظام الفساد القائم في لبنان تحت شعار تجنب الفتنة والحرب الأهلية...

ظل حزب الله ولا يزال يهرب من الفتنة وهو قوي وقادر على الفتك برؤوسها؛ لكنه لن يلبث أن يراها في حضنه وتفتك ببيئته بعد أن يقوى عودها بفضل الدعم الهائل الذي تحصل عليه من الأميركيين والإسرائيليين وعملاء الإسلام الإخواني وبلدان الرجعية العربية ابتداء بالسعودية ومرورا بالإمارات وصولا إلى مصر والأردن وباقي النظام الرسمي العربي الذي انضمت اليه الجزائر مؤخرا بتأييدها مبادرة ترامب في غزة لتصفية القضية الفلسطينية...

إلى أن يثبت العكس، يمكن القول إن حزب الله أُكِل يوم أُكِل الثور الأبيض...

ما ينطبق على حزب الله، ينطبق بالتأكيد على إيران وربما حتى على روسيا والصين مع فارق بسيط هو أن الأميركيين مستعدين لعقد صفقات مع الروس والصينييين حين تصل الأمور إلى وجوب عقد الصفقات بينما سوف تدفع بيئة المقاومة أثمانا باهظة تفوق بكثير ما كان يمكن أن تدفعه لو كانت اتخذت قرار الحرب على كل الجبهات بدل السماح للأميركيين بقيادة المعارك في كل الجبهات؛ كل جبهة على حدة، إلى أن وصل الأمر أن نقف على حافة شرق أوسط أميركي إسرائيلي يبشرنا به ليس سمير جعجع او سامي الجميل بل حتى علي كمون الذي يريدنا أن نهرول بسرعة للسير تحت نعال البوط الأميركي بينما يحاول الأستاذ رفيق نصرالله رفع مطالب تبدو أحيانا تقدمية عادلة لوضع أسس بناء دولة لم يفرضها حزب الله وحركة أمل لا في الطائف ولا في الدوحة في قمة امتلاكهم القوة، ويحاولون اليوم التلويح بها لعل الأميركي يوافق على شيء منها تجنبا للدخول في حرب وكأن الغباء يتحكم بالأميركي لكي ينزل هو أو الإسرائيلي مباشرة إلى الأرض بينما هو يحضر لنا على قدم وساق، خوازيق محلية لبنانية وسورية وفلسطينية بعد انضمام السلفيين والنظام السُنّي العربي التركي الاندونيسي الباكستاني إلى العدة التي سوف تحكم غزة مع طوني بلير او من يشبه طوني بلير...

أحيانا أخرى ينزلق الأستاذ رفيق نصرالله كما الأستاذ عبدالله قمح إلى التلويح بمطالبة بحصة للشيعة في كعكة السلطة التنفيذية اللبنانية القائمة على الفساد والنهب والسرقات...

ذهب محمد بن سلمان إلى واشنطن يكرس هذا الشرق الأوسط الأميركي الجديد ليدخل إلى نادي أعضاء من يخدم الماسونية الصهيونية التي تحكم العالم، بينما لا يزال الإعلام المأجور والصحافة الصفراء تتحدث عن عظمة كاركاتورية لهذا الرجل الذي مهما كبر حجمه يظل تفصيلا صغيرا بانتظار ملفات إبستين لمعرفة مدى تورط حكام أنظمة الذل العربية فيها...

هل انتهى حزب الله؟

هل انتهت حماس؟

هل فرط المحور؟

من يقرأ أو يسمع يوسف خوري أو رامي نعيم او طوني بولس يبلغ به الغضب من الأحزاب القومية والوطنية ومعها حزب الله مبلغا يصل إلى الكفر والقرف...

هؤلاء العملاء ما كانوا ليتجرؤوا على توجيه الإهانات إلى بيئة المقاومة لو كانت مقاومة حزب الله بنفس البعد الايديولوجي للمقاومة الفيتنامية أو المقاومة الفرنسية في التعامل مع العملاء افرادا كانوا ام حكومات...

لكن حزب الله مشغول ببيانات الاستهجان حول نواب الصدفة أو عملاء اليمين الفاشي يريد إقناعنا بما نعرفه نحن عنهم، وما يعرفونه هم عن أنفسهم...

هو لم يفعل شيئا يوم كان يملك القوة؛ هو رفض حتى التعرض لهؤلاء وسمح لهم بالتمادي في عمالتهم باسم وحدة وطنية كاركاتورية هزيلة ملعونة مصابة بكل أنواع الفيروسات الواجب محاربتها بكل الحزم والشدة التي افتقدتها المقاومة...

يقول الإعلامي غسان سعود أن المقاومة لا يمكن أن تكون رممت نفسها واستكملت في سنة واحدة فقط إعادة بناء قدرات احتاج الحزب إلى اكثر من عقدين من الزمن لبنائها...

لكن ما لا يقوله الأستاذ غسان هو أن المهم ليس الوقت اللازم لإعادة بناء القدرات بقدر ما المهم امتلاك القرار والجرأة على استعمال هذه القدرات...

نقف اليوم على أعتاب سنة جديدة تزحف على كل البشر تحمل تهديدات اميركية وأطلسية وسلفية واخوانية ورجعية عربية بعظائم الأمور...

قبل حوالي سبعة عقود حملت سفينة حوالي سبعين مقاتلا ثوريا تحت قيادة فيدل كاسترو وتشي غيفارا إلى شواطئ كوبا...

التف الناس حول الثوار وهرب باتيستا وجماعات المخابرات الأميركية وأصحاب الفنادق والسياحة الجنسية...

نجحت الثورة وقاتلت إلى أن تحررت كوبا قبل رأس تلك السنة...

هل نرى نفس الأمر مع حزب الله أم سوف يقفل الجميع أفواههم وتستمر التحليلات والتحليلات المضادة بينما يكمل الأميركيون توفير كل مستلزمات الحرب الأهلية عبر دعم الفاشية المسيحية والرجعية السُنّية بعشرات ومئات الآلاف من أتباع إبن تيمية وعبد الوهاب وبلهاء وأغبياء العصر الحجري الذين وجدوا انفسهم فجأة في القرن الواحد والعشرين...

كل يوم يمر، يعتقد حزب الله انه استعاد جزءا من قوته...

لكن مع كل يوم يمر تزداد الفاشية والرجعية قوة لتهيئة ظروف اكتمال سيطرة إسرائيل على كل ما يمكن في هذا الشرق...

هل يؤمن استمرار الصراع مزيدا من التجذر الثوري؟

الكل ينظر إلى الشهور القادمة مع امل بأن يجد المقاومة العاقلة أكثر من اللزوم تجن قليلا ولا تترك ترامب وحده يجن ويلهو بنا مع نتنياهو وزمرة الفاشيين الصهاينة من غرب وعرب ومسيحيين ويهود ومسلمين...