عيادات المراكز الطبية ومطابخ الأحزاب الفكرية وضرورة التفكير خارج الصندوق
مقالات
عيادات المراكز الطبية ومطابخ الأحزاب الفكرية وضرورة التفكير خارج الصندوق
حسن علي طه
22 تشرين الثاني 2025 , 12:40 م

كتب حسن علي طه

قال تعالى:

"وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"

في المستوصفات والمراكز الطبية غالبا ما نجد مجموعة من الأطباء المتخصصين في الاختصاص نفسه، يتناوبون على متابعة المرضى على مدار الأسبوع . ومع مرور الوقت، تتقاطع رؤاهم وتتلاقح أفكارهم من خلال ما يُدوَّن في ملفات المرضى أو ما ينقله المرضى أنفسهم من تشخيصات وأدوية وقراءات طبية سابقة. وهكذا تتشكّل، بصورة غير مباشرة، مدرسة مشتركة في التشخيص والعلاج، تحمل ملامح منهجٍ واحدٍ وإن اختلفت الأسماء والوجوه. ولهذا يُنصح المريض الذي لا يلقى تحسّنًا أن يقصد مركزًا طبيًا آخر، أي مدرسة أخرى ذات أساليب مختلفة في التشخيص والمعالجة.

هذا في المجالات الصحية فماذا عن المنظمات والاحزاب

تعمل المنظمات والأحزاب دائما ضمن أطر تفكير مغلقة ذات طابع سري، حيث تتجانس العقول بفعل الانتماء، والأيديولوجيات وتتشابه آليات التحليل واتخاذ القرار. لكن هذه السرية لا تبقى سرية إلى الأبد؛ إذ سرعان ما تتبدّى معالم المنظمات من خلال سلوكياتها وثقافتها التنظيمية، ومنهج عمل مؤسساتها، وحتى خطاب منظّريها عبر وسائل الإعلام. وبذلك يصبح الحزب أو المنظمة صورة مكشوفة في فضاء عام ويستطيع أي مركز دراسات من تقديم قراءة مبنية على الوقائع العامة المعلنة وتجميع قطع البازل وتحليلها للوصول إلى العقل الداخلي للمنظمة

من هنا، تصبح عملية تجديد العقل الحزبي'المنظمة" – سياسيًا وإعلاميًا وتنظيميًا وفي شتى المجالات والميادين – ضرورة لا يمكن إغفالها. وهذا التجديد لا يتحقق بالاستدارة داخل الدائرة نفسها، بل بالاستعانة بعقول وأفكار من خارج الإطار، وهو ما تسميه الإدارة الحديثة: التفكير خارج الصندوق.

أما استقدام “الآخر” مع إبقائه أسير ممارسات الماضي وأساليب المنظمة التقليدية، فليس إلا عملية تدجين جديدة، سرعان ما تجعله جزءًا من المنهج الذي جرى استحضاره لتجديده أصلًا.

يبقى التحدي بالجرءة على الاستفادة من عقول من خارج دوائر المطبخ ووصفاته.

لتجد إبداعا وتمييز غير عادي في عملية التجديد أبطالها

عقل لا يخجل ولا يقاوم التغيير وآخر يريد فرصة لإثبات رؤاه .

أن التجديد لا يكون بتغيير الأشخاص بل بتغيير المنهج، ولا يقوم على “استعارة” عقول جديدة بل على “مشاركة” هذه العقول فعليًا في القرار.

يقول علي بن أبي طالب (ع) من شاور الناس شاركهم عقولهم.

أنها سنن الاستمرارية وديمومة البقاء والسلام.