الكشف عن سبب آلام الأعصاب أثناء العلاج الكيميائي
دراسات و أبحاث
الكشف عن سبب آلام الأعصاب أثناء العلاج الكيميائي
30 تشرين الثاني 2025 , 10:30 ص

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز وايل كورنيل الطبي وجامعة ويك فوريست في الولايات المتحدة عن آلية جديدة تفسّر سبب الألم والتنميل والوخز الذي يصيب العديد من المرضى خلال فترة العلاج الكيميائي . ويُعد هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو تطوير علاجات أكثر أماناً وفعالية، مع تقليل الآثار الجانبية المرهقة.

نصف المرضى يعانون من آلام وتنميل بسبب العلاج الكيميائي

تشير البيانات إلى أنّ ما يصل إلى 50% من المرضى الذين يخضعون للعلاج الكيميائي يعانون من حالة تُعرف باسم الاعتلال العصبي المحيطي المحرّض كيميائياً (CIPN)، وهي حالة مؤلمة قد تدفع بعض المرضى إلى إيقاف علاجهم قبل اكتماله.

وتتمثل أبرز أعراضها في:

ألم حاد أو حارق

تنميل وفقدان الإحساس

وخز في اليدين والقدمين

ونظراً لغياب علاجات فعالة لهذه الحالة، بقي سبب حدوثها غير مفهوم بالكامل حتى وقت قريب.

اكتشاف آلية جديدة: ليس الأعصاب وحدها هي المتضررة

خلص الباحثون إلى أنّ المشكلة لا تنشأ فقط من تلف الأعصاب مباشرة، بل من استجابة غير طبيعية لخلايا المناعة داخل الجسم. ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Science Translational Medicine المرموقة.

خلاصة الاكتشاف العلمي

قال الدكتور خوان كوبيلوس-رويس، أحد مؤلفي الدراسة:

"لقد اكتشفنا آلية جزيئية ترتبط بخلايا المناعة تحديداً، وليس بالخلايا العصبية. وهذا يؤكد أن الاعتلال العصبي هو عملية التهابية بوساطة الجهاز المناعي."

كيف يسبب العلاج الكيميائي الألم؟

أوضح العلماء أن دواء باكليتاكسيل، أحد أشهر أدوية العلاج الكيميائي، يؤدي إلى:

1. إحداث إجهاد تأكسدي شديد داخل خلايا المناعة

2. تنشيط مسار خلوّي يسمى IRE1α–XBP1

3. دفع خلايا المناعة إلى حالة التهابية مفرطة النشاط

4. مهاجمة العقد العصبية التي تربط الأطراف بالحبل الشوكي

5. إطلاق جزيئات تؤدي إلى تلف الأعصاب وظهور الألم والتنميل

هذا المسار يفسّر بدقة السبب الذي يجعل الكثير من المرضى يشعرون بأعراض عصبية رغم أن الدواء لا يستهدف الأعصاب مباشرة.

نتائج واعدة في التجارب على الحيوانات

في تجارب ما قبل السريرية على الفئران، تمكن العلماء من:

إيقاف نشاط IRE1α باستخدام تقنيات جينية ومثبط خاص

تقليل السلوك المرتبط بالألم بشكل كبير

حماية الأعصاب من التلف

والخبر الأهم أن المثبط المستخدم لـ IRE1α يخضع حالياً لمراحل تجارب سريرية مبكرة كعقار مضاد للسرطان، مما يجعل إمكانية استخدامه مستقبلاً في حماية المرضى من الاعتلال العصبي أقرب إلى الواقع.

علامة بيولوجية لتحديد المرضى الأكثر عرضة للإصابة

في دراسة تجريبية صغيرة على مجموعة من المريضات، لاحظ الباحثون أنّ:

المرضى اللاتي ظهر لديهن اعتلال عصبي شديد

كنّ يمتلكن نشاطاً أعلى لمسار IRE1α–XBP1 قبل ظهور الأعراض أصلاً

ما يعني أن هذا المسار يمكن أن يصبح مؤشراً بيولوجياً يُكشف من خلال تحليل دم بسيط لتحديد المرضى الأكثر عرضة للإصابة، ما يسمح بالط intervention الوقائي المبكر.

يقدم هذا الاكتشاف الطبي رؤية جديدة وملموسة لواحدة من أخطر مشكلات العلاج الكيميائي. فهم الآلية المناعية وراء آلام الأعصاب يمهّد الطريق لتطوير علاجات أكثر أماناً، ويمنح المرضى فرصة أفضل لإكمال علاجهم دون مضاعفات مرهقة.

المصدر: Naука Mail