أظهرت دراسة علمية جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications أن هناك عاملا جينيا محددا يرتبط بظهور ترسّبات شبكية تُسمّى الترسّبات الكاذبة الشبكية (Reticular Pseudodrusen – RPD)، والتي توجد لدى نحو 60% من المصابين بالضمور البقعي المتقدم المرتبط بالتقدم في العمر (AMD)، وتعتبر هذه الترسّبات من المؤشرات التي تسهم في تدهور الرؤية بشكل تدريجي وخطر.
قاد الدراسة فريق بحثي من مركز أبحاث العين في أستراليا بالتعاون مع معهد WEHI وجامعة ملبورن، ويمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو تطوير علاجات تستهدف المراحل الأكثر خطورة من المرض، بما في ذلك الضمور الجغرافي.
ما هو الضمور البقعي المرتبط بالعمر؟
يعدّ الضمور البقعي (AMD) أحد أبرز أسباب العمى غير القابل للشفاء لدى الأشخاص فوق سن الخمسين حول العالم. ويحدث المرض نتيجة موت الخلايا الحساسة للضوء في منطقة البقعة داخل الشبكية، وهي المسؤولة عن الرؤية المركزية الضرورية للقراءة والقيادة والتعرف على الوجوه.
وتشير التقديرات العالمية إلى أن أكثر من 196 مليون شخص يعانون من هذا المرض. ورغم أهميته، فإن التنبؤ بمن سيعاني فقدانا سريعا للرؤية في المراحل المبكرة ما يزال صعبًا، بينما تعمل العلاجات الحالية فقط على إبطاء التطور بعد حدوث التلف.
نتائج جينية محورية: ماذا وجد العلماء؟
قاد الباحثون الأستراليون أول دراسة عالمية واسعة النطاق تربط التغيرات الجينية بوجود الترسّبات الكاذبة الشبكية. وجاءت أبرز النتائج على النحو التالي:
1. ارتباط قوي بتغيرات جينية على الكروموسوم 10
أظهر التحليل وجود علاقة مباشرة بين ظهور الترسّبات RPD وتغيرات في مناطق جينية محددة تقع على الكروموسوم 10.
2. عدم وجود علاقة مع التغيرات المعروفة على الكروموسوم 1
وهو أمر لافت، إذ كانت التغيرات على الكروموسوم 1، خاصة في جين عامل المتممة H (CFH)، مرتبطة منذ عام 2005 بمرض AMD.
لكن الدراسة الجديدة توضح أن هذه التغيرات لا ترتبط بظهور الترسّبات الخطيرة RPD.
3. ترقق شبكي لدى حاملي التغير الجيني
أظهرت فحوصات العين أن المرضى الذين يحملون هذه التغيرات على الكروموسوم 10 يعانون من شبكية أرق من المعتاد، ولكن الأمر يحتاج إلى دراسة أعمق.
ما أهمية هذه النتائج؟
تقول البروفيسور روبين غايمر من مركز أبحاث العين في أستراليا: “الترسّبات الكاذبة الشبكية ترتبط بضعف أكبر في الوظيفة البصرية وبنتائج علاجية أقل فاعلية. تحديد التغيرات الجينية المسؤولة عنها يوفر هدفا جديدا لعلاجات قد تمنع فقدان البصر قبل بدايته.”
وتضيف البروفيسور ميلاني باهلو من معهد WEHI: “للمرة الأولى نكشف أن هذه الترسّبات تُقاد عبر مسارات جينية مرتبطة بالكروموسوم 10، وليس بالعوامل المعروفة مسبقا على الكروموسوم 1. هذا يغيّر فهمنا للمرض ويمهد لتطوير علاجات تتجاوز استهداف جهاز المتممة.”
الخطوات القادمة: نحو علاج وقائي فعال
تكشف هذه الدراسة أن الضمور البقعي ليس مرضا واحدا، بل مجموعة من الحالات المتقاربة التي تحتاج نهجًا علاجيًا مخصصًا لكل نمط منها.
ويأمل الباحثون أن يساهم التركيز على التغيرات الموجودة على الكروموسوم 10 في:
تطوير اختبارات تنبؤية تحدد المرضى الأكثر عرضة للضرر الشديد.
ابتكار عقاقير جديدة تمنع تكوّن الترسّبات الكاذبة الشبكية.
فهم أفضل لكيفية تأثير الجينات على بنية ووظيفة الشبكية.