هكذا أسقط السُنّة العرب والأتراك وإيران المقاومة
مقالات
هكذا أسقط السُنّة العرب والأتراك وإيران المقاومة
حليم خاتون
26 كانون الأول 2025 , 22:08 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

"ما بحك جلدك إلا ظفرك!"

عندما سأل الصحافي السوفياتي قائد المقاومة اليوغوسلافية ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية جوزيف بروز تيتو حول تحرير البلاد من الاحتلال الألماني، توقع أن يكيل تيتو المديح للسوفيات ودورهم في إسقاط النازية في أوروبا وفي يوغوسلافيا...

كان جواب تيتو حاسما...

الفضل الأكبر في التحرير هو لشعوب يوغوسلافيا الذي قاتلوا وقدموا الدماء حتى حصلوا على الحرية والسيادة والاستقلال...

من عاش مرحلة حرب الإبادة في غزة يعرف جيدا الدور القذر الذي لعبه كل العرب، أنظمة وشعوبا؛ وبالتحديد الأنظمة والشعوب التي يشكل السُنّة العرب غالبية كاسحة فيها...

أما دور الأتراك فيكفي أنهم استمروا في تزويد الكيان بالغذاء والنفط وحتى السلاح بينما رفضت إسبانيا الكاثوليكية فعل ذلك...

باختصار، لم يزد دور اردوغان عن النباح في العلن وطعن الفلسطينيين في الظهر سرا...

هذا في غزة؛

ماذا عن لبنان؟

تعرضت مقاومة حزب الله في لبنان لحرب كونية شارك فيها الطيران الأميركي والبريطاني وفق معظم التقارير الوثائقية بما في ذلك أجهزة محددة في حلف شمال الأطلسي وحتى دول عربية صار من شبه المؤكد أن الإمارات كانت إحداها...

حدث كل هذا دون أن تحرك إيران ساكنا رغم التهديدات الفارغة التي سبق وتحدثت عن حتمية دخولها الحرب في حال تعرض لبنان للغزو...

على العكس تماما؛ أدارت طهران الأذن الصماء وكأن ما يحدث على جبهة لبنان لا يعنيها تحت ذريعة عدم توسيع الحرب رغم ثبوت اشتراك قوات حلف الأطلسي والاقمار الصناعية وطائرات التجسس... بل لا يزال الضباط الأميركيون يتواجدون في غرف العمليات في صفد وفي مركز الوحدة ٨٢٠٠، يديرون عمليات الاغتيالات التي تجري رغم وقف إطلاق النار حتى يومنا هذا...

لكن السؤال المحيّر فعلا هو لماذا وافق حزب الله على وقف النار وانسحب من طرف واحد من جنوب الليطاني ما سمح لإسرائيل بالتقدم واحتلال التلال المشرفة على كامل الجنوب والبقاع، بل واستمر في تسليم السلاح رغم رفض إسرائيل الإنسحاب واعلانها النية للبقاء داخل الأرض اللبنانية...

تبرر بعض اوساط حزب الله بأن سقوط سوريا هو ما أدى إلى كل المأساة التي لم تتوقف حتى اليوم حيث يقوم العدو باغتيالات يومية ويكمل عمليات تفجير البنى التحتية والبيوت في عشرات القرى والبلدات...

اتفاق وقف النار حصل في ٢٧ نوفمبر وسقوط سوريا في ٨ ديسمبر أي بفارق حوالي أحد عشر يوما...

لماذا إذا استمر حزب الله بتسليم المواقع والسلاح رغم كل ما حصل...

لقد استطاعت غزة المحاصرة القيام بقتال بطولي طيلة سنتين جعلت الإسرائيلي يخسر أكثر من نصف معدات قواته البرية...

لماذا لم يفعل حزب الله الأمر نفسه وهو افضل وأكثر تسليحا وعددا من مقاومة غزة...

تبرر نفس أوساط حزب الله أن السبب الرئيسي لوقف القتال كان بسبب تهديد وجودي للشيعة في لبنان من إسرائيل ومن سوريا الجديدة تحت رايات السلفية والإخوان ومن الأميركيين والبريطانيين، إضافة الى الداخل حيث حوالي نصف سكان لبنان نشأ على العداء لشيعة اهل البيت...

بناء على ذلك يقول هؤلاء أنهم فضلوا وقف القتال والانتقال إلى الاستعداد لحرب شعبية دفاعية تقوم على مبدأ حرب العصابات لأن الاستمرار في الحرب كان سيؤدي إلى تحريك الداخل من الطوائف السُنّية والدرزية والمسيحية للقيام بحصار الشيعة وارتكاب المجازر بهم بالاشتراك مع الاخوان المسلمين والسلفيين المنتشرين في مخيمات اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري...

يقدم هؤلاء ما حدث منذ أسبوعين حين خرج آلاف النازحين السوريين على دراجات نارية يحملون رايات داعش والنصرة ومكبرات الصوت التي تهاجم المقاومة والشيعة والعلويين في لبنان بشكل علني وسط صمت حكومة نواف سلام العميلة، ومباركة سفارة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا للدلالة على ما يهدد الوجود الشيعي في الجنوب والبقاع والضاحية لو لم يوقف حزب الله الحرب...

بإختصار، يدّعي هؤلاء أن حزب الله أضطر إلى التخلي عن الاستمرار في إسناد غزة السُنّية بسبب التهديد الذي تعرض ولا يزال يتعرض له من قبل الداخل اللبناني العميل لأميركا والخليج وتركيا والذي يمثل السُنّة اللبنانيون حجر الأساس فيه مع استعداد كلاب السلفية والإخوان المسلمين لمشاركة إسرائيل كما بات واضحا بعد زيارة الجولاني إلى أميركا وتعهده بقتال الشيعة وحماس...

بل وصل الأمر بالكلب هذا إلى قبول التخلي عن الجولان رسميا إلى إسرائيل بعد نشر خرائط لا تتضمن هذه المنطقة وتبرير ذلك تحت بند الواقعية السياسية...

وفي الوقت نفسه، كان حزب الله قد فقد الثقة بأن تلعب إيران اي دور في الحرب بعد أن رأى كيف نأت طهران بنفسها وتوقفت حتى عن الوقوف ماليا وعسكريا وسياسيا الى جانب الحزب...

ألا تدفع كل تلك التساؤلات إلى وضع إيران في نفس السلة مع تركيا من ناحية مساندة حزب الله في صد الحرب الكونية التي يخوضها الحزب ضد كل الارهابيين الدوليين والمحليين؟

أسئلة كثيرة تثير الحيرة...

لماذا وافق حزب الله على اتفاق ٢٧ نوفمبر رغم خرق إسرائيل له في الدقائق القليلة التالية؟

لماذا أجهض حزب الله الانتصارات البرية التي حصلت خلال ٦٦ يوما؟

لماذا اكتفى حزب الله بأقل من خمسة آلاف مقاتل جنوب الليطاني ولم يقم بزيادة العدد بدل سحب المقاتلين الذين تقوم إسرائيل منذ سنة باصطيادهم كما البط البري ودجاج الأرض؟

هل اخترق الأميركيون المقاومة؟

ما مدى الخرق؟

لماذا انتشر خطاب الإنهزامية القائم على حجج واهية بتسليم السلطة العميلة القائمة أمر الدفاع وهي في الأساس مكونة من أعداء للمقاومة إلى درجة أن وزير خارجية هذه السلطة أكثر تبعية لإسرائيل وأميركا من وزراء خارجية هذين البلدين؟

إذا كانت البراغماتية الأميركية تضرب في الشرق الأوسط، وتنتقل من خطة الى خطة اخرى لذبح المقاومة، لماءا يتماهى معها حزب الله!!!؟؟؟...

من استمع إلى أكثر من مقابلة للإعلامي رفيق نصرالله كان آخرها على موقع ندى اندراوس يرى معالم خطة اميركية جديدة تقوم على تفتيت المقاومة الإسلامية لحزب الله من الداخل تماما كما فعلت أميركا خلال ثلاثة عقود من الزمن مع المقاومة الفلسطينية حين قامت بإشعال حرب أهلية في لبنان ساعدت في نفخ منظمة التحرير الفلسطينية قبل تنفيسها بشكل متسارع انتهى إلى اتفاقية أوسلو الكارثية بكل المقاييس وكان الثمن طبعا من حساب البنية الاقتصادية والمالية للكيان اللبناني وحساب المسيحيين بشكل خاص...

البراغماتية الأميركية تعمل في عدة اتجاهات في وقت واحد وهي مستعدة للتعامل مع الشيطان في سبيل الوصول إلى أهدافها النهائية القائمة على هزيمة الصين بطريقة غير مباشرة عبر السيطرة على كل المناطق والطرق الاستراتيجية حتى لو أدى هذا إلى ارتكاب جرائم حرب وإبادات في إظهار سياسة العصا كما جرى في غزة وكما يجري الآن في الضفة، أو في أتباع طرق ملتوية تقوم على اختراق محور المقاومة من الداخل كما ظهر في ما حصل في لبنان والعراق وإيران وهي لا تزال تحاول اختراق اليمن وإن كانت محاولاتها هناك قد باءت بالفشل حتى اليوم...

مقالة حسين الشلخ حول تصميم الأميركيين على إنهاء سلاح الحشد الشعبي في العراق مع حماسة الكثيرين من الصهاينة العراقيين سُنّة وشيعة وأكراد يُظهر الطرق الميكيافيلية التي تتبعها أميركا في سبيل ذلك مع فروقات في تجاوب الساحات وفق خصوصية كل ساحة على حدة...

يبدو حسين الشلخ متحمسا للقضاء على الحشد الشعبي باسم حصرية السلاح في يد سلطة لا تجرؤ على مواجهة أميركا حتى لو أدى ذلك إلى تحويل العراق إلى دولة فاشلة؛ بل الأرجح أن يكون هدف الأميركيين تحويل العراق فعلا إلى دولة فاشلة قبل تفتيته...

يبدو واضحا أن إسرائيل تفهم جيدا الخطط الأميركية وتحاول استغلالها إلى أقصى الحدود لخدمة المشروع الصهيوني القائم في الوقت الراهن على بسط هيمنة إسرائيلية على كامل الشرق الأوسط بسبب فقدان القدرة الديموغرافية على فرض المشروع النهائي في إقامة إسرائيل الكبرى...

كل هذا، بينما ينتشر عمى الألوان ليس فقط في الجسمين العربي والإسلامي، بل يصل إلى محور المقاومة نفسه الذي يصرّ على أتباع نفس سياسة الصبر الاستراتيجي العفنة التي أدت إلى كل الكوارث التي حصلت...

يخرج الناطق باسم الخارجية الإيرانية مهرولا لنفي قيام إيران بتجارب صاروخية بدل الصمت في أحسن الأحوال، والتشبث بالسيادة وحرية الدولة الإيرانية في إجراء ما تراه لازما للدفاع عن شعوبها...

نفس الاسطوانة تجري في لبنان حيث يخرج مسؤول تلو المسؤول في حزب الله يفاخر بالتزام حزب الله باتفاق تخرقه إسرائيل كل دقيقة، وكل ثانية...

ثم يخرج علينا بوق ينفخ محللا أن الأثمان التي تدفعها المقاومة مقبولة!

مقبولة لمن يا حبيب أمك وأبيك؟

الذين يسقطون ليسوا فراخا في قن دجاج...

إذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن تموت جبان...

يحاجج البعض إن الجيش يستطيع إسقاط المسيرات ولا يفعل!!!

صح النوم...

من يمكن ان يصدر الأمر لاسقاط المسيرات، نواف سلام، جوزيف عون، يوسف رجي... من!!؟؟

حزب الله ساهم في إقامة سلطة عميلة للأميركيين، ولا يزال يجلس على مقاعدها مثل الغنم الذي يرى الجزار وينتظر دوره في الذبح...

كنّا نفاخر بأننا اعددنا الخطط لمجابهة الأساطيل، فإذا بنا ننحدر إلى مبدأ الانتصار بالنقاط قبل أن نصل إلى الهزيمة على مراحل على معيار الأجندة الأميركية...

لماذا لا تصارح المقاومة شعبها بأن لإيران حسابات أخرى...

إيران أوقفت الحرب بعد ١٢ يوما وزوال القبة الحديدية القادرة على حماية الكيان... تماما كما يفعل العرب منذ ٤٨...

إيران عجزت عن فعل ما قام به أنصار الله ضد أميركا...

لماذا لا نقول الأمور بصراحة...

لا إيران ولا حزب الله يملكان القدرة على اتخاذ القرارات المصيرية...

المشكلة ليست في القدرات...

المشكلة في القرار...

هناك أغبياء يعتقدون بإمكانية إيجاد مقاعد لهم على الطاولة الأميركية، تماما كما كان هناك أغبياء سلموا عشرة آلاف مقذوف لأورثاغوس وانسحبوا من جنوب الليطاني...

حتى اسماعيل النجار بات يهدد حزب الله إذا ما فكر في ارتكاب نفس المعصية شمال النهر، بينما تحرج ابواق أخرى تتحدث عن تركيبة جديدة في السلطة اللبنانية تسمح لعملاء الشيعة الإنضمام إلى سلطة العمالة...

و"قمح رح ناكل"...