كتب م. زياد ابو الرجا: حلقة الوصل بين الجيتو النازي والجيتو الصهيوني فرشة وقيدام.
فلسطين
كتب م. زياد ابو الرجا: حلقة الوصل بين الجيتو النازي والجيتو الصهيوني فرشة وقيدام.
14 نيسان 2021 , 07:03 ص
كتب م. زياد ابو الرجا:  كتب الباحث عبد الوهاب المسيري في موسوعته الرائعة عن معسكرات الاعتقال والجيتوات النازية لليهود ودورهم  في ادارة شؤونها والشخصيات التي تولت ادارتها وفيما يلي اهمها:

كتب م. زياد ابو الرجا: 


كتب الباحث عبد الوهاب المسيري في موسوعته الرائعة عن معسكرات الاعتقال والجيتوات النازية لليهود ودورهم  في ادارة شؤونها والشخصيات التي تولت ادارتها وفيما يلي اهمها:


١- تيرس اينشتاين وتسمى " تيريزين" بالتشيكية حولها النازيون الى مستوطنة نموذجية بين عام 1941---1945 رحل اليها 150000 من يهود وسط اوروبا وغربها وقدمها النازيون على اساس انها نمط الحياة اليهودية تحت الرايخ الثالث وهو اسم احد الافلام التي صورت في المستوطنة ، ويلاحظ اشتراك المجالس اليهودية مع السلطات النازية في كل الانشطة.
٢- جيتو وارس 500000 يهودي, كان الجيتو  بمثابة دولة صغيرة منعزلة ثقافيا واقتصاديا عما حولها وهو بهذا استمرار لتقاليد الفهال والادارة الذاتية والشتل التي يمجدها الصهاينة في كتاباتهم وهو يشبه في كثير من الوجوه الدولة الصهيونية المشتولة في الشرق الاوسط. وكان يدير الجيتو سلطات يهودية او مجلس كبراء تعين السلطات النازية اعضاءه ولكن استقلالية الدويلة /الجيتو لم تكن كاملة اذ كان الجيتو يستورد كل ما يحتاجه من قوات الاحتلال النازية.
٣- الفريد نو سيج 1804----1943 احد مؤسسي الحركة الصهيونية مع هرتزل واهم شخصية يهودية متورطة مع النازيين وهو فنان وشاعر وموسيقار من اصل بولندي وخلفية ثقافية المانية. عمل كمخبر للسلطات النازية ابان الحرب العالمية الثانية  وعينه تشيرنياكوف رئيس مجلس اليهود في وارسو ابان الحكم النازي عضوا في المجلس ورئيسا لقسم الفنون ونظرا لرغبته العميقة في افراغ اوروبا من يهودييها وضع نوسينج خطة متكاملة لابادة اليهود الالمان المسنين والفقراء( غير النافعين ) وتهجير الباقين او ابادتهم. وقد اكتشف اعضاء المقاومة اليهودية في جيتو وارسو تعاونه مع النازي وانه عضو في الجستابو فحكم عليه بالاعدام رميا بالرصاص ونفذ الحكم في 22 شباط  1943 وقد اختفى نوسنج من الادبيات الصهيونية والغربية.
٤--- مردخاي رومكوفسكي 1877-----1943 يهودي بولندي ورئيس المجلس اليهودي في جيتو لودز خلال الحرب العالمية الثانية ولد في روسيا ثم استقر في مدينة لودز مع بداية القرن العشرين كان عضوا في الحزب الصهيوني العمومي وقام بتمثيله في لجنة المجاعة اليهودية في لودز , كان رومكوفسكي مؤمنا بان التعاون مع الالمان سيعزز وضع اليهود خصوصا اذا زادت مساهمتهم واهميتهم بالنسبة للمجهود الحربي الالماني ولهذا عين بعد احتلال الالمان لمدينة لودز عام 1939 رئيسا للمجلس اليهودي فيها اي كبيرا لليهود ومنحه المسؤولون الالمان في جيتو لودز ( الذي ضم 170 الف يهودي) سلطات ادارية واسعة وتعزز موقعه القيادي بسبب مهارته التنظيمية فكان مسؤولا عن اقامة الورش التي امر الالمان بانشاءها لاستغلال عمل اليهود والتي بلغ عددها .120 ورشة ومع مرور الوقت عمل رومكوفسكي على تركيز جميع السلطات في يده واصبحت ادارته اكثر استبدادا . وعندما امرت السلطات الالمانية الجيتو باصدار عملة نقدية خاصة به ( باعتباره كيانا يهوديا مستقلا بدلًا من استخدام العملة "البولندية او الالمانية" وطبعت على الاوراق المالية صورته.

هذه المقدمة هي دعوة لعمل مقارنة بين الجيتووات النازية وسلطة الحكم الذاتي (الجيتو\الفلسطيني) الذي فرضه اتفاق اوسلو كسقف اعلى حصيلة نضالات وتضحيات الشعب الفلسطيني على مدى قرن من الصراع, لقد فرض المفاوض الصهيوني على القيادة اليمينية المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية تجربة الادارات اليهودية لجيتووات النازية وبسقف ادنى من جيتو لودز الذي اصدر عملته النقدية واوراقه المالية. فيما الجيتو الفلسطيني محرما عليه ذلك, وما زال الدينار الاردني والشيكل الاسرائيلي العملة التداولة داخل  السلطة / الجيتو.
لقد اثبتت تجربة السلطة/ الجيتو تحت الاحتلال انها لا تستطيع حتى لو ارادت ان تخرج عن الدور الوظيفي الذي انيط بها وهو ادارة الامور الخدماتية والشؤون الاجتماعية الخاصة بمجتمع الجيتو.


هل كان اتفاق اوسلو خارجا عن سياق سياسة ونهج وممارسة قيادة فتح المغرقة في يمينيتها والتي هيمنت على منظمة التحرير؟ ام انه حلقة من مجموعة حلقات وظيفية وسمت مجمل سياسات وممارسات تلك القيادة ؟... 

كان ياسر عرفات بعيدا كل البعد عن منطلقات حركة فتح واهدافها وفي عهد سيطرته عليها وعلى منظمة التحرير الفلسطينية يمكن ان يطلق عليها اسم (( عرفات والبقية)) وكان لعرفات رؤية واهداف وعلاقات واساليب طبعت حركة فتح بشخصيته وليس تلك التي وضع خطوطها وافكارها واهدافها الاباء المؤسسون, ادت هيمنة عرفات على فتح ومنظمة التحرير الى حرية مطلقة حيث بدأ بعد ذلك  بالقيام بدور  وظيفيي خدمة لمشاريع التسوية التي اخذت الانظمة العربية الرسمية تستعد للانخراط بها .


كان عرفات حاضرا في مجلس الامة المصري عندما القى السادات خطابه الشهير في عام 1977  الذي اعلن فيه استعداده للذهاب الى القدس اذا كان هذا سيسمح له بتحرير الاراضي المحتلة, وصفق عرفات مع بقية الحضور، وبدا واضحا ان هناك خطوطا خفية بين السادات وعرفات.وجاءت زيارة السادات الى القدس المحتلة وخطابه امام الكنيست الاسرائيلي لتتسبب في تباعد السبل بين عرفات والسادات, غير ان الوقائع تشير الى ان عرفات لم يكن معارضا, لقد لعب دور المأذون للزواج المصلحي بين بيغن والسادات.


بعد اغتيال السادات الذي انتهى دوره تولى حسني مبارك مقاليد الرئاسة في مصر والتزم بعملية الصلح مع اسرائيل, بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان رفع عرفات شعار (يا وحدنا) لتبرير سيره في نهج التسوية واخذ يوظف المنظمة لاخراج مصر من عزلتها حيث تمت مقاطعتها من الانظمة العربية وكانت مصر خارج الجامعة.


 وعندما عاد عرفات الى طرابلس لبنان ليشاغل سوريا التي كانت في صف ايران ويقاتل الفصائل الفلسطينية التي عارضت نهجه, اكد حسني مبارك خلال وجود عرفات  في طرابلس على ضرورة بقائه بقوله (يجب ان لا يسقط عرفات لان سقوطه يعني سقوط اي حل في الشرق الاوسط)،  كما قامت مصر بشحن معدات عسكرية بحرا الى ميناء طرابلس لدعم عرفات والاخوان المسلمين الممثلين بسعيد شعبان الذين قاتلوا مع عرفات.

ادوار وظيفية  في خدمة نهج التسوية الذي سارت عليه الانظمة وكان حلم عرفات من كل ذلك الحصول على دولة الحلم في الضفة والقطاع والذي انتهى به الحال بعد كل هذه الادوار الوظيفية الى حكم ذاتى منقوص, وفي النهاية تمت محاصرته في رام الله ومقاطعة الانظمة التي خدمها وحين انتهى دوره وحلمه, تم تسميمه كي لا يبقى من يطالب بدولة مثلما تم تسميم الشريف حسين في قبرص لدفن حلمه في المملكة العربية الموحدة.


لم يعد خافيا على احد ان عرفات تم تسميمه من قبل رفاقه الاكثر استعدادا للمضي قدمافي تصفية القضية الفلسطينية وذلك باضفاء الشرعية على السلطة/ الجيتو  الدور والتصفية.


ان اندحار وهزيمة النازية ادى الى تحرير الجيتووات في اوروبا وتحرر اليهود الذين تم تجميعهم فيها ومع وجود الحركة الصهيونية الناشطة والمتنفذة والتي اعدت لواءا عسكريا قاتل مع الانجليز في الحرب العالمية الثانية لاكتساب الخبرة القتالية وليكون نواة جيش الكيان الموعود من بلفور والذي التزمت بريطانيا بتنفيذه وتحقيقه عام النكبة 1948 .


لا يمكن للشعب الفلسطيني وحده ان يتحرر من الجيتو ويحرر فلسطين  مهما بلغت  قوته وتضحياته ان هذا المشروع هو مشروع الامة بكل مكوناتها وكل الشعوب المحبة للحرية والاستقلال والسبادة الوطنية.هل هذا ممكن في المدى القريب؟ 
اننا مؤمنون  ومتيقنون وان طال الزمن
هذه الامة ستحجز مكانها تحت الشمس.


اتوجه بالشكر الجزيل والعرفان للباحث الدكتور عبد الوهاب المسيري والاعلامي محمد سعيد دلبح.

 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري