ما هي اللعبة المخفية وراء اختفاء الدولار من المصارف اللبنانية ومن يدفع الثمن؟
مقالات
ما هي اللعبة المخفية وراء اختفاء الدولار من المصارف اللبنانية ومن يدفع الثمن؟
موسى عباس
28 أيلول 2019 , 21:45 م

يبدو أن هناك من يخطّط في لبنان ومن قبل من هم في مواقع القرار الإقتصادي-المالي لحل جزء من الأزمة المالية التي يعيشها البلد  عبر التلاعب بسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي وذلك من خلال العمل على زيادة سعر صرف الدولار مقابل الليرة فبعد ان كان سعر الصرف للدولار الواحد يساوي 1507ليرات وذلك لسنوات طويلة ماضية،تجاوز اليوم سعر الصرف في السوق ولدى الصرافين حدود 1680 في بعض مناطق بيروت وفي باقي المناطق تجاوز ال1700ليرة.

وبقدرة قادر امتنعت المصارف عن إعطاء الدولار لمن يرغب من التجار أو من أصحاب المصالح وكذلك المواطنين لتيسير  أعمالهم اليومية، وكان لا بد لمن يحتاج للدولار أن يذهب الى محلات الصيرفة" الذين يحصلون على الدولار من المصارف "ومكاتب الصيرفة  تحدّد السعر بناءً على قانون العرض والطلب، ولجأ الكثيرون إلى السوق السوداء لإضطرارهم إلى الحصول على عملة "أكبر دولة ديكتاتورية في العالم التي باتت تفرض وجودها في كل منزل من خلال العقوبات السياسية والإقتصادية على المواطنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في مجريات الصراع  إن كان إقليمياً أو دولياً ".

 

وبالرغم من أن هناك معلومات تسرّبت الى الإعلام عن أن عدداً لا بأس به من أصحاب الأرصدة المالية الضخمة من اللبنانييين والفلسطينيين قد بادروا إلى سحب أموالهم من المصارف اللبنانية ونقلوها إلى الخارج وكأنهم يستجيبون للضغوطات الخارجية على الإقتصاد اللبناني ويساهمون عن قصد أو عن غير قصد بمفاقمة الأزمة المالية ، وبالرغم من الإشاعات التي تدور هنا وهناك عن تهريب  ملايين الدولارات إلى سوريا وهي إشاعات وأقوال تم نفيها ولم يستطع مروجوها إثباتها وإنّما المقصود منها توجيه التهم الى المقاومة وبيئتها بأن وراء الأزمة، إلا أن  ما يحدث منذ بضعة أيام ليس له أي مُبرّر برأي الكثير من خبراء الإقتصاد.

ويؤكد بعض الخبراء الإقتصاديين أن ما يجري في السوق المالية من أن:" السماح لمحلات الصيرفة باعتماد سعر صرف للدولار مغاير للسعر الذي يعتمده البنك المركزي وتلتزم به المصارف  ما هو إلا اتفاق يهدُف الى تغيير سعر صرف العملة الوطنية لاحقاً".

وإذا أخذنا بعين الإعتبار أن لبنان لا يمكن أن يتحمل سعرين للدولار  ، فلا بدّ إذاً من حسم المسألة لصالح سعر مُوحّد يعتمده المصرف المركزي والوحيد القادر على حماية العملة الوطنية، وتقول المصادر الإقتصادية الخبيرة بخفايا ما يجري في السوق المالية: " أنه  ليس من المستبعد أن يصل سعر صرف الدولار إلى 2000ليرة لبنانية وحينها يتدخل المصرف المركزي بالاتفاق مع المصارف والصرّافين والتجار إلى تحديد سعر جديد للدولار ما بين 1600 إلى 1750 ليرة لبنانية.

وهكذا يكون المصرف المركزي وأثرياء الدولار من أصحاب المصارف والتجار والشركات  قد استفادوا من فارق سعر الصرف وحصلوا على أرباح بقيمة 250 ليرة عن كل دولار  في حال تم تثبيت سعر الصرف على ال1750ليرة واستعادوا جميعاً وفي كلا القطاعين ما تم دفعه لسلسلة الرواتب والرواتب.

أما الخاسر الأكبر فهم الموظفون  في القطاعين العام والخاص و المتقاعدون وتعويضات نهاية الخدمة وجميع العاملين في القطاعات الحرّة وبالأجرة اليومية لأن أجورهم الخالية ستتدنى  وكذلك قدرتهم الشرائية وسينعكس ذلك على أقساط المدارس التي تتقاضى الأقساط بالليرة اللبنانية وربما تفرض زيادة على الأقساط  وكذلك على قطاع الإيجارات وعلى جميع الأسعار بما فيه وسائل النقل وهذا ما لن يكون بقدرة تحمّل  المواطن الذي ستتدنى قيمة ما يتقاضاه من راتب بدرجة كبيرة ، فمن لديه مدخول يساوي 1،500,000ليرة  وكان يساوي تقريباً 995 دولاراً على  سعر صرف 1507 ليرات مقابل الدولار فإن مدخوله سيتدنى إلى 857 دولاراً .

والأدهى من كل ذلك أن كثيراً من المواطنين الذين لديهم مبالغ مودعة في المصارف سارعوا الى المتاجرة بالدولار  وساهموا مع المخططين ومع الفاسدين في لعبة هم من الخاسرين فيها ، لانهم ومهما كانت إمكانياتهم لن تصل الى مستوى إمكانيات أصحاب المصارف والتجار الكبار والأثرياء ممن يديرون اللعبة من الغرف السوداء.

إن ما يجري يؤكد على الفساد الكبير  المستشري في المفاصل الأساسية في البلد منذ  عقود  لا سيما في القطاعات المنتجة  ، فلا أعتقد أنّه يوجد بلد في العالم غير لبنان يأكله الفساد  ويتربّع الفاسدون والمفسدون في مواقع محمية لا أحد من المواطنين يعرف "من هو الحامي ومن هو المحمي".

إنّ بلداً تتحكم فيه الطائفية والمذهبية لن يتغيّر فيه أي واقع  لأن الشعب مرتهنٌ  بيد زعماء الطوائف والمذاهب  ممن يتحكمون بمفاصل السلطة وهذا الشعب  الذي ينتقد الفساد والمفسدين هو نفسه إذا ما أتهم أحدٌ من رموزه السياسية بالفساد يهب دفاعا عنه ويصبح اتهامه اتهام للطائفة وللمذهب ودرءاً  للفتنة يسكت الجميع ، حتى أصبح الناهب للمال العام لا يخشى من أن يطاله القانون طالما الغطاء الطائفي يحميه.   

المصدر: وكالات+إضاءات