أيّ لبنان يريده أنصار وحلفاء المشروع الصهيوني \ موسى عبّاس
مقالات
أيّ لبنان يريده أنصار وحلفاء المشروع الصهيوني \ موسى عبّاس
موسى عباس
15 تشرين الثاني 2019 , 08:34 ص

 انطلقت الإنتفاضة الشعبية في السابع عشر من الشهر الماضي ومضى عليها ما يقارب الشهر على خلفية الغضب العارم على طبقة حاكمة فاشلة لا تأبه للمعاناة الشعبية بل على العكس فإن غالبية أعضائها من أركان الثراء الفاحش الذين كدّسوا ثرواتهم من جيوب المواطنين إما من خلال مؤسسات امتلكوها مشكوك بمصدر  تمويلها أو من خلال استيلائهم على الأموال العامة وعلى ممتلكات عامة دون أيّ وجه حق، 

وهم يعتبرون أن عامّة الشعب مجرّد "قطيع لا يمكن له أن يخالف الرعاة "تلك الهبّة الشعبية بدت وكأنها عفويّة نتيجةً لقرار إتخذه وزير الإتصالات "المتعجرف "ووافقت عليه الحكومة، وارتفعت شعارات ظهرت وكأنّها طبيعية مثل :

" الشعب يريد إسقاط النظام"

"والشعب يريد إسقاط الحكومة"

وغيرها من الشعارات التي رُفعت مثيلاتها في الساحات العربية عند انطلاق الإحتجاجات فيما عُرِف حينها بالربيع العربي.

وبالرغم من أنّ لبنان يمتاز عن غيره من بلاد العرب بتعدد الطوائف والمذاهب والأحزاب المتناقضة من حيث الإيديولوجيا والمبادئ ولأن الفقر والإجحاف  يطال الغالبية الساحقة من المواطنين تداعى الآلاف من المواطنين من جميع المشارب والطوائف والمذاهب إلى ساحات المدن الرئيسية في مشهد بدا وكأنّه وحّد جميع المتضررين من أبناء الشعب دون تمييز  متناسين انقساماتهم وولاءاتهم السياسية والدينية  توحّدوا ساعين  لرفع الغبن والظلم الذي لحق بهم و تراكم على مرّ  عقود ثلاثة متتالية بدأت  مع تولي الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة بعد إتفاق الطائف وازداد مع تولّي فؤاد السنيورة رئاسة الوزارة بفعل المحاصصة بين أركان السلطة .

 

وأهم مظاهر الظلم والفساد تتجلى في:

- هدر المال العام بمئات الملايين من الدولارات على أعمال لم يستفد منها سوى قلّة من المواطنين لا سيّما في وزارة المهجرين ومجلس الجنوب ومجلس والإنماء والإعمار وعلى مشاريع الكهرباء الفاشلة .

-سرقة أموال الخزينة من خلال سندات الخزينة مرتفعة الفائدة والتي يمتلكها أصحاب المصارف والأثرياء التي أدّت إلى زيادة ثرواتهم وإلى تفاقم الدين العام.

-سرقة القسم  الأكبر من عائدات الجمارك .

- الإستيلاء على أملاك عامة بدون أي مقابل كالأملاك البحرية التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات امتداداً من شواطئ القلمون شمالاً حتى  الرميلة جنوباً .

- الإستيلاء على المشاعات الجبلية وإنشاء الكسارات والمقالع والمرامل فيها لصالح الزعماء أو أتباعهم وأقربائهم.

- سرقة أموال المشتركين في قطاع الإتصالات الخليوية، فضلاً عن سرقة عائدات ذلك القطاع من خلال عقود تفوح منها روائح الفضائح.

-الرواتب المرتفعة لآلتي تدفع للوزراء في الحكومة وللرؤساء السابقين والحاليين والنواب السابقين والحاليين المتوفين منهم  والأحياء والتي تصل إلى 9,2 مليار ليرة شهريّاً.

 

-الفساد في الإدارات العامة واستشراء الرشوة والمحسوبيات بشكل واسع يكاد لم يصل إليه أي بلد آخر في العالم.

- فرض الضرائب المتتالية على مداخيل المواطنين دون أي وجه حق، بينما يتهرّب الأثرياء من دفع ما يتوجب عليهم وعلى شركاتهم  من ضرائب لخزينة الدولة والتي تُقدّر بمليارات الليرات اللبنانية سنوياً .

 

هذا غيضٌ من فَيْضْ من أسباب نقمة المواطنين على المسؤولين عن إدارة الشأن العام بدءًا من  الحكومة وصولًا الى مجلس النواب.

ولأنّ تلك النقمة مشروعة وجد المحتجون تأييداً من غالبية اللبنانيين باستثناء حيتان المال من أصحاب المصارف والأغنياء وغالبية السياسيين ممن هم في السلطة أو خارجها.

بعد ثلاثة أيام برزت حقيقة أنّ تلك الإحتجاجات لم تكن بكاملها عفوية وإنّما مخطط لها من قبل قوى رئيسية كانت مشاركة في الحكومة وأبرز تلك القوى هي :

-"حزب القوات اللبنانية" بقيادة "سمير جعجع " الذي ليس لديه سوى همّْ واحد وأساسي وهو إخراج حزب الله من الحكومة وبالتالي عزله سياسياً  تمهيداً لمحاولة إجباره على تسليم سلاحه بناء لرغبة الأمريكيين والصهاينة والأعراب المتصهينين " حكاّم السعودية وحكّام الإمارات  الذين يُموّلون مصاريف الحراك" وجميعهم مواقفهم معروفة من سلاح المقاومة ومعلنة على الملأ.

  والدليل الأوّل على موقف حزب القوات اللبنانية هو مسارعتهم لسحب وزرائهم من الحكومة وهم أنفسهم من كان يضغط على رئيس الحكومة للإستقالة وتشكيل حكومة "تكنوقراط" قبل حدوث الإحتجاجات، أما الدليل الثاني فهو ما أعلنه الوزير محمد شقير  من أنّ  من أوحى له بفكرة الضريبة على" الواتس أب" هو أحد وزراء القوات اللبنانية .

سمير جعجع الذي كان قد طلب من السعودية إجبار الرئيس سعد الحريري على الإستقالة أثناء اعتقاله من قبل ولي العهد السعودي في الرياض ،هو نفسه من أوعز إلى أنصاره بقطع طريق بيروت طرابلس عند منطقة جسر جل الديب ورفع شعارات استفزازية ضد المقاومة وقائدها.

 

- "وليد جنبلاط "الإقطاعي الأكبر بين جميع السياسيين ومالك عشرات الشركات الإحتكارية صاحب المواقف المتلونة والمتقلبة، الذي شارك منذ بداية الحراك الشعبي  مع سمير جعجع بالضغط على سعد الحريري لتقديم استقالته.

سمير جعجع ووليد جنبلاط خطفا الحراك الثوري إلى حيث يرغب الأمريكيون والصهاينة ويصرّان على قطع الطرقات وعلى شلّ جميع القطاعات الإقتصادية والتربوية الأمر الذي أدى إلى إثارة غضب المواطنين اللذين كانوا يؤيدون الحراك في بدايته ونقموا عليه بعدما تحوّل إلى أداة ضاغطة على لقمة عيشهم وإلى وسيلة ضغط سياسية تسعى إلى عزل طرف أساسي كان له الفضل الأول في تحرير لبنان من الإحتلال الصهيوني وفي الوقوف في وجه الإرهاب ومنعه من تحقيق طموحه في السيطرة على لبنان وجعله مستقراً له .

 مناصروا سمير جعج  ووليد جنبلاط يقودون الإحتجاجات  ويقطعون الطرقات ويمعنون في إذلال الناس ويسلبون الإرادة الحقيقية للمواطنين الذين خرجوا سعياً وراء التغيير الحقيقي في بنية النظام الفاسد .

 

سمير جعجع الحليف الأول للصهاينة والأمريكيين وللأعراب المتصهينين يعتقد أنّه بإمكانه إجبار المقاومة على التخلي عن سلاحها من خلال محاصرة بيئتها بشكل خاص واللبنانيين بشكل عام إقتصادياً ومالياً بالتواطؤ مع حكم مصرف لبنان وبعض أصحاب المصارف سمي جعجع الخارج من السجن بعفو خاص يسعى إلى تحويل لبنان إلى محميّة صهيو- أمريكية بالتحالف مع من يوافقه الرأي من الحاقدين  الذين تولوا السلطة لعقود ونهبوا  مقدرات البلد وأوصلوه إلى حدود الإفلاس وإلى حافّة الهاوية ، هؤلاء جميعهم لم يتعلّموا لا من تجاربهم ومن خيباتهم السابقة ولا من تجارب حلفائهم وأصدقائهم في المنطقة الذين وجدوا أنفسهم بين ليلةٍ وضحاها لقمة سائغة في أشداق أعدائهم بعدما تخلى عنهم الأمريكيون .

 

إنّ شعب المقاومة وأنصارها لن يتخلوا عن مصدر عزّتهم وكرامتهم مهما كان الثمن المجبرين على دفعه ومهما كانت المعاناة التي تُفرض عليهم يوميّاً لأنّهم يدركون بكامل وعيهم

أن كرامتهم  التي تعمّدت ولا زالت بدماء الشهداء طيلة عقودٍ أربعة والتي صانها وحفظها سلاح  المقاومة  تحتاج دائماً  إلى المزيد من التضحيات الجسيمة للمحافظة عليها .

لذا ، على حلفاء الصهاينة في لبنان وعلى رأسهم سمير جعجع أن يفكروا آلاف المرات قبل أن يكملوا نهجهم الأرعن وحلمهم المستحيل في "إسقاط سلاح السؤدد والشرف الذي عجز أسيادهم عن إسقاطه"وإلا  ستنقلب الطاولة على رؤوسهم ورؤوس حلفائهم الكبار والصغار ولن يجدوا من ينتشلهم من الهاوية التي يحفرونها لغيرهم وسيهوون هم فيها بإذن الله عليهم أن يدركوا أنّهم يواجهون قوماً ورثوا وتوارثو  ويورثون العزّة والإباء ديدنُهم تطبيق شعار:

"هيهات منّا الذلّة".

المصدر: وكالات+إضاءات