القوات الأمريكية في العراق لا تتمتع بالحماية الجوية من إيران، و لكن السعودية تتمتع بها
مقالات
القوات الأمريكية في العراق لا تتمتع بالحماية الجوية من إيران، و لكن السعودية تتمتع بها
nbcnews
18 كانون الثاني 2020 , 18:21 م

 

منذ عام 2003 ، أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات على تطوير مجموعةٍ كبيرة من الأسلحة الدفاعية لمنع الصواريخ البالستية القوية من ضرب القواعد والمواقع الأمريكية المنتشرة حول العالم, ولكن في الثامن من يناير، لم يكن أيٌ من هذه الدفاعات حاضراً للدفاع عن القواعد الأمريكية في العراق, فلقد أصابت الصواريخ البالستية الإيرانية قاعدةً جوية في العراق كانت تضم عناصراً من القوات العراقية والأمريكية.

حيث كان الهجوم على قاعدة عين الأسد الجوية رداً متوقعاً من قِبل إيران على الضربة الأمريكية التي قتلت اللواء قاسم سليماني باستخدام طائرةٍ مسيرة قبل أيامٍ من الرد الإيراني, لكن لم يكن لدى قرابة 1500 من الأفراد العسكريين الأمريكيين في القاعدة سوى الصلاة في مواجهة الصواريخ التي يبلغ وزنها حوالي 4 أطنان، والتي سقطت في القاعدة.

حيث سلط الهجوم الهائل الضوء على مدى قلة التفكير الأمريكي في عواقب قتل سليماني، وكيف كان من الممكن أن يكلف هذا التهور بسهولةٍ أرواح المئات من الجنود الأمريكيين على الأقل،  زالس من الواجب على وزارة الدفاع أن تقدم لقواتها في العراق نفس الحماية التي وفرتها للمملكة العربية السعودية من خلال تغطيتها بدفاعاتٍ جوية من صواريخ الباتريوت المتطورة؟ .

 في الواقع، كان ينبغي على القوات الأمريكية في العراق أن تحظى بنفس الحماية, في اللحظة التي التزمت فيها إدارة ترامب بقتل سليماني واستفزاز إيران بهذا الشكل حيث كان لديها بالفعل دليلٌ على أن إيران مستعدةٌ لاستخدام الأسلحة المدمرة لضرب أهدافٍ أجنبية في العراق . وكان الأفراد الأمريكيون في العراق بالفعل أهدافاً متكررة لهجماتٍ صاروخية أصغر، بما في ذلك أحدها قبل أسبوعٍ واحدٍ فقط من مقتل سليماني، عندما قامت إيران بتدبير اقتحامٍ لمجمع السفارة الأمريكية في بغداد.

حيث يمتلك الجيش الأمريكي 60 بطاريةً من صواريخ باتريوت أرض-جو القادرة على اعتراض الصواريخ البالستية قصيرة المدى وسبعة أنظمةٍ دفاعية من طراز THAADالمتقدمة التي صممت لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى فهذه البطاريات مطلوبةٌ في جميع أنحاء العالم ، مع وجود حوالي نصفها موزعة على القواعد الأمريكية خارج الولايات المتحدة .

كما و يجادل البعض بأن الجيش ببساطةٍ ليس لديه وحدات دفاع جوية كافية للاعتماد عليها في حالات الطوارئ.

 وصحيحٌ أن القوات الأمريكية التي تدافع عن القواعد في المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط كانت أيضاً على مسافةٍ قريبةٍ من العديد من صواريخ البالستية قصيرة المدى في إيران.

ولكن في أبريل 2019، نشر البنتاغون سريعاً إحدى بطارياته القليلة من طراز THAAD في إسرائيل للقيام بتدريباتٍ عسكرية, ومن المسلم به أن هناك تعقيداتٌ إضافية في نشر مثل هذا النظام والقوات التي تقوم بتشغيله في العراق، ولكن هل من المفترض أن نصدق أن الجيش الأمريكي لم يستطع أن يرسل وحدات الدفاع الجوي هذه في أزمةٍ كبيرة كهذه؟، في حين كان قادراً على إرسالها إلى إسرائيل لإجراء تدريباتٍ ومناورة عسكرية ؟

وفي العام الماضي، في أعقاب هجوم ٍبصواريخ كروز والطائرات المسيرةالإيرانية التي عطلت إنتاج النفط السعودي لفترةٍ قصيرة خلال الصيف، نشر البنتاغون بطارية باتريوت ورادارات دفاعٍ جوية لدعم الدفاعات السعودية ولحماية القوات المتواجدة هناك، والطائرات التي يتم إرسالها إلى المملكة العربية السعودية.

والجدير بالذكر أنه لم يلقِ أيٌ من الأفراد الأمريكيين حتفهم في الهجوم الإيراني بسبب مزيجٍ من الإشعارات المسبقة التي حصلوا عليها من أقمار الإنذار المبكر التي حذرت الأفراد في القاعدة من لحظة وصول الصواريخ إلى السماء ومن المحتمل من مصادرٍ موجودةٍ في العراق أو في إيران، فضلاً عن الحظ الكبير بالتأكيد, على عكس التحليلات التي تزعم أن طهران سعت عن عمد إلى تجنب وقوع إصاباتٍ وأضرار بالغة في القوات الأمريكية، فقد قدر رئيس هيئة الأركان المشتركة أن الهجوم كان يهدف إلى التسبب في أضرارٍ هيكلية و تدمير المركبات والمعدات والطائرات وقتل الأفراد في القاعدة أيضاً .

فكما حدث، سقطت صواريخ فاتح على عين الأسد موجهةً عدة ضرباتٍ مباشرة في الهياكل الرئيسية في جميع أنحاء القاعدة، وحرقت أماكن مكوثٍ للأفراد وحظائر الطائرات على حدٍ سواء. فعلى الرغم من أن هذا التحذير قد سمح لمعظم الأفراد بالإجلاء إلى مستودعاتٍ مؤمنة تحت الأرض ، إلا أن تقريراً صادراً عن شبكة CNN يوضح أن ليس كل مستودعات عهد صدام حسين كانت قويةً بما يكفي لحماية من فيها، وأن بعض الأفراد ظلوا مكشوفين أثناء قيامهم بحماية محيط القاعدة من أي هجومٍ بريٍ محتمل من قبل الميليشيات الموالية لإيران.

كما أن تهديد الصواريخ البالستية الإيرانية لم يكن سراً. فمنذ عام 2017، أطلقت طهران صواريخاً بالستية أربع مراتٍ على الأقل للرد على الأعداء في العراق وإسرائيل وسوريا حيث أظهرت ضربةٌ صاروخيةٌ في العراق في سبتمبر عام 2018 دقةً قاتلة، حينما أصابت صواريخ فاتح المتعددة مجمعاً محدداً كان يجتمع فيه المقاتلون الأكراد، مما أدى إلى مقتل 18 شخصاً وفقاً للتقارير الإيرانية.

كما أنعدم الرضا الأمريكي عن عدم توفير الدفاعات الصاروخية الكافية للعاملين في العراق كان عاماً ، وقد تم إعتبارهأ مراً شائناً للغاية بالنظر إلى أن إدارة ترامب استشهدت بتطور الصواريخ البالستية الإيرانية لتبرير الخروج من الصفقة النووية مع طهران في عام 2018، مما زاد من التوتر مع إيران في الفترة التي سبقت اغتيال سليماني.

و مما لا شك فيه أن صواريخ الدفاع الجوي ليست مثالية. فخلال حرب الخليج الفارسي عام 1991 ، اعترضت صواريخ باتريوت الأمريكية عشرات صواريخ سكود العراقية ولكنها لم تعترضها جميعاً، حيث قتل 27 من أفراد الحرس الوطني من بنسلفانيا، عندما تم ضرب ثكناتهم في الرياض في المملكة العربية السعودية.

وفي الآونة الأخيرة، استخدمت المملكة العربية السعودية صواريخ باتريوت لاعتراض أكثر من 100 هجوم صاروخي من عناصر أنصار الله في اليمن، والذي أدى إلى نتائجٍ جيدة ولكن بأي حالٍ من الأحوال ليس مثالية ومع ذلك، فإن كل صاروخٍ يتم إخراجه من السماء يعطي فرصةً أقل لإحداث خسائر كبيرة.

و الجدير بالذكر أن كل بطارية من طراز باتريوت يمكنها الدفاع عن بقعةٍ صغيرةٍ نسبياً من المجال الجوي ضد الصواريخ البالستية، لذلك ربما تكون إيران قد تحولت إلى هدفٍ مختلف لو أن القوات الأمريكية دافعت عن عين الأسد ولكن الخصوم المقنعين لمهاجمة أهدافٍ أقل جاذبية هو شكلٌ من أشكال النجاح في حد ذاته.

فحتى لو كان الدفاع المثالي غير عمليٍ في الوقت الراهن، فهو يظل فشلاً صارخاً في عدم بذل أي محاولةً لتزويد قرابة 5000 جندي أمريكي في العراق بدفاع صاروخيٍ جويٍ نشط في ظل هذه الظروف الخطيرة، على الرغم من أن البنتاغون قد يقوم بتعديلاتٍ متأخرة للنظر في هذا الأمر.

فبسبب الحظ الجيد، لم يقتل أيٌ من الأفراد الأمريكيين في الضربة الإيرانية، إلا أن الفشل في نشر دفاعاتٍ جويةٍ نشطة ضد هجمات الصواريخ البالستية لن ينسى, فقوات الولايات المتحدة قد لا تكون محظوظةً في المرة القادمة.

المصدر: وكالات+إضاءات