قالـت سيـدة من حلب (تحرير حلب) فَتَحَ الطريق إلى القدس ، والثاني (ثاني القبلتين)
حلـب الأقــدم في التـاريخ ، ســرق التـركي قلبـها ( انطاكية ) ، وأراد اليـوم اغتـيالها
على من كان متوهماً أن الزمن توقف عند أمريكا ، نقول: التاريخ أعطى قِيادَهُ للشرق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه السيدة اختصرت المسافات ، كما اختصرت التاريخ ، ورأت ما لم يتمكن إلا القلة من رؤيته ، حيث دلت على الطريق ، فجمعت قصارى القول في جملة ، (تحرير حلب يفتح الطريق إلى القدس) ، قالت للذين في غيهم ساهون ، وللذين في آذانهم وقر أن أفيقوا (اسمعوا وعوا) ، وللذين أضاعوا البوصلة وتاهوا في صحاري الربع الخالي ، أوبين اهرامات مصر ، نحن في الطريق قادمون .
من حلب أدركت سيدة ما لم يدركه الكثيرون من (المثقفين القشريين) أن انتصار حلب وما قبلها وما بعدها ، هو عمل تراكمي كمي يمهد الطريق إلى القدس ، فهذا القول أوسع طيفاً ، من النداء التاريخي للسيدة العربية التي نادت مستنجدة ( وامعتصماه ) ، لأن قول سيدة حلب ، ليس نداء استغاثة ، بل هو نداء إلى الذين لا يعلمون ، أن الجيش العربي السوري ، لم يفتح الطريق من حلب إلى دمشق فقط ، بل فَتَحَ الطريق مستقيماً إلى القدس ، فإسرائيل ، وأمريكا ، يدركان أن انتصارات حلب ، ليست انتصارات عسكرية مرحلية فحسب ، بل هي انتصارات تؤشر للمستقبل .
ولعل انتصارات سيف الدولة الحمداني أمير حلب ، وحمايته للثغور الشمالية من الروم ، ورد الغزاة ، وتدميره لحصن خرشنة .
والذي خلد المتنبي تلك الانتصارات وهذه الشخصية ، ببيت من الشعر لم يُقل مثلهُ من قبلُ ومن بعدُ ، حيث توجه إلى سيف الدولة بعد عودته من حرب الروم مخاطباً :
[ وقفتَ وما في الموت شكٌ لواقفٍ .... كأنكَ في جفنِ الردى وهو نائمُ ] ،
لعل كل هذا الارث الحلبي ، هو الذي ألهم هذه السيدة الحلبية أن تنطق بتلك الدرر .
ونحن نرفد قول هذه السيدة ، بالطريق الذي شقه الشهيد ( أبو المهدي المهندس ) بدماء رفاقه من الحشد الشعبي ، من بغداد إلى مدينة الميادين السورية ، والذي عمده بدمه ، بأن ذاك الطريق الاستراتيجي الهام ، الذي حاول الأمريكان قطعه ، قد وصل بين بغداد وحلب ، ليشكل رافداً فراتياً استراتيجياً للطريق الممتد من حلب إلى القدس ، الذي فتحه بعد أن عمده الجيش العربي السوري بدمائه ودماء حلفائه وأصدقائه.
والوفاء للقدس ، وللقضية ، يقتضي وضع الجهود الجبارة ، التي بذلها شهيد القدس ( قاسم سليماني) في أعلى العليين موقعاً ، ذلك القائد التاريخي البطل ، الذي أشرف ، ودرب ، وشيد ، جسراً بين المقاومين ، من طهران ، وبغداد ، إلى غزة ، مروراً بسورية ، ولبنان ، ليسهل الطريق على المقاومين للوصول إلى القدس .
سيقول البعض من العملاء ، والطابوريين ، والمتوحشين ممن ينهلون من الفقه السلفي التكفيري ، عملاء الغرب ، وأجراؤه ، والذين لايزالون يعيشون في زمن الغزو ، أن هذا التمني [ حصرم رأيناه في حلب ] .
ولكن الواقع ، ومسار الأحداث ، والانتصارات التي تراكمت عبر السنين التسعة ، وآخرها انتصار حلب التاريخي ، الذي لم يفاجئ الكل المعادي فحسب بل فقأ عيونهم .
كلها تعلن ومن ظاهر حلب ، وعلى اتساع المدى :
اليوم تم كشف زيف (الديموقراطية الغربية ، وبخاصة الأمريكية المضللة إلى الأبد ، والتي استأصلت شعب الهنود الحمر بكامله) ، والدليل الاضافي الفاقع على ذلك (تحالفهم مع الحركات الاسلامية التكفيرية ، ومع السعودية الدولة الأكثر ظلامية في العالم ، والتي تتبنى فقه التكفير ) ، أما الزعم بأن الغرب يدافع عن حقوق الانسان ، هو ادعاء كاذب ، وفاضح ، ومضلل ، أيضاً ، والدليل على ذلك موقف الغرب من مظالم الشعب العربي الفلسطيني ، ووقوفه إلى جانب آخر دولة استعمارية استيطانية عنصرية .
لذلك يجب أن نحول انتصار حلب وما سبقه وما سيأتي بعده ، وما رفده من انتصارات لقوى المقاومة .
بداية القطيعة التاريخية (حالة طلاق) ـــ حضارية ـــ انسانية ـــ معرفية ، بين شعوب المنطقة المكافحة (محور المقاومة) ، وبين التحالف التاريخي الرباعي الأرجل :
(الطغيان الاستعماري الغربي بقيادة أمريكا ، الذي أسس لحقوق التوحش ، والحركات الاسلامية التكفيرية ، والدولة الصهيونية العنصرية ، وملوك الظلام في الخليج (وليس الشعوب) .
بهذه القطيعة ، ومن خلالها فقط ، نتحرر من الفقه التراثي الماضوي الظلامي التكفيري ـــ فقه الذبح ، والحرق ، والسبي ، الذي رعاه الغرب قروناً .
[ نعم هذا الانتصار التاريخي ، سيشكل أرضية الخروج ، والانبثاق ، والخلاص ، من الاستعمار الغربي ، الذي حرص أن نبقى في غيبوبة الماضي ، ليتمكن من السيطرة . ]
[ وندخل مرحلة ما بعد السلفية ، التكفيرية ، سياسياً ـــ وثقافياً ـــ وفقهياً ، عندها فقط : نشارك في الركب الحضاري ، لبناء الانسان ، والانسانية ، ونخلصها من حيونة الغرب . ]