وجه الهزيمة .. ماذا دار بين بوتين واردوغان في الجلسة المغلقة\ نارام سرجون
مقالات
وجه الهزيمة .. ماذا دار بين بوتين واردوغان في الجلسة المغلقة\ نارام سرجون
6 آذار 2020 , 06:25 ص
مشكلة الاجساد انها فصيحة عندما تتكلم .. وفي حركاتها من البلاغة الكثير وما لاتجده في القواميس من معان لاتحيط بلغة الجسد التي لاتحصى معانيها .. وهي تفضح الأفكار وتفضح المكنونات التي تحاول الارواح ان تدف

مشكلة الاجساد انها فصيحة عندما تتكلم .. وفي حركاتها من البلاغة الكثير وما لاتجده في القواميس من معان لاتحيط بلغة الجسد التي لاتحصى معانيها .. وهي تفضح الأفكار وتفضح المكنونات التي تحاول الارواح ان تدفنها في اللحم والعظم والعيون .. وليس هناك أغبى ممن يقرأ الأوراق والجرائد ولاينظر في صفحات الوجوه .. فلايوجد كتاب مقروء بوضوح ككتاب الوجه ..

واليوم نسيت اللغة ونسيت الابجدية وصرت ممن به صمم .. لأنني لم أستمع الى البيان الختامي للقمة بين الرئيسين بوتين واردوغان .. انا لم أنس ان ارفع صوت التلفزيون ولم انس القراءة والكتابة .. ولكن تابعت عيناي شيئا واحدا فقط تحول الى دفتر واضح فاضح تماما .. هو وجه اردوغان الذليل المكسور المهزوم .. هل ها هو اردوغان ام نسخة ثانية خاصة بروسيا؟؟

فالرجل كان منذ ساعات يزبد ويهدد ويتوعد ويحدد الخط الذي يجب ان نعيد جنودنا اليه .. ويطلب من روسيا ألا تقف في وجهه .. وحبس الثورجيون أنفاسهم بانتظار ان يحطم اردوغان الدنيا على رؤوس الجيش السوري وحلفائه ..

ولكنه في موسكو يعود طيبا ومهذبا وملمعا ويفهم في الاتيكيت وينسى الكلام الحماسي والوقاحة والبذاءة وينسى انه سلطان .. فأمام القيصر تنهار السلاطين ..

ولكن ظهور اردوغان ووجهه الحزين في المؤتمر يشي انه تعرض لتوبيخ شديد من الرئيس بوتين وانه كان تحت ضغط نفسي وتوتر لأن وجوده في موسكو كلن يبدو استدعاء له واحضاره موجودا ليتم تعنيفه .. ولسنا بحاجة لان نكون حاضرين في الجلسة او لأن نقرأ محضر الجلسة لأن ماقاله وجهه كان واضحا جدا .. ومكتوبا على جبينه .. ولاأستبعد ان الرئيس بوتين استعمل معه كلمات قاسية للغاية .. فالرئيس بوتين معروف انه قاس جدا في الحديث مع خصومه وحاد جدا ويغلب الغضب على قسمات وجهه عندما يتحداه الخصم ويبدي وقاحة في العناد والانكار ..

لم يكن اردوغان بحاجة الى كل هذا المشهد المذل ولا الى هذه الرحلة الى موسكو لو انه ذكي وعمل بمنطق التحليل وليس بمنطق المقامرة .. فمن المعروف حتى لأبي محمد الجولاني (وهو أغبى ثورجي وجهادي في العالم ) ان الغرب لايريد نزاعا مباشرا مع روسيا لكنه لايمانع في من يتحمل عنه تبعات المواجهة مثل اردوغان .. ولايحتاج الامر في ادلب الى استنتاج ان الحلفاء لن يتراجعوا قيد شعرة عن كل ادلب .. ولايحتاج الامر الى معرفة ان المعركة انتهت واللعبة الكبيرة ايضا انتهت وكل اللعب في الوقت الضائع لن يغير النتيجة ..

 ومع هذا ركب التركي رأسه ومضى وكأنه جاهل في السياسة والمعادلات الدولية .. فما جناه هذا الحمار التركي هو انشقاق فلق المجتمع التركي بعمق تجلى في جولة الملاكمة في البرلمان التي تعكس أزمة قادمة في المجتمع وتتنبأ بأن مايحدث داخل البيوت لتركية شبيه بما حدث في البرلمان بسبب الاختلاف حول سياسة اردوغان .. وماجناه هذا الحمار ايضا هو اذلال لعساكره .. واضعاف لمعسكره في الداخل التركي .. وثقة كبيرة بالنفس كسبها الحلفاء لأنهم تذوقوا جيشه في القتال وتبين انه أوهن من جيش العنكبوت ..

فسراقب معركة مذهلة تفوق معركة بنت جبيل اللبنانية مع جيش بيت العنكبوت العبري .. لكن معركة بنت جبيل استمرت أكثر من معركة سراقب التي لم تستمر الا بضع ساعات ليلا كان الجيش التركي يسابق المسلحين المرتزقة في الهروب من المعركة .. وتبين انه أيضا جيش لبيت عنكبوت عثماني اخواني .. وهذا الاداء الرديء للعسكر الاتراك أسقط من يد اردوغان ورقة كان يهدد بها من أنه سيزج بجيشه الذي لم يعرفه احد من قبل ولك يجربه أحد وهو جيش ناتوي ولايزال مرتاحا ودباباته لاتزال بشحمها ولم يعلوها الصدأ .. فاذا بالجيش الناتوي والذئاب الرمادية تهرب في سراقب كالقطط الرمادية ..

الحقيقة رغم الاذلال البادي على محياه فان على اردوغان والشعب التركي ان يكبر بوتين على انه وافق على الانتظار قليلا ولم يتشنج كثيرا .. والا لكان الجيش التركي في ادلب قد نزلت عليه طيور الابابيل وحولته الى عصف مأكول في ايام .. لم يتعلم اردوغان .. ومن لايتعلم ليس فقط هو الجاهل بل اللص والمجرم الذي اعتاد السرقة والقتل .. فكلما خرج من السجن والعقوبة لم يقدر ان يقاوم غريزة السرقة لديه ويمد يده الى البضائع والجيوب ويكسر الاقفال ويتسلل في الليل ..

ان هذه المرة ليست ككل مرة .. ولكن في كل مرة يقع اللص في يد الشرطة ويوضع في السجن وينفذ عقوبة ويخرج .. ولكنه لم يتعلم .. ولايتعلم .. فيعود الى لصوصيته .. هذه المرة هي المرة الأخيرة التي يفرج فيها عن اللص التركي في موسكو .. ولم يبق الا الشريط الاخير من ادلب .. فاذا لم يخرج بالذوق والادب والكياسة الديبلوماسية فان العقوبة في المرة القادمة لاشك ستكون نهائية وقد تصل الى حدها الأقصى .. ألا وهي الاعدام .. وانا كمدع عام على اللصوص الدوليين .. سأطالب بانزال اقصى العقوبة به في المرة القادمة .. ألا وهي الاعدام .. بالخازوق ..

نارام سرجون

المصدر: وكالات+إضاءات