في الغرب المادي الاستعماري اللا إنساني, في يوم ما الصغير سيكبر وسينتظر من حفيدة أن يفرح بموته, التربية الرأسمالية البشعة للأجيال باتت سياسة عامة, لم تدهشني نظرية بوريس جونسون عن فوائد فيروس كوفيد-19 والقائلة ب "مناعة القطيع" وعن مجتمع الشباب المنتج الذي سينتح عنها, مجتمع منتج يخدم مصالح رأس المال وأصحاب رأس المال, فلطالما اعتبرت الرأسمالية أن الانسان أداة تكمن أهميته بمقدار خدمته لها, ولأن الكبير عبئ حسب زعمهم, فهو يحتاج لرعاية طبية مكلفة, بعدما أفنى عمره في خدمة أصحاب المال, وهو ايضاً يتقاضى راتباً تقاعديا يكلفها مالا, ولطالما تعبد النظم الرأسمالية المال فلم لا يتم التخلص من الكبار في السن؟.
في الشرق بمختلف انتمائاته العقدية يُحترم ويبجل الكبير, حتى أن مقولة من ليس له كبير فاليشتري كبير له سائدة, للدلالة على أهمية كبار السن في المجتمع من حيث نقل القيم والحكمة وأحداث ووقائع التاريخ للأجيال دون تجميل وتزييف, لن نستفيض في الحديث عن الموضوع بل سنترك لكم هذا النص لتتحققوا من مقدار الإنحطاط الذي وصلت اليه الحضارة الغربية.
إضاءات
في هولندا الان يسود فرح كبير عند شريحة واسعة من الشباب والاطفال بأن كورونا سيخلصهم من كبار السن لتغدو فرصتهم بالحصول على منزل أسرع وكذلك كون كبار السن باتوا غير منتجين.
سألت إحداهن يقول : لكن هؤلاء الذين تتمنون موتهم، هم الذين بنوا هذا البلد الرائع.
قالت لي: نعم، شكرا لهم، ادوا المهمة وعليهم ان ينصرفوا!
عبارة تختصر كل الانحطاط الاخلاقي للبشرية وتدخل بنا إلى غابات الراسمالية المتوحشة بأبشع صورها..
عندما كتبت مبكرا ان اوربا الراسمالية تنظر الى كورونا كفرصة ذهبية لتجديد شبابها والتخلص من أحمال ثقيلة على نظام الرعاية الصحية كتب لي بعض الاصدقاء طالبا مني ان اتوقف عن الشطحان بافكاري كعادتي دوما في تحليل الامور...
ولكن لا اعلم ما هو موقفهم بعد كلام جونسون عن "ضبط النفس واعداد المأتم وعدم الحزن كثيرا على فقد الاحبة" ما قولهم بعد اعتماد بريطانيا وهولندا والسويد والمانيا سياسة "مناعة القطيع" لمحاربة كورونا الذي يريدون له وكي يكسبوا المناعة ان يضرب 80 بالمئة من الشعب ليس اعتراضي على سياسة اكتساب المناعة في مواجهة الفيروسات بتقوية جهاز المناعة فهو حكما ناجع
ولكن هي سياسة تعني وبكل براغماتية نوايا مبيتة بالتخلص من كبار السن وهم الهدف الاسهل لكورونا، اما الكوميديا السوداء في هذه الخطة فهي استخدام عبارة مناعة القطيع، القطيع نعم هذا اصدق ما قد تسمعه يوما في بلاد الانسانية لتعرف نظرتهم الحقيقة للانسان.
نضيف لذلك ظاهرة مقرفة تنتشر اليوم بين الشباب الغربي باتت تعرف ب"تحدي الكورونا" ستصل حتما لبعض المقلدين العرب مختصرها نشر صورهم على انستغرام وتوتيتر وفيس بوك يمارسون فيها لعق المراحيض او غيرها من بواطن القذارة التي يحبها كورونا ليصل منها الى داخل الجسم، ولأن الشباب لا يتأثرون كما العجائز بكورونا لا بل على العكس هم مستعمرة كورونية بامتياز وحصان طروادة للانتقال الى العجائز، يزداد الامر انحطاطا فالشباب يدركون ذلك لا بل وينشدونه .
لا يسعنا الا أن نقدر ثقافة الصين العظيمة التي تقوم على احترام كبار السن لا بل وتقديسهم وتبجيل الاهل وربما كان هذا احد اسباب الحرب الشرسة مع كورونا وانتصاراتهم المذهلة عليها، وهو ما لن تفعله اوربا المتراخية على ما يبدو لانها ثقافتها لا تعرف معنى الأسرة بمفهومها الجمعي الاخ لا يزور أخيه والشاب لا يعرف والديه فردانية قاتلة انانية تغرق بها هذه البلاد الباردة وابنها اللقيط امريكا بوجه راسمالي براغماتي قبيح... بلاد لا تعرف في جوهر نظامها من الانسانية الا الشعارات لكنها تحتقر الانسان ولا ترى فيه الا عبدا لتحريك عجلاتها المالية تقدم له كل ما يبيقه على قيد الحياة وبصحة جيدة وحيوية لا لانها تحترم حقوقه بل ليتمتع بصحة خدمة هذا النظام الضريبي المتوحش...تماما كما تسمن خروف العيد او تعتني بالعبيد المحاربين...
انحطاط الاخلاق الجشع التخمة الانانية ...
شكرا كورونا ايها الفيروس الصغير الذي جعلت البشرية تنظر لنفسها في المرآة لترى لقباحتها ...
الدكتور أحمد جاسم الحسين