"إِلَى سِيرِيسَ"
| سَلَامِي إِلَى أُمِّي أَبِي ثُمَّ إِخْوَتِي | وَأَشْجَارِ بَلُوطٍ هَوَاهَا نَمَا بِيَا | |
| سَلَامِي إِلَى جَدِّي وَعَمِّي وَعَمَّتِي | سَلَامِي إِلَى خَالِي أَخُصُّ سَلَامِيَا | |
| وَيَا خَالُ إِنْ مَرَّتْ شَنَانِيرُ قَرْيَتِي | عَلَيْكَ تَذَكَّرْ أَنَّ حَقًّا بِهَا لِيَا | |
| وَسَلِّمْ عَلَى (الرَّأْسِ) الْحَزِينِ وَ(مِكْسَرِي) | دَبِيبُ هَوَاهَا ظَلَّ يَحْبُو مُنَاغِيَا | |
| فَيَا (خَلَّةَ الرُّمَانِ) (وَالْوَردِ) هَلْ نَمَا | بِأَحْضَانِكُمْ زَهْرُ الرَّبِيعِ وَرَائِيَا | |
| وَيَا (خِرْبَةَ الْآثَارِ) يَا مَلْعَبَ الْصِّبَا | وَيَا شَجَرَ الزَّعْرُورِ حُبِّي وَعِشْقِيَا | |
| وَيَا (خَلَّةَ الشِّرْكِ) الَّتِي فِيكِ مَجْلِسِي | إِذَا مَا عَطِشْتِ الْيَوْمَ هَاكِ دِمَائِيَا | |
| وَيَا أَيُّهَا (الْوَادُ) الَّذِي جَفَّ مَاؤُهُ | إِلَيْكَ عُيُونِي الْنَّبْعَ وَالْمَاءُ دَمْعِيَا | |
| وَيَا (خَلَّةَ الْخِنْزِيرِ) هَلْ فِيكِ غَرَّدَتْ | طُيُورٌ أَمِ الْطَّيْرُ الْيَتِيمُ شَكَى لِيَا | |
| أَلَا لَيْتَ فَدَّانِي أَمَامِي مُهَرْوِلا | وَيُبْصِرُ قُرْصُ الشَّمْسِ شَدْوِي غِنَائِيَا | |
| وَلَمَّا وَصَلْتُ الْقَبْوَ أَوْثَقْتُ أَسْمَرًا | وَشَقْرَاءَ طَارَتْ يَا خَلِيلِي أَمَامِيَا | |
| لَحِقْتُ بِمِصْرَارٍ وَشَوْكٍ أُرِيدُهَا | وَقَدْ نَزَفَتْ مِنْ دُونِ عِلْمِي دِمَائِيَا | |
| وَدَاعَبْتُ شَقْرَائِي فَعَادَتْ مُطِيعَةً | وَسَارَتْ كَمَا أَهْوَى وَتَهْوَى إِزَائِيَا | |
| رَجَعْتُ بِهَا لِلنِّيرِ أَرْبِطُهَا بِهِ | وَقُلْتُ عَلَى الرَّحْمنِ كُلُّ اتِّكَالِيَا | |
| بَدَأْتُ أَشُقُّ الْأَرْضَ فِي كُلِّ لَهْفَةٍ | تُغَازِلُ أَثْلَامُ الْحِرَاثِ الدَّوَالِيَا | |
| وَيَا لَيْتَنِي رَاعٍ أَفِيقُ مُبَكِّرًا | أَهُشُّ عَلَى الْأَغْنَامِ لِلْعُشْبِ سَاعِيَا | |
| وَشِبَّابَتِي الصَّفْرَا تُرَاقِصُ صَبْوَتِي | يُدَغْدِغُ قَلْبِي عَزْفُهَا مُتَوَالِيَا | |
| وَكَلْبَايَ وَالْمِرْيَاعُ صَاحِبَتِي الْعَصَا | رِفَاقِي وَكَانُوا عُدَّتِي وَعَتَادِيَا | |
| أُشَبِّبُ لِلْأَغْنَامِ والطَّيْرِ والثَّرَى | وَلِلشَّجَرِ الْمَحْزُونِ يَبْكِي فِرَاقِيَا | |
| وَأَحْتَضِنُ الْأَغْصَانَ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ | أَنَامُ عَلَى (الرُّجْمِ الطَّوِيلِ) لَيَالِيَا | |
| وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ كُنْتُ فِي السَّهْلِ سَارِحًا | وَإِذْ بِغَزَالٍ مَرَّ كَالْبَرْقِ جَارِيا | |
| فَهَمَّتْ كِلَابِي أَنْ تَقُومَ بِإِثْرِهِ | فَقُلْتُ دَعُوهُ يَنْطَلِقْ يَا كِلَابِيَا | |
| وَبَعْدَ قَلِيلٍ عَادَ ظَمْآنَ لَاهِثًا | لَقَدْ كَسَّرُوا ضِلْعِي وَلَوْحِي وَسَاقِيَا | |
| وَأَجْلَسْتُهُ جَنْبِي وَإِذْ بِثَلَاثَةٍ | وَكُلٌّ بِهِمْ قَدْ صَاحَ صَيْدِي غَزَالِيَا | |
| فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الْقَطِيعُ تَخَيَّرُوا | وَلَا تَأْمَلُوا أَنْ تَسْتَبِيحُوا جِوَارِيَا | |
| وَعَالَجْتُهُ فِي كُلِّ حِرْصٍ وَرَأْفَةٍ | وَأَطْلُبُ مِنْ رَبِّي جَزَائِي ثَوَابِيَا | |
| وَصَارَ مَعَ الْأَغْنَامَ يَرْعَى مُنَعَّمًا | أَمِينًا وَلَا يَخْشَى الْوُحُوشَ الضَّوَارِيَا | |
| وَإِنِّي لَتَوَّاقٌ لِقَوْلِكَ سَيِّدِي | قُبَيْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِينَا مُنَادِيَا | |
| كَرِيمٌ مُجِيبُ السَّائِلِينَ إِلَاهُنَا | أَظَلُّ مِنَ الرَّحْمَنِ لِلْعَفْوِ رَاجِيَا | |
| فَأَذِّن وَقُلْ: اللهُ أَكْبَرُ سَيِّدِي | بِصَوتٍ حَنُونٍ خَاشِعٍ ظَلَّ عَالِيَا | |
| وَبِالْمَسْجِدِ الْمَعْمُورِ قَلْبِي مُعَلَّقٌ | أُصَلِّي مَعَ الشِّيخَانِ أُحْيِي الَّليَالِيَا | |
| وَأَبْكِي صَغِيرًا لِلشُّيُوخِ مُقَلِّدٌ | وَتَجْرِي عَلَى خَدِّي الدُّمُوعُ سَوَاقِيَا | |
| وَكَانَ أَبِي و(الشَّيْخُ حِلْمِي) شَوَاهِدٌ | وَهَلْ يُدْرِكُ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ الْمَعَانِيَا | |
| وَيَا مَسْجِدِي الذِّكْرى إِلَيْكَ تَشُّدُّنِي | زَمَانٌ مَضَى قَدْ كُنْتُ فِيكَ مُصَلِّيَا | |
| لَقَدْ رَاقَنِي طَيْرٌ فَبَارَكْتُ سَيْرَهُ | يُرِيدُ بِلَادِي مُسْرِعًا وَدِيَارِيَا | |
| فَأَوْقَفْتُهُ بِاسْمِ الذِّي هُوَ بَيْنَنَا | وَمِلْتُ إِلَيهِ يَا أُخَيُّ مُنَاجِيَا | |
| تَمَهَّل أَيَا طَيْرِي لَدَيَّ وَصِيَّةٌ | لِتَحْمِلَهَا مَا دُمْتَ لِلدَّارِ سَارِيَا | |
| عَلَى دَارِنَا يَا طَيْرُ قِفْ وَابْكِ دَمْعَةً | جَعَلْتُ لَهَا قَلْبِي وَحُبِّي وَنَفْسِيَا | |
| وَهَلْ غُرْفَتِي مَازَالَ فِيهَا ضُيُوفُهَا | أَمِ الطَّابِقُ الْعُلْوِيُّ أَصْبَحَ خَالِيَا | |
| وَنَمْ بَيْنَ أَهْلِي أَيُّهَا الطَّيْرُ لَا تَخَفْ | لَقَدْ حَرَّمُوا أَكْلَ الْلُّحُومِ وَرَائِيَا | |
| وَحَلِّقْ عَلَى الْوِدْيَانِ والسَّهْلِ والرُّبَى | وَهَاكَ عُيُونِي فَهِيَ تَهْوَى التَّلَاقِيَا | |
| وَسَلِّم عَلَى سِيرِيسَ يَا طَيْرُ كُلِّهَا | وَلَا سِيَّمَا الْجِيرَانَ صَحْبِي وَأَهْلِيَا | |
| وَخُصَّ أَبَا سُفْيَانَ وَالْعَمَّ فَارِعًا | فَإِنَّ لَهُ فِي النَّاسِ قَوْلًا مُدَوِّيَا | |
| عَنِ الْبِئْرِ وَالْأَفْعَى وَذِيبٍ وَخَلَّةٍ | وَسَيْفٍ صَقِيلٍ مَا نَبَا ظَلَّ مَاضِيَا | |
شِعْرُ: الْأَدِيبُ بْنُ السَّالِمَيْن.