الشهيد ابراهيم الراعي ... أسطورة صمود، ورسالة وطن.
فلسطين
الشهيد ابراهيم الراعي ... أسطورة صمود، ورسالة وطن.
12 نيسان 2020 , 07:13 ص
في ذكرى استشهاده لا بد لنا من إلقاء التحية على روح الشهيد ابراهيم الراعي" ... أسطورة صمود، ورسالة وطن. ‫كانت ملابسه قد التصقت بجسده بفعل القيح والدم الممزوج بالعرق، حين جلس إبراهيم الراعي (28 ع

في ذكرى استشهاده لا بد لنا من إلقاء التحية على روح

الشهيد ابراهيم الراعي" ...
أسطورة صمود، ورسالة وطن.

‫كانت ملابسه قد التصقت بجسده بفعل القيح والدم الممزوج بالعرق، حين جلس إبراهيم الراعي (28 عاماً) بصعوبة في عزله الانفرادي، بعد أكثر من 8 أشهر من التحقيق العسكري كسّرت فيها عظامه، جلس يكتب وصيّته:‬
‫"لقد درست العلم الثوري وتعلمت أن التناقض بيننا وبين الأعداء تناقضاً تناحرياً لا يمكن حله سوى بانتهاء أحد النقيضين، كما تعلمت أن كلا من النقيضين سيعمل جاهداً من أجل تصفية الآخر وإنهائه. وتأسيساً على هذا المنطق العلمي، فطالما لم يعمل العدو على تصفيتي فهذا يعني أنني لا أمثل بعد جزءاً طبيعياً من نقيضه الرئيسي". (الرملة/1988).‬

‫إبراهيم ورفاقه‬
‫في اليوم الـثامن والخمسين، غادر المحققون زنزانة إبراهيم الراعي بعد استجوابه وتعذيبه في سجن جنين، حُكم بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف، كان ذلك في كانون الثاني عام 1986.‬
‫بعد عام ونصف العام، جُن جنون الاحتلال بعد اعتقال خلية اغتالت رئيس بلدية نابلس آنذاك، المتهم بالعمالة مع الاحتلال، وباستجواب المنفذين تبيّن أن إبراهيم وجه أوامره من داخل السجن، ليرجع مسلسل التحقيق والاستجواب مرّة أخرى ولكن بطريقة أكثر وحشية، فنُقل إلى سجن نابلس القديم ومن ثم إلى رام الله والمسكوبية.‬

وكانت النهاية لإبراهيم في زنازين العدو الصهيوني أكثر بطولة وأكثر بلوغاً لذروة الملحمة الثورية ، حيث التعذيب اليومي بكل أشكال الحقد الصهيوني النازي وحيث الضغط الشديد على كل ذرة في الجسد والأعصاب النفسية ، وظل البطل واقفاً قبالة الموت على جسر الصمود يحفر بدمه وأعصابه أنشودة الصمود.

‫بعد أن أعادوا إبراهيم إلى التحقيق العسكري، اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلته في قلقيلية، واعتقلت شقيقته "سونا" الراعي، التي كان عمرها 19 عامًا.‬
‫بدأوا باستجوابها، ومن ثم جلبوها للمثول أمام شقيقها وهو مقيد اليدين، وقالوا له إن شقيقتك تمتنع عن الأكل، فطلب منها أن تأكل وتشرب وألا تخشى شيئاً، وأخذ يطمئنها عن نفسه، فإذ بهم قبضوا على قميصها وأخذوا يهددونه بالاعتداء عليها.‬
‫في هذه الفترة، كان يكتب وصيته التي استطاع تهريبها، قبل أن يعيدوه للتحقيق:‬
‫"أحبائي... الآن سأصف لكم كيف بدا لي الأعداء وهم ينفذون مؤامرة القتل، لقد رأيتهم أقزاماً وكنت عملاقاً وكانوا يصرخون ويتصايحون ترتجف أعصابهم ، وعندما حاولوا مساومتي شعرت بالحاجة للتقيؤ، شعرت بالاشمئزاز، رأيت وجه شيلوك ووجه تاجر البندقية المقيت، لكني شعرت أيضاً أنهم لا يزالون أغبياء لا يفرقون بين الصلابة والمبدئية وبين بخل التاجر، ولهذا ضحكت وبقيت أضحك، صدقوني رفاقي بأنني لم أسقط، سقطوا من فرط بؤسهم وقد أنهكهم التعب".‬
‫بداية النضال.. المبدأ لا يُجزّأ‬

‫الشهادة والثأر المُقدّس‬
‫نهار الأحد 11 نيسان 1988، أشعل أحدهم التلفاز فنطق المذيع بالخبر فوراً "استشهاد الأسير إبراهيم الراعي في سجن الرملة"، ليغرق المنزل بالبكاء.‬
‫تصف سونا كيف امتلأت الحارة والمنزل برفاق إبراهيم في تلك اللحظة، وأخذوا يقرأون وصية إبراهيم التي كتبها في سجن الرملة:‬

‫"مجرم من يركع أمام الأعداء ومجرم من لا تظل قامته عمودية منتصبة ومجرم من يمشي إلى الخلف ويتطلع إلى الوراء، صوبوا أنظاركم نحو العدو وتقدموا وتقدموا فالنصر لنا".‬

‫زعمت سلطات الاحتلال أنها وجدت إبراهيم في زنزانته منتحرًا وامتنعت عن تشريحه رغم ادعائها فعل ذلك، وسلمت جثمانه بعد يومين مشترطةً عدم حضور أكثر من 10 جنازته، وعند استلام جثمانه وجدوا فكه محطماً، وضربة بالرأس زرقاء متورمة، وعلامة في أسفل الرقبة لآثار جنزير، ودماء نازفة في الأذن، وغرزة في الخاصرة بطول 6 سم ...

‫ظهر إبراهيم للشباب نشيطاً يسعى إلى التغيير، فشكل لجان العمل التطوعي، يخدم الناس، ويحصد القمح معهم، ويساعد الفقراء، ويحفّز المجموعات لبناء الأسوار المهدمة، ودهان مدارس اللاجئين، وكذلك العمل التطوعي في المقبرة تنظيف وتنظيم المكان، هذا العمل الجماعي لشبان صغار كانت تشدهم وتنظمهم روحياً.

المصدر: وكالات+إضاءات