كتب محمد محسن.. قلنا ونقول : أن الطغيان الأمريكي قد طفح كيله، لذلك كان على التاريخ أن يثأر منه
مقالات
كتب محمد محسن.. قلنا ونقول : أن الطغيان الأمريكي قد طفح كيله، لذلك كان على التاريخ أن يثأر منه
محمد محسن
16 نيسان 2020 , 08:29 ص
قلنا ونقول : أن الطغيان الأمريكي قد طفح كيله ، لذلك كان على التاريخ أن يثأر منه تدمير البلدان ، وقتل الشعوب ، واستثمار جائر للطبيعة ، واخلال بالتــوازن الطبيعي فجاء الوباء ليعلن : فشل ، النظام ا

قلنا ونقول : أن الطغيان الأمريكي قد طفح كيله ، لذلك كان على التاريخ أن يثأر منه

تدمير البلدان ، وقتل الشعوب ، واستثمار جائر للطبيعة ، واخلال بالتــوازن الطبيعي

فجاء الوباء ليعلن : فشل ، النظام اللبرالي الأمريكي الجشع ، نظام [ دولة الشركات ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بكل دقة وموضوعية : يمكن ان نصنف واقع البشرية الآن ، في زمن المنظومة الرأسمالية الأمريكية ، [ بزمن التوحش ] ، زمن الحروب ، والأحلاف ، وقتل الشعوب ، وتدمير البلدان ، الزمن الذي قال عنه " فوكوياما " بأنه نظام نهاية التاريخ .

.

إنه زمن استغلال الانسان لأخيه الانسان بأبشع الصور ، وتخفيفاً فلنقل بأنه [ عصر الغابة ] ، لكن بأسنان الصواريخ العابرة للقارات ، والقنابل الهيدروجينية ، التي تقتل الملايين بثواني ، لا بأسنان وحوش الغابة التي لا تفترس إلا عندما تجوع .

إنه نظام" النيو لبرالي " [ دولة الشركات ] ، الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو النظام الذي يعطي للشركات الاحتكارية ، الحق في التحكم شبه المطلق ، بجميع مناحي الحياة الاجتماعية ـــ الاقتصادية حتى السياسية ، في داخل البلاد وخارجها .

ويقتصر دور الدولة فقط على حماية مصالح الشركات داخل البلاد وخارجها من قبل الجيش ورجال الأمن .

لذلك تكون مصالح هذه الشركات هي الأولى بالرعاية ، ولو كان على حساب صحة ، وراحة ، الشعب الأمريكي ، لذلك يصبح المجتمع الأمريكي ــــ وبدون مبالغة ــــ أسير مصالح هذه الشركات .

وبخاصة بعد أن يحصل المواطن الأمريكي مضطراً على قرض من البنوك ، لمتابعة تعليمة ، وتأمين سكنه ، وأموره الصحية ،عندها يصبح المواطن مديناً فعلياً لها طوال حياته .

ولكن تترك للمواطن بعض الهوامش الحياتية الأخرى ، التي يتحول فيها الانسان إلى فرد ، إلى شيء يتحرك ، في خضم واقع اجتماعي متلاطم ،

يصبح همه استمرار حياته الفردية ، وممارسة غرائزه ، فتضمر علاقاته الاسرية ، حتى وعلاقاته مع الغير ، لذلك يعيش غالبية الشباب الأمريكي علاقات اجتماعية من خارج الأسرة ، ويمارس حياة بوهيمية .

ولا شأن له في السياسة ، بل ومن خارج اهتماماته مصائر الشعوب الأخرى ، لذلك لا يدرك أن رفاهه الشكلي ، هو من دم وعرق الشعوب ، التي تسيطر عليها دولة الشركات الاحتكارية .

هذا النظام لا يمكن أن يكون نظاماً ديموقراطياً كما يدعون ، بل هو نظام الشركات الاحتكارية ، الذي يتحكم بجميع مناحي الحياة داخل الدولة وخارجها .

لذلك جاء الوباء القاتل ، ليقول لأمريكا لقد فشل نظامكم " النيو لبرالي " نظام [ دولة الشركات ] ، وأثبت هشاشته .

في ذات الوقت الذي أظهر فيه الوباء ، أن الدول التي تعتمد النظام الاشتراكي ، أو الدول التي لاتزال تحتفظ بإرث اشتراكي ، تمكنت من مواجهة الوباء ، لأن الدولة لاتزال تمسك بالواقع الاجتماعي ـــ الصحي ، في بلدانها ، ونراها قد بادرت لمساعدة حتى الدول الرأسمالية المنكوبة ، بعكس مثيلاتها الغربية ، التي أظهرت مدى تفككها ، وفرديتها .

لقد استحضرني في هذا المعرض ، رأي لكل من صاحب العقد الاجتماعي [ جون ديوي ] ، وللمؤرخ الكبير [ برتراند راسل ] ، والفيلسوف [ برغسون ] الذين اجمعوا على قولٍ :

[ أن قيم الشرق ، وحدها القادرة على مساعدة الغرب ، في التغلب على أزمته الفلسفية ــــ الأخلاقية ـــ الحياتية ] .

هذا القول لا يجوز أن يمر بدون التوقف عنده : لا لأنه خرج عن مفكرين منصفين ، بل يجب أن نعتبره اقرار من أبناء الغرب الكبار ، بأن الغرب مأزوم ، والأزمة هنا ليست سياسية ، أو اقتصادية ، رغم انعكاس الواقع العام على المجالين ، بل هو اقرار مبكر

[ بأن الخزين الانساني ــــ الاجتماعي ــــ العاطفي ، الغربي يكاد ينفذ ] .

وهذا الاستقراء المبكر لخطورة المسار الحضاري الغربي ، الذي يسير فيها النظام الغربي بعيداً عن الأنسنة ، التي يفترضها التقدم الحضاري ، أي التعاون ، والتعاضد بين الأفراد في الشعب الواحد ، والتعاون والتعاضد بين الشعوب فيما بينها .

ولهذا القول ( التنبيه ) دلالتين :

الدلالة الأولى :

تخوف من المسار الرأسمالي " اللبرالي الجديد " ، الذي سيقود حتماً إلى قسمة المجتمع الغربي ذاته ، وحتى العالمي إلى فقراء مستغَلين ، وإلى أغنياءٍ مستغِلين ، والمستَغِل يسرق حرية المستغَل ، ويحوله إلى عبد مطيع ، لأن رزقه مرهون بيد الغني ، إن أراد أهلكه ، وإن أراد أطعمه ليتابع عمله ، ويقدم فائض القوة مجاناً لرب العمل .

أما الدلالة الثانية :

بأن قيم الشرق التي ( يتندر ) بها الغرب ، ويصفها بأنها شعوب [ عاطفية ] ، أي يتهمها بأهم قيمة انسانية ، بل هي أرفع القيم ، لأن العاطفة من التعاطف ، أي التوادد ، أي التعاون ، ومن حيث المآل هي غاية الحضارة ، لأن الانسان بدون عاطفة أخوية تجاه الانسان الآخر في معثره ، يسانده عند الحاجة ، ويتعاون معه .

ومن حيث المآل يجب أن تكون العاطفة غاية الانسانية ، فعندما تصل البشرية إلى حالة من التعاطف ، والتوادد ، نكون قد اقتربنا من الغاية الإنسانية القصوى .

.

[ لذلك ولما كان نظام [ دولة الشركات ] الأمريكية ، قد أثبت فشله في مواجهة وباء ، فكيف سيكون وضعه في حالة مواجهة كوارث أكبر ، مما يؤكد أن الدولة الأمريكية تعيش أزمة بنيوية وجودية ، ستنعكس على جميع بناها السياسة والاجتماعية ]

المصدر: وكالات+إضاءات
الأكثر قراءة هل تنطلي الخدعة ويسقط السلاح ويتبدد الثنائي؟
هل تنطلي الخدعة ويسقط السلاح ويتبدد الثنائي؟
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً