قَالَتْ رُبَا مَا بَالُ شَيْخِيَ مُدْبِرٌ
عَنِّي وَأَيْنَ فُؤَادُهُ الْمَشْبُوبُ
وَأَرَاهُ فِي هَمٍّ أُكَلِّمُهُ وَلَا
يُصْغِي إِلَيَّ كَأَنَّهُ مَكْرُوبُ
بِأَبِي إِذَا مَا مَسَّ شَيْخِي عَارِضٌ
فِي وَجْنَتَيْهِ مِنَ الْبُكَاءِ دُرُوبُ
وَيَظَلُّ شَيْخِي شَارِدًا أَوْ سَاهِمًا
مَا مَسَّهُ؟! مُسْتَوْحِشٌ وَعَزُوبُ
يَبْكِي بِلَا أَلَمٍ وَلَا نَقْصٍ وَلَا...
وَعَلَتْهُ مِنْ كُثْرِ الْبُكَاءِ نُدُوبُ
هَجَرَ الْفِرَاشَ كَأَنَّ فِيهِ عَقَارِبًا
طَيَّاشَةً مِنْ لَسْعِهَا مَرْعُوبُ
وَيَفِرُّ مِنِّي وَيْحَ نَفْسِي مَا جَرَى
قَدْ كَانَ يَفْنَى فِي هَوَايَ يَذُوبُ
أَشْكُو لِمَنْ؟ مَا عَادَ يَدْخُلُ مَضْجَعِي
يَا لَيْتَ شَيْخِي لِلْفِرَاشِ يَؤُوبُ
فَسَأَلْتُهُ بِاللهِ لَوْ أَخْبَرْتَنِي
مَا بَالُهُ مُسْتَنْفِرٌ وَهَرُوبُ
فَأَجَابَنِي هَيَّا اذْهَبِي عَنِّي اصْمُتِي
وَسَرَتْ بِشَيْخِي رَعْشَةٌ وَنُحُوبُ
رَمَضَانُ يَمْضِي مُسْرِعًا وَمُهَرْوِلًا
وَأَظَلُّ أَرْجُو وَالرَّجَاءُ كَذُوبُ
رَمَضَانُ مَهْلًا أَيُّهَا الْمَحْبُوبُ
أَبْطِيءْ فَلَا زَالَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ
رَمَضَانُ يَا شَهْرَ الْقِيَامِ وَنَحْنُ فِي
جَوْفِ الظَّلَامِ كَأَنَّنَا يَعْسُوبُ
أَرْجُوكَ لَا تُسْرِعْ فَإِنِّي عَاشِقٌ
وَالْحِبُّ شَوْقًا لِلْحَبِيبِ يَذُوبُ
يَا سَيِّدِي إِنِّي أَقُومُكَ رَاجِفًا
تَحْيَا عُيُونٌ دَمْعُهَا مَسْكُوبُ
الدَّمْعُ يَجْرِي شَاكِيًا مُتَوَسِّلًا
وَعَلَى الْخُدُودِ لَهِيبُهُ مَصْبُوبُ
رَمَضَانُ إِنْ وَدَّعْتَنِي عُدْ مُسْرِعًا
نَفْسِي فِدَاؤُكَ طَالِبٌ مَطْلُوبُ
يَا رَبِّ وَاغْفِرْ فِيهِ كُلَّ ذُنُوبِنَا
شَهْرٌ بِهِ الْعَاصِي إِلَيْكَ يَتُوبُ