فيما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تضييق الخناق على فنزويلا وملاحقة البواخر الإيرانية التي تشق طريقها إلى كاراكاس، يبرز جليا التحدي الإيراني لأمريكا في إصرارها على عبور ناقلاتها ووصولها إلى فنزويلا، وأمام هذا المشهد تبحر تركيا في محاولة لتوطيد وتنمية العلاقات مع الدولة اللاتينية، الأمر الذي أثار الريبة والخوف من تحول مفاجئ في السياسة التركية التي شهدت على مدى الأعوام السابقة تحولا خطيرا لجهة دعم الإرهاب في دول لطالما تغنت أنقرة بعلاقاتها الطيبة معها...ما يطرح تساؤلات عديدة حول الهدف التركي من تقوية علاقاتها مع فنزويلا؟ وإلى متى تستطيع واشنطن تهديد إيران وفنزويلا بالسيطرة على ناقلات النفط؟
ريمون قبشي، المستشار السابق للرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز للشؤون العربية، وفي تصريح خاص لموقع اضاءات الاخباري، قال إن "العلاقة بين تركيا وفنزويلا، وعلاقة تركيا برمتها مع أمريكا اللاتينية تاريخياً لم تكن هامة لا بالنسبة للدول الأمريكية وعلى رأسها فنزويلا، ولا للدولة التركية الأتاتوركية وما بعد أتاتورك، على الرغم من أن العلاقات بدأت من أوائل القرن العشرين عندما افتتحت السفارة في الأرجنتين للسلطنة العثمانية".
وأشار مستشار الرئيس تشافيز، إلى أنه من الملفت للنظر أن تتجه تركيا لتقوية علاقتها بفنزويلا ، وتسعى لتقوية التبادل التجاري فيما بينهما لاسيما بعد الدور الخبيث والعدائي الذي انتهجته في تعاملها مع بعض الدول العربية وخاصة فيما يتعلق بالعراق وسوريا الدولتان المتاخمتان لها، كذلك من الملفت للنظر توجه تركيا لتقوية علاقتها مع فنزويلا في هذه الظروف التي تلعب فيها تركيا دورا سلبيا عدائيا بالنسبة لمن كان يسميه الرئيس هوغو تشافيز وكذلك وزير خارجيته آنذاك واليوم رئيس فنزويلا الرئيس نيكولاس مادورو، بأن العلاقة بين سورية وفنزويلا علاقة استراتيجية ومع ذلك الموقف التركي المخزي لا يتلاءم مع هذا الاتجاه التركي تجاه توطيد العلاقة مع فنزويلا .
وتابع قبشي "في هذا الوقت الذي أصرح فيه لكم أرى على شاشات التلفاز وزير الخارجية التركي ونظيره الفنزويلي يوقعان على اتفاقيات اقتصادية تجارية وحتى ثقافية وعلمية واجتماعية مع أن النظام التركي يمثل نقيض كل ما نمثله نحن في السياسة الاقتصادية وفي السياسة الاجتماعية لشعبنا"، مؤكدا أنه من الواجب على فنزويلا أن تتفحص في الأسباب التي دعت اردوغان لتوطيد العلاقة معها بهذا الشكل، وفتح أبواب تجارته وفي الأسواق الفنزويلية الآن الكثير من السلع التي تنتجها تركيا والتبادل قائم على قدم وساق ، وتركيا مندفعة باتجاه تطوير علاقتها مع فنزويلا رغم علاقتنا الغير ودية مع أمريكا المعتدية علينا والعلاقة الطيبة التي تجمع بين أمريكا وتركيا حتى لو كان اردوغان بين الفينة والفينة يخرج بتصريحات على طريقة ترامب ثاني يوم يقوم بسياسة مضادة لما صرح به في اليوم السابق.
كما أعرب المسؤول الفنزويلي السابق عن خوفه من العلاقة التي تربط فنزويلا وتركيا قائلا "لأنني حريص على تراث هوغو تشافيز وعلى نجاح الرئيس مادورو في سياساته علينا أن نكون حذرين من علاقات مع دول لا تتخذ مواقف مبدئية ولا تبقى على سياساتها" .
وتساءل قبشي ألم تكن تركيا دولة مقربة من سوريا؟ ، كانت العلاقات ودية جدا، وبعدها ماذا جرى؟ ، مئات الالاف من الارهابيين القادمين من مختلف بقاع العالم مروا من تركيا للاعتداء على سوريا والسوريين وهنا اندفع اردوغان لإنهاء العلاقة مع سوريا الجارة والتاريخ وانتهج سياسة عدائية مئة بالمئة ارهابية وخطيرة بشكل واضح.
متسائلا أيضا عن إمكانية أن تكون هذه السياسة التي سيجريها اردوغان مع فنزويلا مغايرة عن تلك التي اتبعها مع سوريا أو العراق أو أي دولة من الدول التي يعتدي عليها الآن، فهل يتصرف أردوغان في المستقبل القريب مع فنزويلا كما تصرف مع حلفاءه القدامى في الشرق الأوسط ويصبح عدواً؟، كم من مرة كان صديقا حميمياً مع إيران وكم من مرة ضمر العداء لإيران؟ ومع هذا نراه يتهافت لإنشاء علاقات شبه طبيعية ومثمرة بالنسبة لفنزويلا المحاصرة من قبل أمريكا .
"الأيام القادمة والشهور القادمة ستحمل إجابات على كل هذه التساؤلات و أتمنى من كل قلبي أن تكون تصرفات اردوغان مع فنزويلا على خلاف تصرفاته مع الدول العربية" .
في سياق آخر وحول امكانية استمرار أمريكا بتهديد ايران وفنزويلا بالاستيلاء على ناقلات النفط، قال قبشي "لقد هددت ايران وكذلك فنزويلا بأن البواخر الخمس التي وصلت فنزويلا منذ أسابيع عدة وإذا ما صادرتها أمريكا فإن ايران سوف تنتقم في منطقة الخليج وكذلك هددت فنزويلا بانها سوف ستتخذ اجراءات ضد المصالح الأمريكية في فنزويلا ومنطقة الكاريبي اذا ما استمرت الولايات المتحدة في تهديداتها لفنزويلا بعدم الاستطاعة ان تصدر او تستورد ما تحتاج اليه أو ان تتبادل سلع تجارية مع العالم الخارجي"
وبين المستشار السابق للرئيس الفنزويلي الراحل تشافيز أن كل الدلائل كانت تشير الى أن الولايات المتحدة سوف تستولي على البواخر ومع ذلك أتت البواخر ولكن ليس بالطريق العادي بمعنى انها لم تخرج من المياه الايرانية
لجنوب القارة الافريقية ثم الصعود شمالا لتصل الى فنزويلا، بل قررت إيران أن تمعن بالتحدي أو في قبول التحدي وأرسلت البواخر عن طريق هرمز ثم باب المندب وبعدها قناة السويس ثم جبل طارق ثم أوقفت باخرة من قبل السلطات الانكليزية ومع هذا فان انكلترا تراجعت تحت الضغط والتهديد الايراني ثم جاءت البواخر من شمال الاطلسي إلى فنزويلا بمعنى أنها مرت بعدد من الجزر الأمريكية في منطقة الكاريبي وأمام القارة الأمريكية من أقصاها إلى أقصاها ولم يخرج شيء، خرجت الطائرات الفنزويلية والبواخر لتلاقي للبواخر الإيرانية وتستقبلها في عرض البحر وترافقها إلى الموانئ الفنزويلية.
بمعنى أن أمريكا لم تنفذ تهديداتها لأنها كانت ستعاقب إن كان في الكاريبي من فنزويلا وإن في الخليج من قبل إيران.
وأشار قبشي إلى أن تصرف إيران وفنزويلا يتلاءم مع كل القرارات الدولية والاتفاقيات الدولية والمنظمات الدولية التي تعنى بقوانين الملاحة الدولية، والولايات المتحدة بكل سياساتها تتعارض مع هذه القوانين عملا بقانون الغاب الذي تمارسه على طول وعرض العالم لذلك إيران ستستمر لأنها على حق في موقفها الذي يتماشى مع القوانين الدولية وفنزويلا سوف تستمر لأن تصرفها يتماشى مع سيادتها ومع القوانين، وعلى واشنطن ان تعيد النظر بالسياسة الحمقاء التي لم تجلب فقط الجوع والحاجة لأكثر من 50 دولة في العالم وانما جلبت للواقع الأمريكي الاقتصادي الويلات والتأخر والتقهقر في انتاجها وتجارتها .