يوسف جابر
يشهد العالم متغيرات في قوى العالم بعد نهضة الاتحاد السوفيتي كقوى عظمة قل نظيرها في مواجهة قوى الاستكبار العالمي المتمثلة بالولايات المتحدة الأميركية التي أطاحت بحليفتها بريطانيا التي حكمت العالم بعد العام 1707 في القرن 18 والتي نافستها على حكم العالم آنذاك فرنسا خلال التقاسم والنفوذ لاستعمار الكثير من الدول الممتدة من بعض دول افريقيا وعلى مسافة قريبة وليست ببعيدة عن أميركا خلال استعمارها لجزيرة غوادلوب الافريقية المطلة على بحر الكاريبي والتي يحسبها الاميركي نطاق نفوذه الجغرافية , وقد برز دور الاتحاد السوفيتي خلال اعلان الاتحاد العام 30 ديسمبر 1922 مما جعل من صعود الدور الامريكي مقابل الاتحاد السوفيتي كقوى عظمى لا يلتقيان كما أميركا وبريطانيا أو فرنسا التي تقاسمت النفوذ مع بريطانيا.
و منذ عام 1945 وحتى تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 (و هي الفترة التي عرفت في التاريخ بالحرب الباردة) كانتا الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة القوتان العظميتان اللتين حكمتا العالم وكل منهما تعرف حدودها مع الأخرى بعدم الاستفزاز العسكري الذي يقابله مناورات وانتشار عسكري بتجارب عسكرية تليق بعرض العضلات لايقاف أي خطأ ربما يطيح بالعالم لامتلاكهم أكبر قوة مدمرة للعالم ان حصلت.
الى أن وصل الإتحاد السوفيتي لاعلان التفكك في 26 ديسمبر 1991 . عقب إصدار مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي الإعلان رقم (H-142) والذي أُعلِن فيه الاعتراف باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة, وإنشاء رابطة الدول المستقلة لتحل محل الاتحاد السوفيتي.
هنا برز العديد من الاسماء الذين لم يستطع أحدا منهم لتبوء مركز القيادة لإعادة دور روسيا العظمى وأمجاد الاتحاد السوفيتي حتى صعود نجم فلاديمير بوتين الذي استطاع أن يوحد القرار بحكمة وسياسة عالية الدقة وأخذ على عاتقه أن يسترجع دور القياصرة العظماء للحفاظ على تاريخ وعظمة بلاده واستطاع أن يجعل من روسيا الاتحادية قوى مقابل الولايات المتحدة ووسع نفوذ الاتحاد الروسي بامتداده الى البحر الابيض المتوسط واسترجاع جزيرة القرم الاوكرانية المتاخمة على الحدود الجغرافية لروسيا الاتحادية لعدم وجود اميركي فيها كنقطة ضعف لأي حرب ربما ان حصلت.
وفي 30 سبتمبر 2015 تم الاتفاق ما بين سورية وروسيا عسكريا فكان الوجود الروسي في سورية لحماية نفسه اقتصاديا وعسكريا لعدم امتداد الجماعات التكفيرية المدعومة من تركيا وبعض الدول العربية تنفيذا للسياسة الاميركية لزعزعة استقرار روسيا من خلال بعض الدول الحدودية لروسيا.
وهنا الفضل بذلك للدور السوري البناء بحلفه مع روسيا والثابت على الصداقة بوفائه لالتزاماته الاخلاقية الموروثة بابرام اتفاقية دولة مع دولة صديقة لتموضع الجيش الروسي في قاعدة عسكرية على البحر المتوسط.
وقد شهد العالم قبل أيام كيف كانت تتحرك الجماعات الداعشية التكفيرية للإطاحة بالحكم في كازاخستان لولا الدخول العسكري الروسي بأعداد لا يستهان بها كقوى ذات نفوذ عالمي.
وها هي أوكرانيا من جديد تصعد من لهجتها العسكرية لروسيا التي تحشد أرتال من الجيش والمعدات ربما يحصل اجتياح لأوكرانيا لحفظ حدودها ونفوذها المهددة من الولايات المتحدة التي تحارب بجيوش غيرها وهي ليست مستعدة أن تواجه دولة بحجم روسيا الاي ربما تولد شرارة حرب عالمية ثالثة ان حصلت وهذا أمر مستبعد وهو المواجهة العسكرية ما دامت اميركا تتحكم باقتصاد العالم وفرض عقوبات تجارية التي هي عصب الدول والشعوب معا.
التموضع الاميركي مع حلفائه يأخذ دوره ببسط النفوذ مقابل تموضع الروسي وحلفائه بفتح خط الحرير اقتصاديا من خلال الصين, وما سيشهده العالم القريب مناورات عسكرية كبرى للجيش الروسي مع الجيش الايراني والجيش الصيني سيكون رسالة للعالم بطي صفحة عرض العضلات ونقطة على أول السطر.