كتب الكاتب حسن طه:
فجأة، ومن دون أيِّ مقدِّمات، انتقل واقع البلد إلى منحىً مختلفٍ تماماً، عما كان عليه، لا سيّما في مجال انهيار الوضع الاقتصادي والمالي خاصة.
ذهب البعض الى كلمة سرّ أتت من الخارج، وفي أقرب التحليلات، ربط البعض لبنان بما يحصل في فيينا، او بين الرياض وطهران؛ في وقتٍ نرى أنّ حقيقة ما حصل أوضح من أنْ يُفَسَّر أو يؤوّل، أو يحتاج إلى تحليل.
فإذا استعرضنا الأحداث المتسلسلة التي حصلت كالتالي:
١-حاكم مصرف لبنان السيد رياض سلامة أصدر التعميم 161، القاضي بتدخل مصرف لبنان بمليار دولار لدعم الليرة.
٢-الرئيس نبيه بري يقرّر العودة والمشاركة في جلسة مجلس الوزراء، وبالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء، مشترطاً المشاركة، فقط بمناقشة موازنة 2022، ونقاش ما يعرف بخطة التعافي الِاقتصادي.
والذي حصل، هو أنَّ تعميم الحاكم وق رار رئيس المجلس أدّيا الى إخراج مُدّخراتِ الدولار من بيوت أصحابها، وبشكل هستيري، حصل ما لم يكن، حتى حاكم مصرف لبنان، يطمح له، إذ إنّ حجم عرض الدولار في السوق أدّى الى انخفاضه ما يقارب ال 11 الف ليرة، من دون أن يستدعِيَ ذلك تدخل المصرف بكتلة نقدية كبيرة.
وفي حال ربط مجريات الأمور بوقائعها الحقيقية، نصل الى التالي :
أولاً: مناقشة موازنة ال 2022 وخطة التعافي،بمايتناسب مع متطلبات البنك الدولي، أعني توحيد سعر الصرف،حيث يُتوقّع أنْ يصل الدولار إلى ما يقارب ال 15 الفاً؛ وكل ذلك بفضل الدولارات الموجودة في البيوت، لا البنوك .
وعندهذا الحد من سعر صرف الدولار، سيتم رفع فاتورة كهرباء الدولة، الى ما يقارب ال 20 ضعفًاً عمّا هي عليه الآن، بما يوازي نصف فاتورة الاشتراك الحالية. كما يتم رفع فاتورة الاتصالات في قطاعيها: الخليوي، وأوجيرو،إضافة إلى أسعار الأنترنت.
وفجأة، وبدون مقدمات يُصبح لدى حاكم مصرف لبنان، الذي رفض دعم الدواءوالحليب،وحرّرسعرالمحروقات، يُصبح لديه القدرة على الدّعم بقيمة مليار دولار، وفجأة تعود الحكومة لتناقش الموازنة وخطة التعافي فقط لا غير .
إنَّ فرصة خفض الدولار، لتمرير كل ما تقدم من رفع أسعار الكهرباء والِاتصالات وتوحيد سعر الصرف،فرصة قد لا تتكرر، وهي فرصة ما قبل الانتخابات في أيار، والتي ستُدار ُوفق مواقيت دقيقة جداً، لحين الانتهاء منها.
يبقى السؤال: ما الذي سيحصل بعد الانتخابات؟؟
وهذا هو الأهم؛ سيكتشف اللبنانيون ماذا جنت أيديهم، إذ أخرجوا مدخراتهم فانخفض سعر الدولار، لفترة تمرير قرارات موجعة لهم، وبعدها يتحرّر سعرالصرف،وفق مطلب البنك الدولي ويبدأ الدولار رحلة ارتفاع غير مسبوقة، ويرتفع معه كل ما تمّ تمريره، في حين تبقى أموال المودعين رهينة، الى حين حَبْكِ قرارات جديدة، قد تكون لبيع أصول الدولة بخصخصتها، لإعطاء أسهم لأصحاب الودائع، على غرار ما حصل مع أصحاب الحقوق في الوسط التجاري، وأسهُم سوليدير في أيام الحريري الأب.
هذا ما يُقرأ من تسلسل الأحداث وترابطها، و قادم الأيّام يكشف هذه الحقائق المُرّة.