امس اعلن الرئيس سعد الحريري تعليق الحياة السياسية لتياره الحزبي، في سابقة لافتة بتاريخ العمل الحزبي في لبنان، وفور الاعلان شرعت الابواق والاقلام بتحليل موقف الحريري. وأُعلن الحزن على لسان العديد ممن شاركوا الحريرية السياسية افلاس لبنان، وصولا الى بعض ردّات الفعل في الطرقات، ولعلّ اصدق رأي وأهم موقف كان على لسان احد انصار الحريري المعترضيين في الشارع الذي قال " اكبر السيوف التي طعنتنا في ضهرنا كان سيف سمير جعجع" مكررا ذلك عدة مرات، واللافت هو اعتراض مراسلة قناة تحسين الجديد على كلامه.
ولو أضفنا لهذا الكلام حفلة الشتائم لمملكة بني سعود التي اطلقها موالو الحريري أمام بيت الوسط أول امس لاكتمل المشهد، فكانت ردّات الفعل الشعبية أصدق وأهم من كل التحاليل التي سيقت في معرض تفسير اعلان الحريري عن تجميد عمله السياسي…
بكل بساطة السعودي امر الحريري بالانسحاب من الحياة السياسية لصالح تكريس زعامة سمير جعجع رجل السعودية الأول في لبنان .
ماذا يعني ذلك ؟؟؟
خلافا لكل التحاليل التي ادعت أن إعلان الحريري هو بداية لتأجيل الانتخابات النيابية فان هذا الموقف هو إعلان لبداية معركة الانتخابات النيابية، لا بل والرئاسية أيضا، واكثر تأسيس لمشروع إقليمي على غرار 17 ايار 1983 أو مطالب السنيورة السبعة خلال حرب تموز، وما الورقة الامريكية المكتوبة بحبر اسرائيلي والمرسلة بالبريد الكويتي سوى محاكاة للنتائج المتوقعة نهاية المطاف.
إذًا الحريري اعلن تجميد عمل تياره السياسي عوض الاعلان عن انطلاق ماكنة التيار الانتخابية ليكون المشهد الانتخابي على الشكل التالي:
كتلة للقوات اللبنانية وكتلة لمنظمات المجتمع المدني وكتلة الوجوه السنيّة الجديدة (بعد عزوف كل الوجوه العريقة التي تدور في الفلك السعودي)
يضاف اليها حلف الاشتراكي والكتائبي، كلّ هؤلاء يجتمعون على فنجان قهوة في خيمة السفير السعودي.
أول الاستحقاقات انتخاب رئاسة مجلس النواب، ومع اكثرية بإمرة سمير جعجع، ما هي الصفقة التي سيتمّ العمل عليها، لى جانب الضغوط الخارجية والداخلية، وهل ستكون الرئاسة الثانية مقابل الرئاسة الاولى والكلمة الفصل فيها لسمير جعجع ورجل الإمارات الأول في لبنان فؤاد مخزومي، الذي لا يفوّت فرصة للتهجم على المقاومة، مقدّمًا أوراق اعتماده لكلّ من يهمّه الأمر من الخليج الى اسرائيل، لما في ذلك من تجاوز للخطوط الحمر التي أدت في ما مضى الى 7 ايار 2008 وصولا لاتفاق الدوحة.
فهل حان وقت دفن اتفاق الطائف السعودي وكلّ شياطينه؟!
25 /1/ 2022