كتب الأستاذ يوسف جابر:
طبول الحرب تُقرع مجددا بين أوكرانيا وروسيا التي بدأت بحشود عسكرية ضخمة على الحدود مع أوكرانية التي تغامر باستقرار المنطقة من أجل مصالح أميركية تريد من ذلك الدخول في حلف شمالي الأطلسي {الناتو} الذي تحلم أوكرانيا بذلك كحلم أبليس بالجنة والتي عارضت فرنسا الإنضمام بالتصويت على ذلك من أجل عدم إيقاف ضخ الغاز الروسي عبر أوكرانيا الى أوروبا.
إن التهديدات العسكرية قد ارتفعت حدتها لأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا عميق ومتجذر والتوترات يسبقها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى, فكلا البلدين لديهما جذور في الدولة السلافية الشرقية المسماة "كييف روس" لذلك يتحدث الرئيس فلاديمير بوتين عن "شعب واحد", أما في الحقيقة فقد كان مسار هاتين الأمتين عبر التاريخ مختلفاً ونشأت عنه لغتان وثقافتان مختلفتان رغم قرابتهما, فبينما تطورت روسيا سياسياً وتنامت إلى أن أصبحت إمبراطورية, لم تنجح أوكرانيا في بناء كيانها كدولة, ففي القرن السابع عشر أصبحت أراض شاسعة من أوكرانيا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية. وبعد سقوط تلك الإمبراطورية عام 1917 استقلت أوكرانيا لفترة وجيزة إلى أن قامت روسيا السوفيتية بضمها للإتحاد السوفيتي لأن قسم كبير من الشعب عرق روسي ويتكلم اللغة الروسية وكنا قد شاهدنا نتائج الاستفتاء على ضم القرم لروسيا.
أميركا من خلال تحريك الاعلام العالمي تصوب على زج روسيا باجتياح عسكري لأوكرانيا, التي ترفض روسيا فكرة الحرب عسكريا رغم أنها حشدت حوالي 100 ألف عسكري يقابله جيش أوكرانيا بذات العدد مدعوما من الاتحاد الاوروبي المنقسم ثقافيا وفكريا في دعمه المطلق لأوكرانيا, لأنه اذا دخلت روسيا في العمق الأوكراني سيفتح المجال بالحديث للمتطرفين بأنها المعتدية.
اما إذا ارتكبت أوكرانيا أي حماقة بالهجوم على إقليم الدونباس الموالي لروسيا نقول أن فتيل الحرب سيشتعل باعطاء مبرر لدخول الجيش الروسي والسيطرة على أوكرانيا.
أميركا والغرب يحرضون أوكرانيا على الدخول لإقليم دونباس الذي يضم منطقة دونيتسك ولوهانسك واللذين يعنيا روسيا كثيرا بخريطتها الجيوسياسية والاقتصادية , ومجتمع الأقليم بأغلبيتهم يتكلمون اللغة الروسية وهم من أصول روسية, وعدد السكان يقارب ال4 ملايين نسمة جزء كبير منهم يعود بالاصول كما قلنا لجذور روسية في العرق واللغة, ولهذا السبب كان الاقليم مع القرم وعاملا رئيسيا في وصول الموالين لموسكو للحكم قبل احداث العام 2014 وما تبعها, وروسيا مستعدة الاعتراف بهما كجمهوريتين مستقلتين تمهيدا لضمهنا على غرار القرم في العام 2014.
إن أميركا تسعى لتعاون الرئيس فلاديمير بوتين معها ليكون كما كان الرئيس غورباتشوف والرئيس يلتسين طوعا بين يديها وهذا أمر محال بالنسبة للقيصر فلاديمير بوتين, كما لن تتقبل إعادة قوة ومجد روسيا العظمى كقوى عالمية في وجهها تضع الفيتو بالاستفراد لأي قرار, ما ترفضه روسيا بوتين الهيمنة على القرار العالمي.
لذلك نرى أن أميركا تزج بتدخل ودعم بريطانيا وفرنسا لأوكرانيا من أجل السيطرة على أوروبا التي تعتبرها فرصة لن تعوض.
إن روسيا لديها قوة عسكرية واقتصادية لا يستهان بهما , وقد صدرت أخبارا أن بوتين بصدد رفع المعاشات للعسكريين وإعطائهم مساكن من أجل رفع مستوى الحياة الاجتماعية. نعود لأوكرانيا اذا تطورت الأمور وتتدهورت بسرعة في ليلة وضحها لأن الأمن في المنطقة لن يكون خلافا مع سياسة واستراتيجية روسيا القيصر {بوتين} , الذي سعى منذ مجيئه للسلطة لاعادة أمجاد القياصرة كقوة عظمى لروسيا وأنه صعب المنال منها أو كسرها.