لكلّ خطابٍ مقام وفي معاني الخطاب وسيميائيّة إخراجه دوزنات احترافيّة
من خطّ التّوقيع للدّب الرّوسي إلى حشد القوات الرّوسية وإعطاء تعليماتٍ وخططٍ مرسومةً بدّقةٍ منذ أعوام إلى الدّخول بشراسة القياصرة لتأديب " كييف"
حدّد الدّب الرّوسي في هذه الخطوات مكانته بين كبار قادة التّاريخ الرّوسي
شرّح تاريخ روسيا بالتّفصيل منذ تأسيس الدّولة البوتينية حتى اللّحظة الحالية التي تشهدُ تحوّلات ٍ حقيقيةٍ يُستعاد فيها أسس الامبراطورية القيصرية القديمة
يحاول الغرب العدوّ لروسيا تشويه تلك الحقائق وإخفاء إخفاقاتهم وحماقتهم باعتبار روسيا الوحش الشرس
بوتين في معاني خطاباته الأخيرة والتّصريحات يُظهرُ المعاني المضمنة للوثيقة الرّوسيّة التّاريخية نظرة روسيا بأعين بوتين المتجددة التي تهدف إلى الأمن القومي والرّوسي وضمان الحدود حولها من دون أي عدوان أو تحالف أو خروقٍ تهدّدها
فأوكرانيا ليست عدوّة روسيا بل هي نظرة قانونية روسية وتوأمها وامتدادها الحيوي ومركز تطوّرها الديموغرافي والسوسيولوجي ....
ولكنها في معنى تاريخي حديث نشأت اوكرانيا نتيجة خطأ لينيني فقد أسّس خصوصية غير مستقرة وراكم أعداء فوقها أطماعهم ومشاريعهم التقسيمية والأمنية الموجهة نحو موسكو....
فالغرب يحاول وضع اوكرانيا على أنها دولة مستباحة من قبل موسكو متناسين الجغرافيا والتاريخ
بوتين ألمح في الداخل الروسي عن إهانة المقاربة الغربية لروسيا من خلال استخفافهم بخطوتَين دبلوماسيتَين بادرت موسكو إلى التفاهم مع الغرب تمثلت الاولى بضمانات أمنية والثانية رفض دخول اوكرانيا في حلف شمال الاطلسي
يرى بوتين أن الغرب لم يكتفِ باستخفافه بهاتَين الخطوتَين بل دعم الارهابيين على حدود الجمهوريتَين المستقلّتَين حديثاً "لوغانيتسك ودونباس" بالإضافة الى القوقاز ومحاولتهم التوسع في محيط روسيا وسلح اوكرانيا وجهزها لتكون نقطة انطلاق في هجومه المستقبلي على موسكو وطوّر وثائقه الأمنية محدّدا روسيا عدو مباشر له ولأعضائه على نحو يجعل من قيام الحرب على روسيا بواسطة أجندات مدربة وتهديد استقرارها تمهيدا لقلب الطاولة على الدب الروسي وتفكيك روسيا مسألة وقت فقط
تم ّ التجهيز تقنياً ولوجستياً لتقليص الوقت المطلوب لتنفيذ ذلك إلى ساعات قليلة فقط
الأمر الذي عزّز أهمية العملية العسكرية للدب الروسي ضد اوكرانيا وضرورتها فأوكرانيا الأطلسية تهديد مباشر وداهِم على روسيا مستدلاً الدب الروسي بذلك بصدور الوثيقة الجديدة الاستراتيجية العسكرية الاوكرانية المخصصة لمواجهة روسيا بصورة لم تقبل الشك بالاضافة الى بعد نظرته الحاذقة واجتماعاته مع قيادة الاركان الروسية
فأوكرانيا اتجهت للتعامل مع الغرب اقتصادياً ولوجستياً وأمنياً
والدب الروسي رفض كل ألاعيب الغرب وتوجه بخطابه للجمهوريتين ولدولة اوكرانيا قبل بدءه للحرب
"بأنهم جزء مم روسيا الاشتراكية "
وأنها ليست مجرد دول مجاورة للكرملين
فالتاريخ لا يتجزّأ
الدب الروسي في حربه هذه خرج محاكماً للتاريخ السوفياتي بأكمله وقائداً له برمته في قادته ورموزه وفي خياراته وسياساته وتحولاته التاريخية ليس فقط بالنسبة لروسيا وحدها بل لشعوبها أيضاً
فهو يصحح أخطاء القادة القدماء الأخطاء المتراكمة في ذلك الماضي الذي دون قفازات وبصورة أوضح ومباشرة دون تحفظات وايحاءات سياسية
لن يستسلم الدب الروسي مهما طوّق الغرب الحصار الاقتصادي فهنالك طرق أخرى لحماية الاقتصاد الروسي من خلال حلفائه
فردّ الدب الروسي على ذلك بتطويق ل "كييف" بحراً وبراً وجواً ونشر قوة الردع النووية على أهبة الاستعداد
فتتحرك الدمى الغربية بتصارع متوعدة ً بالخطابات والإدانات لكن ......
لن تتحرك أميركا عسكرياً هذا لن يحدث
فهي تكتفي بحشد ترسانات اسلحتها الأميركية والغربية الحديثة والمتنوعة في اوكرانيا مثل(صواريخ م_د جافلين وصواريخ ستنجر م _ط وغيرها)
رغم كل الدلائل على أن الحرب الروسية على اوكرانيا ليست بمثابة نزهة قصيرة للجيش الروسي او كسابقها
فالمخطط الاستراتيجي والعسكري والعملياتي للعملية الروسية في بداياتها
كانت إطباق الحصاري البري والبحري على حدود اوكرانيا من ثلاث جهات
والتحشيدات الروسية شمالا ًشرقا ًوجنوباً ومن القرم مروراً بالبحر الاسود بالاضافة الى الدول التي ارسلت مقاتليها الى جانب الروس
لم يبدأ الهجوم الفعلي على "كييف " بعد بل هذه مجرد تمهيدات نارية بالمدفعيات الصاروخية والراجمات والطيران على أهداف عسكرية اوكرانية وطرق الامداد
بالاضافة الى الاستعانة بحوامات الدعم الناري المباشر (كاموف 52 ) وغيرها
بكل هذا بايدن لم يتبنى سياسة التدخل الاميركي العسكري بسبب غريزته في تأجيج الصراع ولأنه اكثر حرصاً من استخدام القوة العسكرية الاميركية لما آلت اليه من خسائر في ليبيا وسورية وأفغانستان
يقول سيناتور جمهوري أميركي (ماركو بيو) على Bbc
" إنّ حرباً بين قوتَين نوويتَين في العالم لن تكون أمراً جيداً لأي شخص
وأن الحرب الاقتصادية ودفع أجنداتها اقل خسائر للاميركان"
الخلاصة من كل هذا أن مخزون الدب الروسي من الرؤوس الحربية والنووية كبرى ناهيك عن وجود اعتراف روسيا بنشر بعضها في سورية قد تكون هي أيضا ً على أهبة الاستعداد
فبايدن زعيم القارة العجوز لا يرغب في اشعال حرب عالمية قائلاً: ( ليس الأمر وكأننا نتعامل مع منظمة ارهابية... بل نحن نتعامل مع واحد ٍ من أكبر الجيوش في العالم وهذا وضع صعب للغاية ويمكن أن تسوء الأمور بسرعة ٍ جنونية)
حتى أن مندوب القارة العجوز الفرنسي الصغير ماكرون أفصح محللون روس مغرمون بتحليل لغة الجسد اثناء لقائه بوتين أن بوتين اراد ان يقول له أن بين روسيا وبينكم مسافة عليكم قطعها تدحرجاً كي نرضى بالرغم من ودية حديثه لماكرون الا انها كانت أشد صرامة تجاه رئيس في حلف الناتو مهيناً إياه على طاولة المباحثات العملاقة من الانتيك الروسي بست ساعات دون نتيجة
وان زيارته هذه تحصيل حاصل
فالمحللون الروس رأوا أن سيد الكرملين بوتين نجح باستدراج هذا التحالف الأنغلوسكسوني الى حلبة مصارعة اختارها وحدد أطرها وحبالها وأنهم سيضطرون للتفاوض وفق قواعد الاشتباك التي تروق لسيد الكرملين