كتب الأستاذ حسين الديراني:
ضجت وسائل الاعلام المحلية والعربية بخطاب مقتدى الصدر المكتوب, والذي القاه السيد مهند الموسوي نيابة عنه بتاريخ 4-3-2022 في مسجد الكوفة. واحدث هذا الخطاب جدلا في الاواسط الاعلامية المحلية والعربية, تناولته المواقع الاخبارية مع تفسيرات مختلفة ولكنها اجمعت على ان الخطاب ارسل اشارات على وقوفه الى الجانب الاوكراني الغربي من خلال المفردات التي استخدمها في خطبته.
ولنا تفسير نريد توضيحه للقراء في كل مفردة من مفرداته.
اولا : لقد عودنا مقتدى الصدر في تغريداته وخطبه واطلالاته الاعلامية على ان العراق يجب ان ينأى بنفسه عن الصراعات الاقليمية والدولية, ويرفض التدخل في الشؤون الداخلية العراقية, فما الذي دهاه لان يخصص صلاة الجمعة ليتدخل في شأن دولي اكبر من حجم العراق ودول المنطقة, فهل هذا جزء من تناقضاته السياسية اليومية التي عودنا عليها, ام انها املاءات خارجية, ام انه اصبح يرى نفسه زعيما عالميا من واجبه الادلاء برأيه في القضايا العالمية المصيرية؟ ونيأه بالنفس يذكرني بنأي الحكومة اللبنانية والسياسيين اللبنانين الذين يدورون في الفلك الامريكي, النأي بالنفس حسب ما تميله عليهم الادارة الامريكية, والتدخل بالشؤون الدولية والاقليمية حين يتلقون الاوامر من السفارة الامريكية كما حصل مع وزير الخارجية اللبناني مدينا التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا بشكل سبب للبنان حرجا سياسيا كبيرا .
فلماذا فجأة تذكر قول سيد الوصيين امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ( الناس صنفان : اما اخ لك في الدين, او نظير لك في الخلق ) ليبدأ خطبته في الشأن الروسي والاوكراني, وهو يستنكف ويستكبر ويستعلي على اخوته في الدين والعقيدة والمصير في العراق, ويرفض اللقاء بهم, ومستعد لان يتحالف مع الشيطان ولا يتحالف معهم؟.
ثانيا : قوله : ومن هنا لا بد لصوت النجف الأشرف أن يعلو مدويا ليطالب بالسلام في ربوع العالم أجمع، وكفى حربا ودماء وأن ترك السلاح جانبا ".
في هذه المفردة تجاوزٌ وتطاول على المرجعية العليا لسماحة المرجع الاعلى الامام السيد علي السيستاني ( دام ظله ), ويؤكد على ما جاء به وكيله المدعو " السيد حازم الاعرجي " قبل اسابيع " ان الحنانة مصدرالقرار الشرعي والسياسي " والذي لاقى استنكارا شاسعا في داخل العراق وخارجه, حتى اضطر ان يعتذر ويسحب كلامه, وكانت بمثابة اختبار لردة فعل الشارع العراقي الملتزم بالمرجعية الرشيدة, وها هو اليوم يعيد ويؤكد ان ما جاء على لسان حازم الاعرجي كان بموافقته وتعليماته.
ثالثا : اما قوله : "من هنا أيضا أجد لزاما علينا أن نبتهل الى الله العلي القدير أن يمن على كل الدول التي تحت طائلة الحرب، كاليمن الشقيقة والتي يجمعنا وإياهم الأخوة في الدين أولا"، موضحا أنه "من ثم نخص نظراءنا في الخلق أعني: (اوكرانيا) التي ترزح تحت السلاح الروسي الفتاك بسبب مباشر.. وتعاني الويلات بسبب السياسة الأمريكية هناك.
"من هنا نرفع أيدينا بالدعاء سائلين العلي القدير أن يجنب الجميع ويلات الحروب وأن يمن عليهم بالأمن والسلام، فما يحدث في أوكرانيا من معاناة للشعب والمدنيين يندى له جبين الإنسانية".
لقد فضح نفسه في كل كلمة ومفردة في هذه الفقرة, عندما ابتهل لله ان يمن على كل الدول التي تحت طائلة الحرب, " كاليمن الشقيقة والتي يجمعنا واياهم الاخوة بالدين, وعرج على اوكرانيا التي ترزح تحت السلاح الروسي الفتاك بسبب مباشر !!!! وكما يقول المثل الشعبي اللبناني ( اجا ليكحلها عماها ), اراد ان يذكر اليمن حتى يوجد حالة توازن واعتدال ولكن سقط في شر ما يختذنه تفكيره السياسي, فلماذا لم يستخدم نفس المفردة ويقول : اخواننا في اليمن يتعرضون للسلاح السعودي الاماراتي الامريكي الفتاك بسبب مباشر؟ حتى يكون لكلامه وقع ومصداقية...
ثم اليس ما يحدث في اليمن من مجازر وويلات ومعاناة للشعب والمدنيين وصمة عار على جبين الانسانية؟.
رابعا : صحيح, كما فسرت جميع المواقع الاخبارية خطبته بان فيها اشارات توافقية مع الدول الغربية وعلى راسها امريكا, وميله الى الجانب الاوكراني بشكل فاضح , حتى الكيان الصهيوني الذي تربطه علاقات استراتيجية ودينية مع اوكرانيا كون ان الرئيس الاوكراني زيلينسكي يحمل الجنسية الاسرائيلية ويحمل الفكر الصهيوني, ونصف حكومته اسرائيليين وصهاينة, ودعى يهود العالم لمساندته في حربه مع روسيا, لم يأخذوا موقفا علنيا مؤيدا للرئيس الاوكراني خوفا على علاقاتهم مع روسيا, فما الذي دهى مقتدى الصدر ليأخذ هذا الموقف دون رعاية مصلحة العراق والعراقيين, إلا اذا كانت استثماراته في اوكرانيا عزت عليه وهي اهم من مصلحة العراق؟ وهنا يتساءل الكثيرون ما هي العلاقة التي تربط مقتدى الصدر باوكرانيا حتى يفرد لها خطبة جمعة مكتوبة خاصة؟ ويهمل العدوان السعودي الاماراتي الصهيوني على الشعب اليمني لمدة 8 سنوات متواصلة!!.
اخيرا : كل الخوف ان يكون, انه يرى نفسه نائبا عن الامام المهدي عليه السلام, ويريد ان يقوم بمقامه الشريف ليملا الارض قسطا وعدلا وسلاما بعد ان ملئت ظلما وجورا, وهذا ما نستنتجه من دعوته ومطالبته من موقعه في الحنانة بالنجف الاشرف لاحلال السلام في العالم!!!, وتذكير العالم بالانبياء ( محمد وموسى وعيسى ) صلوات الله عليهم, وكأنه يريد تزعم الديانة الابراهمية الجديدة والتي هدفها التطبيع مع الكيان الصهيوني لا اكثر ولا اقل, وكثيرا من انصاره يرونه في هذا المقام, وهذا مؤشر خطير على صعيد المبدأ والعقيدة, وقد يكون لفوز كتلته المقتدائية ب 74 مقعدا في البرلمان العراقي تأثير سلبي خارق على عقليته وتفكيره وسياسته, وتتراءى له خيالات تسبب له خللا في توازنه, ويرى نفسه مأمورا ليقود العالم الى الاسلام, نتمى ان يعود الى رشده ومكانته المتواضعة من اجل مصلحة العراق والعراقيين ولا يحشر نفسه في قضايا عالمية مصيرية, فلا الرئيس الروسي بوتين يراه ويتهم به امام التحديات العالمية الكبرى, ولا الرئيس الاوكراني زيلنسكي في ملجأه مهتما لتعاطفه وخطبته.