"فرق تسد" هو الشعار الذي قام عليه الاستعمار البريطاني الفرنسي...
هو أيضاً، الشعار الذي مارسته اميركا في كل العالم...
هو الشعار الذي استطاعت إسرائيل بموجبه أن تستفرد الدول العربية أكثر من مرة، وفي أكثر من حرب...
هو الشعار الذي كان منذ أن كانت البشرية، ومنذ أن قرر القوي أكل الضعفاء، الواحد تلو الآخر...
كم من مرة استهدفت اميركا الدول، كبيرها وصغيرها...
الكل خانع، الكل خاضع يخشى على روحه من غضب الدولة الجبارة المتوحشة؛
الكل يوافق على تلك الوحشية خوفاً من أن يطاله ذلك الجبروت...
كما في الطبيعة حين يهاجم حيوان مفترس قطيعا كاملا...
يهرب كل القطيع في كل النواحي تاركا أضحية أو أكثر، حيث المهم النجاة بالذات...
نفس الأمر يحدث مع الدول، كما مع الأفراد في المجتمعات...
من هنا ظهرت مقولة المشي "جنب الحيط والدعاء إلى الرب بالسترة"...
يا اخي القطيع يهرب لأن الحيوانات لا تعرف لغة الحساب ولا تعرف المنطق والتفكير... فلماذا يهرب البشر كما تهرب الحيوانات...؟
كما الحيوان المفترس، لم تكن اميركا تحتاج إلى عمل أي شيء من أجل استفراد الضحية...
الكل خائف...
الكل مرعوب...
لو اجتمع القطيع مرة واحدة فقط، وهاجم الحيوان المفترس بدل الهرب، لكان استطاع بكل تأكيد التخلص من هذا الكابوس الذي سوف يعاود الهجوم في اليوم التالي، وفي اليوم الذي يليه وكلما احس بضرورة الصيد...
الفرق الوحيد بين اميركا وهذا الحيوان المتوحش المفترس، هو أن الحيوان يقتل ليأكل حتى الشبع... بينما اميركا تقتل وتقتل وتقتل ولا تتوقف عن القتل لأن الهدف ليس الاكل والشبع، بل فرض السطوة والرعب في قلوب الآخرين...
روسيا.. الصين.. إيران.. فنزويلا.. كل دول العالمين الثاني والثالث...
حتى الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا...
الكل يرتجف خوفا من هذا الوحش...
وحدها ربما بريطانيا، وإلى حد ما استراليا واسرائيل لا يخافون..
الأولى هي ام الوحش، الثانية شقيقته، أما إسرائيل، فهي كلبه المدلل...
ماذا لو قررت هذه الدول أن تجتمع أو تتحد في وجه الوحش...؟
ماذا لو قررت مجموعة من هذه الدول الموجودة على لائحة الضحية التالية أن تتحرك...؟
في الأمس البعيد كان الاتحاد السوفياتي هو الطريدة، ظل يراوغ ولم يتصد حتى وقع...
ثم صارت الصين، ثم كوريا، ثم مصر، ثم إيران فالعراق فليبيا وغيرها الكثير...
أميركا تهدد... الجرو البريطاني ينبح... أميركا تغزو... ومعها مجموعة من الكلاب المسعورة...
العالم يتفرج...
بعضهم يلعب دور الكلب المسعور كما فعلت نفس بولندا وأوكرانيا أثناء غزو العراق، رغم كل نباح اليوم...
بعضهم كان بين المتفرجين كما الصين وروسيا في لبنان واليمن...
لقد أصاب الغرور اميركا فقررت أن لا تتساهل أكثر مع روسيا حتى لا تفاجأ بها كما فوجئت بالصين...
أميركا تعرف جيدا أنها تحارب روسيا اليوم حتى آخر أوكراني..
كما أن أميركا تعرف انها تحاصر روسيا حتى انهيار آخر مصنع في أوروبا...
كانت أوروبا تشكو من المنافسة الصينية ومعظم الطاقة الكهربائية تنتج من الغاز الروسي الأقل ثمناً...
كيف سوف تنافس أوروبا مع غاز بات يزيد أضعافاً عن الغاز الذي وقّعت الصين على استيراده من روسيا...
قد توافق اميركا على رفع فنزويلا عن العقوبات كي تستفيد من نفط هذا البلد...
قد ترفع أيران عن العقوبات كي تمنع ارتفاع أسعار النفط... ليس حباً بمصالح الشعوب الفقيرة، بل حتى لا يزيد ثمن البنزين قبل الانتخابات الأميركية فيؤثر على حظوظ جماعة بايدن...
لكن الغاز يحتاج إلى بنية تحتية كي يصل إلى أوروبا، وهذا يحتاج إلى وقت... وقت لا تملكه أوروبا لمنع الإنهيار الإقتصادي...
الروس ليسوا اغبياء...
كذلك الصينيون...
صحيح أن الأميركيين فعلوا ما بوسعهم لإطالة الحرب أطول مدة ممكنة...
الكلام عن استنزاف روسيا في أوكرانيا يفترض أن الروس لم يتعلموا من تجربة السوفيات والأميركيين في افغانستان...
أو أن الروس لم يتعلموا من الحرب التي جرت في سوريا والتي شارك فيها الروس...
كما تم تحرير حمص وحلب، سوف يتم إسقاط كييف وخاركوف ومايوربل وأوديسا...
المسألة، مسألة وقت... وقت يملكه الروس ولا تملكه أوروبا...
لقد بدأ الحديث عن الاجلاء من المدن المحاصرة...
قريبا سوف تأتي الباصات الخضراء لنقل المقاتلين الى غرب أوكرانيا...
لن يكون نازيو أوكرانيا اصعب من أرهابيي داعش والنصرة...
حتى إذا لم تسقط كامل أوكرانيا في أيدي الروس، سوف تسقط كل المناطق ذات الأغلبية السلافية...
روسيا انتصرت في هذه الحرب حتى قبل أن تخوضها...
قد يكون سعر الانتصار أعلى من المتوقع...
لكن الأكيد أن البسطاء فقط يعتقدون أن روسيا سوف تسمح بالهزيمة...
لا يهم إلى أي مدى سوف يصل صوت نباح الجرو البريطاني...
المهم النتيجة...
النتيجة التي تحاول اميركا إبعادها قدر الإمكان دون جدوى...
كيف سوف يكون العالم الجديد؟
الأكيد أن ما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها...
يتباهى الاميركيون بأن الروبل صار بسنت أميركي واحد...
لكن العالم يعرف أن ٢٠٪ من احتياط العالم في الذهب والفضة موجود في روسيا...
وحوالي نفس النسبة من البلاتين...
ماذا عن الغاز والنفط والقمح والنيكل الذي تضاعفت أسعاره أكثر من أربع مرات لأن روسيا هي موطنه...
الروس الذين يعيشون في الخارج عاشوا مدى الكره والعنصرية ضد كل ما هو روسي...
ضد الرياضيين والفنانين... حتى ضد القطط الروسية...
فقط الاغبياء في روسيا يعتقدون أن بوتين أخطأ... وعدد هؤلاء ينقص مع كل طلوع شمس...
لقد وحدّت هذه العنصرية كل قوميات الاتحاد الروسي...
لكن ماذا عنا نحن...؟
نحن الذين كُتبت اسماؤنا على لائحة أضحيات الوحش الأميركي القذر...
يتكلم التركي عن جر الغاز من بحر فلسطين بالتعاون مع إسرائيل...
ماذا ينتظر عرب الضفة...؟
إن تهدأ الأحوال أو أن تخسر روسيا...!؟
"ما إنتو مدعوسين، مدعوسين"...
يا اخي قاوموا ولو بإشعال حريق...
أليس هذه ما طلبه منكم جمال عبد الناصر...
تنتظرون أن يستفرد الوحش الأميركي بالروسي، وكأن هذا لا يعني انكم الضحية التالية في وليمة الوحش...
يا اخي كل يوم هناك مصيبة في فلسطين...
في الشيخ جراح... في النقب... في كل بقعة من فلسطين...
ماذا تفعل حماس في غزة...؟
وحتى متى سوف تستمر تجارب الصواريخ في بحر يافا...
يا اخي انتم محاصرون منذ أن كنتم... انتم جائعون... انتم عطشى... انتم تعيشون في العراء...
في احسن الاحوال تسكنون في البيوت المدمرة...
"إخت هذه العيشة"...
بيدكم بدل الخنجر صاروخ... بيدكم بدل الصاروخ صواريخ...
إذا لم تنتفضوا الآن وتحرقوا غاز بحركم حتى يتألم العالم كما تألمون... فمتى سوف تتحركون...
قصفت إسرائيل الإيرانيين في الشام...
لا السوريون ردوا، ولا الإيرانيين..
الأكيد أن اميركا لا تحتاج إلى فعل أي شيء للتفرقة بين أفراد القطيع حتى تسود هي...
كل فرد في القطيع ينتظر دوره كي يصبح الضحية القادمة...
روسيا موجودة اليوم في الحرب...
لا تحتاجون لجرها الى هذه الحرب...
عليكم فقط إشعال المزيد من الحروب في وجه الامبريالية...
لا تستطيعون الانتظار على التلة وعدم فعل أي شيء...
ليس المطلوب منكم مساعدة روسيا اليوم أو الصين غدا...
المطلوب منكم مساعدة أنفسكم اليوم وكل يوم برفض أن تكونوا الضحية القادمة...
حتى لا يقال يوما على من قرأت مزاميرك يا داوود... فليتحرك كل اعداء الامبريالية حتى يقع الفيل ويكثر الذباحون.... آن الأوان...