نعيش في عالم أعوج...
يحكى أن شاه إيران كان يقول إن من يرى كل المآسي التي تعم العالم ولا يصبح ثائرا شيوعيا، لا قلب له...
وان الذي يعيش داخل نظام شيوعي "شمولي"، ولا يرتد عن الشيوعية، فلا عقل له...
كلام الشاه حق يراد به باطل...
فلا الشاه كان يبتغي الوصول إلى الحق والعدالة الاجتماعية، ولا من ادعوا الثورة الشيوعية في القرن العشرين استطاعوا الرقي بالإنسان إلى ما كان يأمل الوصول إليه كارل ماركس وفريديريك أنجلس، آباء الفكر الشيوعي منذ القرن التاسع عشر...
يستمع المرء إلى محطات الغرب، فيستشيط غضباََ لما تعج به هذه المحطات من أكاذيب هي أساساً ديدن هذا الغرب وأصل رخائه...
ينتقل إلى محطات الشرق، فيستشيط غضباََ لما في هذه المحطات من مواقف ضعيفة لا ترق إلى القوة المطلوبة في الرد...
يقوم الغرب كل يوم بتعمد إهانة روسيا، تارة بالعقوبات، وتارة أخرى بتهديد روسيا على "جرائم" مزعومة أو بسبب سياسات لا تختلف بشيء عن كل تاريخ الغرب المليء بالمذابح والمجازر والإعلام الكاذب وتزييف الصور وقلب الحقائق...
ينتقل المرء إلى ما تبقى من محطات، لم يصل إليها كم الأفواه الذي يمارسه الغرب الكاذب المحتال... ليفاجأ بأن كل ما تفعله روسيا هو دفاع ركيك وصراخ عن اللا عدالة في هذا العالم الذي تسود فيه قوانين العاب...
إن يصرخ فلسطيني "معتر" شاكياََ من تحت ركام بيت في بقعة مدمرة من غزة، قد يكون "مقبولاً"... حتى شكوى هذا الفلسطيني ليست دائما مقبولة...
فكيف، يمكن قبول هذه الركاكة في الموقف الروسي...
يقوم الغرب بطرد دبلوماسيين روس، فترد روسيا بطرد دبلوماسيين غربيين...
يعتقد البعض أن الموقف الروسي ندي وليس ضعيفا...
لا حبيبي... الرد الذي يجب أن تقوم به روسيا، هو إقفال كل تلك السفارات التي تتبع لبلدان هي في الحقيقة ليست حتى من مقام الدول ذات الأهمية كما بلاد بحر البلطيق أو مولدافيا أو كوسوفو أوحتى بعض دول شرق أوروبا التي تتطاول على من حررها يوماً من الاحتلال النازي... تماما كما يفعل فارس سعيد وأمثاله من التافهين الذين لا يريدون الاعتراف أن عدم دخول داعش والنصرة إلى مناطقهم وسبي نسائهم وبيع بناتهم في أسواق النخاسة أنما لم يحصل فقط بفضل حزب الله وقوة المناعة في سوريا وإيران...
بل يتساءل المرء لماذا تحتفظ روسيا بالسفارات البولونية أو البريطانية أو البلغارية أو غيرها من تلك الدويلات التي تدور في فلك المخابرات المركزية الأمريكية...
يعلن الرئيس بوتين أن الأول من نيسان هو يوم البدء ببيع الغاز بالروبل الروسي...
ثم يراعي بعض دول الغرب تحت حجة أن روسيا تحترم الاتفاقات التي وقعتها، أو أن روسيا لا تبغي انهيار اقتصاديات تلك الدول... وكان هذا الغرب يحترم الحقوق...
عيب "غاسبادين بريزيدينت"...
عيب أن تسمح روسيا لبوريس جونسون أن يتطاول على روسيا ويجمد أرصدتها، ولا ترد انت بقصف عمر جونسون هذا والذين خلّفوه...
عيب أن تخرج فون دير لاين، بين الحين والحين تهدد روسيا، فلا تقوم انت بإقفال نورد ستريم واحد، لكي تستحم دير لاين بالكيلة، قبل الخروج لمهاجمة روسيا مرة أخرى...
من المؤكد أن الرئيس بوتين يعرف كيف اصبح الدولار عملة عالمية...
صحيح أن هذا جرى استنادا إلى قوة اميركا الاقتصادية التي خاضت الحرب العالمية الثانية بعيدا عن أرضها ولم تتعرض مصانعها ومزارعها ومدنها للدمار كما حصل مع أوروبا...
لكن الصحيح أيضاً أن الحكومة الأميركية فرضت الدولار عملة دولية حين ربطته بالذهب، بحيث كان يحق لأي كان يحمل أوراقا من الدولار أن يستبدلها تلقائيا بالذهب على أساس سعر ثابت...
من اجل هذا قامت الحكومة الأميركية ليس فقط بسرقة احتياطات الذهب التي كان الرايخ الألماني سرقها من البلاد التي احتلها... بل أصدرت مرسوما بتجريم اقتناء الذهب على كل مواطني الولايات المتحدة الأمريكية، وفرضت عليهم بيع مخزونهم من الذهب إلى الحكومة الفيديرالية لقاء اوراق مطبوعة من الدولار...
وعندما صارت أوروبا تستبدل دولاراتها كل فترة بالذهب مما هدد المخزون الأميركي، لجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى استبدال المعادلة بين الدولار والذهب الأصفر، بمعادلة أخرى بين نفس الدولار مع الذهب الأسود وهكذا بدل أن تدفع أميركا ثمن أوراقها من الدولار من كيسها، صارت تدفعه من كيس بلاد النفط، بما في ذلك روسيا السوفياتية...
هل صعب على روسيا التي تمتلك عشرين في المئة من احتياطات الذهب والفضة والبلاتين في العالم، والتي تحتل المرتبة الأولى عالمياً في احتياط الغاز، وتمتلك النفط والفحم الحجري بالإضافة إلى اليورانيوم والأنهار وبحيرات المياه العذبة والغابات وكل انواع المعادن على مساحة حوالي ١٧ مليون كلم٢؛ هل صعب على روسيا أن تفرض الروبل عملة عالمية...؟
إذا كانت كوريا الشمالية استطاعت العيش منعزلة عن الغرب...
إذا كانت إيران استطاعت التحول خلال أربعة عقود من دولة ضعيفة فقيرة محاصرة إلى دولة إقليمية كبرى...
فهل يكون صعبا على روسيا أن تقفل حدودها على الغرب، وترد عليه الصاع صاعين...!!!
الذي كان يصنع سيارات الفولغا واللادا، يستطيع كما فعلت الصين، صناعة موديلات تشبه المرسيدس والأودي وغيرها...
فلتحتفظ فرنسا بعطورها، وازيائها...
أما طائرات البوينغ والإيرباص، فليس صعبا على من ينتج سو ٣٥، وكافة أنواع طائرات الميغ أن يعجز عن المنافسة...
الشيء الوحيد الذي ينقص روسيا هو التعداد السكاني،
ليس صعبا على دولة غنية كما روسيا أن تعجز عن توزيع الاراضي الزراعية على الفلاحين نسبة إلى عدد الأطفال فتستطيع مضاعفة عدد السكان خلال ربع قرن فقط...
ما ينطبق على روسيا، ينطبق على كل بلاد ما يسمى الممانعة ضد اميركا والغرب...
ثلاث مئة مليار دولار هي قيمة الأرصدة الروسية المجمدة لدى الغرب...
كم من المصانع والمزارع والمشاريع الضخمة كان بالإمكان بناؤها بهذا المال بدل تركه في مصارف الغرب عرضة للابتزاز...
ان يخطئ صدام حسين أو معمر القذافي بهكذا أفعال، جريمة لا تغتفر...
أما أن تخطئ روسيا، فيجب حرق المسؤولين فيها في الساحة الحمراء...
لقد سرق الغرب مئتي مليار دولار من الأرصدة الليبية في الخارج...
لو بنى القذافي بيتا مع بستان من التمر وأشجار الثمر لكل عائلة، لكان شعب ليبيا دافع عن هذا الغبي حتى الموت، دفاعا عن مصالحه...
بدل ذلك كان القذافي يدعم ساركوزي وغير ساركوزي في الانتخابات ليسد عقدة نقص منتشرة عند العرب من تفوق مزعوم للرجل الأبيض...
متى تغضب روسيا؟
متى يغضب الفلسطينيون؟
متى يغضب اللبنانيون النائمون على سرقة حقوقهم...؟
متى يغضب المستضعفون فيزلزلوا الأرض تحت اقدام أميركا والغرب بدل استجداء الغاز والقبول بأمثال رياض سلامة ونجيب ميقاتي وغيرهم من شذاذ آفاق الكوكب...
للحرية الحمراء باب،
بكل يد مضرجة يدّق...
الحرية ليست سوى حق واحد من حقوق المستضعفين في الأرض...
أما آن الأوان للشعوب أن تغضب؟