كتب د. موفق محادين: السعدي ودلبح، لا تحرير في برنامج منظمة التحرير.
أخبار وتقارير
كتب د. موفق محادين: السعدي ودلبح، لا تحرير في برنامج منظمة التحرير.
د. موفق محادين
21 نيسان 2022 , 13:11 م


بعد الكتاب الهام للباحث الفلسطيني، محمد سعيد دلبح، (ستون عاما من الخداع) والذي يكشف فيه بمقاربات تحليلية عميقة وخلفية سياسية، البرنامج الحقيقي لقيادة عرفات، والمتمثل بالانخراط في لعبة الأمم في الشرق الأوسط، من أجل إقامة شكل سياسي ما على ما يمكن الحصول عليه في ظل هذه اللعبة من مناطق في الضفة والقطاع، أما المقاومة وحق العودة والتحرير وفلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، فلم تكن ومنذ اليوم الأول في صلب المشروع السياسي لهذه القيادة.

بعد الكتاب المذكور، يأتي الكتاب الموسوعي من الناحية التاريخية والسياسية للمناضل الكبير، أحمد السعدي (قضية فلسطين)، وبتفاصيل لا تترك شاردة ولا واردة على مدار قرن كامل، سواء من حيث المحطات التاريخية أو من حيث المؤتمرات والاتفاقيات التي رافقتها، معززة بتجربة السعدي الطويلة والقاسية، من دوره في تأسيس المقاومة والانخراط في الحلقات التأسيسية لحركة فتح في الكويت وتكليفه مع خليل الوزير في إصدار أول مجلة لفتح في بيروت (فلسطيننا)، بالتعاون مع لبنانيين مقربين من الإخوان (عباد الرحمن)، إلى اختياره عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

كان السعدي طيلة هذه التجربة كما في كتابه مؤمنا بأن هذه القضية قضية قومية عربية بامتياز، لا قضية الشعب الفلسطيني وحده، ذلك أن استهداف المشروع الصهيوني لفلسطين كان جزءا من استهداف الامبريالية لهذه المنطقة كمدخل لاستعمار الوطن العربي ومنع حلقاته المركزية (القاهرة، دمشق، بغداد) من التكامل في ضوء تجربة محمد علي في مصر، وهو ما يستدعي بالمقابل برنامجا وتصورا عربيا كفاحيا يؤكد على أن قضية فلسطين قضية صراع عربي صهيوني لا نزاع فلسطيني (إسرائيلي).

بحسب السعدي فإن القيادة الفلسطينية برئاسة عرفات لم تمتلك يوما تصورا أو إرادة أو برنامجا لتحرير فلسطين، بقدر ما راحت توظف البيئة السياسية من حولها وخاصة النفطية ومفاتيحها مع الأمريكان، لأخذ حصة من كعكة التسوية، وكان أول ما أقدمت عليه هذه القيادة بعد سيطرتها على المنظمة التي ترافقت مع تداعيات هزيمة حزيران 1967 وسياسات وحدة الصف العربي التي طرحها عبد الناصر، هو استبدال الميثاق القومي للمنظمة الذي رافق صعود الناصرية بميثاق فلسطيني كياني باسم الميثاق الوطني، والذي خرجت منه كل أوهام التسوية والشعارات الكيانية (يا وحدنا).

ويتابع المناضل السعدي قراءاته النقدية لسياسات القيادة الفلسطينية المحمولة من أطراف عربية ودولية عديدة، بإضاءات تحليلية نافذة وكشف لمحطات خطيرة تخطت السياسة إلى التخلص من ثقافة المقاومة والخطاب القومي ورموز ذلك في الساحة الفلسطينية، وإلحاق غالبية الفصائل ببرنامج القيادة العرفاتية تحت وهم الدولة الوطنية.

ومن المفارقات الأخرى ذات الصلة بالأردن التي وردت في الكتاب، أنه وفي غمرة ما كان متداولا حول العلاقة السيئة بين الأردن وقيادة فتح، ما ذكره الكتاب نقلا عن المناضل الكبير الراحل بهجت أبو غربية، عن اتصالات بين كمال عدوان أحد قادة فتح وبين رئيس الوزراء الأردني آنذاك وصفي التل 1963، كما جاء في الكتاب مثلا أن عبد الرؤوف الروابدة، كان من كتّاب الأعداد الأولى لمجلة فتح (فلسطيننا) وذلك عندما كان الروابدة طالبا في الجامعة الأمريكية ومحسوبا على جماعة الإخوان التي خرج من عباءتها معظم قادة فتح. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري