بقلم ناجي أمهز
قبل السياسة والتحليل السياسي الذي لا يسد رمقا ولا يؤمن الدواء، دعوني أخبركم عدة نقاط أساسية، ويجب عليكم أن تحفظوها جيدا، مع أني أعلم مسبقا أنه غير الله لن يغير بالشعب اللبناني، والله سبحانه وتعالى، لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، يعني لا أمل فغالبيتكم غير مستعد للتغيير ولا يريد التغيير، والانتخابات أكبر دليل.
وهذا الكلام الذي أكتبه الآن ليس للشيعة فقط بل للمكون اللبناني ككل من مسلمين ومسيحيين، وأرجو أن تصدقوا ما اكتب لأنكم في عام 2018 عندما كتبت مقالي كيف ستعزل الدول عن بعضها وتوقف الرجالات بين البلدان، كثر استغربوا واستنكروا الأمر وجاءت جائحة كورونا عام 2019 لتؤكد كل حرف جاء بالمقال.
أنا لا أستغرب ان لا يعرف الكثير من العرب ما يجري حولهم، أصلا أكثر من سبعة مليارات إنسان لا يدركون ما يجري حولهم، ولكن حتى الأعمى والأصم يشعر أن العالم يتغير، وحقيقة العالم يتغير، وكنا سابقا نقول إن العالم تحول إلى قرية صغيرة، اليوم يمكن القول إن العالم تحول إلى منزل صغير وغدا يتحول العالم إلى غرفة صغيرة.
وكما أصبح الجميع يعرف، أصيب شخص واحد في الصين بفيروس ك- ر- ونا ، وإذا به خلال شهر ينتشر الفيروس على مساحة الكرة الأرضية، وبالأمس أصيب شخص بجدري القرود، وبدا العالم يستعد لمواجهة انتشار الفيروس الجديد، إذا كما تشا هدون العالم أصبح واحدا.
واليوم هناك حرب عالمية تدور على أهم بقعة في العالم تعرف بمخزون العالم من من النفط والمواد الغذائية، وهي الحرب بين أوكرانيا وروسيا، فروسيا هي التي تورد الغاز والنفط تقريبا لثلث العالم، وأوكرانيا هي التي تورد القمح والزيوت لثلث العالم.
مما يعني بان العالم برمته، أمام كارثة حقيقية تتمثل بالحصول على الغذاء والمحروقات، وأمام هذه الكارثة الكبرى التي تصيب العالم، وحتما سيكون لبنان اول ضحايا هذه الحرب كبلد منهار اقتصاديا، وبغياب أي مخزون غذائي استراتيجي، وخاصة بعد انهيار اهراءات القمح بسبب انفجار المرفأ، وهنا لا المسيحيين قادرين على قول، إن أمنا الحنون فرنسا سوف تساعدنا ولا حتى أوروبا، أيضا لا يمكن للمسلمين أن يعولوا على الدول العربية التي بغالبيتها لا تنتج المزروعات، فأوروبا أو غالبية العالم العربي أن استطاعوا تجاوز الأزمة يكون إنجازا كبيرا لهم.
إذا كما انتشر الفيروس بالعالم أيضا سينتشر الفقر والجوع والمرض، لذلك على الشعب اللبناني أن يستعد لاصعب ما قد يمكن أن يشاهده بحياته، وحقيقة دون مبالغة أن مجاعة عام 1914 ستكون نزهة جميلة أمام ما هو قادم على لبنان، كونه في عام 1914 كان عدد الشعب اللبناني ضئيلا للغاية لا يتجاوز ال 400 ألف نسمة، والغالبية مزارعين وفلاحين، ولديهم المواشي والطيور المدجنة، ويعصرون زيتهم ويخزنون الدهون وينتجون السمن، كما كان لبنان مليئا بالخضراوات والمزروعات، من مختلف الحشائش والخضار والفواكه ومنها البرية.
أما اليوم فإن سكان لبنان بأقل تقديرا يتجاوز عددهم ال سبعة ملايين إنسان بين مواطن ونازح ووافد وعامل، يعيشون بوطن يعاني من انهيار تام للمنظومة الاقتصادية المالية والغذائية، مع توقف كامل عن الإنتاج، إضافة إلى طامة كبرى أنه لا يوجد في لبنان مساحات كافية للزراعة، حيث تحولت ثلثي الأراضي اللبنانية إلى مجرد مربعات من الباطون والأسفلت.
في عام 1914 كان يمكن للإنسان اللبناني أن يأكل حبة فاكهة عن شجرة أو أن يجد بعض الحشائش كالهندباء وغيرها، أما اليوم بحال وقعت المجاعة فمن أين سياكل الشعب اللبناني، مثلا في بيروت والدورة ماذا يوجد للأكل ، هل توجد بساتين التفاح والليمون.
للحقيقة نحن أمام كارثة حقيقية لا يمكن وصفها أو شرحها، خاصة بعد إفلاس لبنان ونهب الودائع التي بالتأكيد كانت ورائها أمريكا، كون غالبية هذه الأموال تم شحنها إلى بنوك أوروبا وأمريكا، ولولا موافقة أمريكا على نقل عشرات مليارات الدولارات إلى البنوك الأوروبية والأمريكية، لما كان بإمكان أحد إخراج دولار واحد من لبنان، مما يعني أن الإدارة الأمريكية التي كانت تعرف مسبقا بان الحرب بين روسيا واوكرانيا واقعة لا محالة وما سينتج عنها عالميا، كانت تشرف بنفسها على إفراغ لبنان من العملة الصعبة تمهيدا لإفقار الشعب حتى يصبح عاجزا عن تأمين أو تخزين المواد الغذائية.
وكل ما يقال إن حزب الله مسؤول عن انهيار لبنان هو كلام كذب حقيقي، فأموال اللبنانيين لم تنقل إلى إيران أو سوريا بل نقلت إلى أمريكا وأوروبا.
بالختام لن أطيل عليكم فالشرح يحتاج إلى مكتبات، لكن من أجل اللبنانيين جمعيا سأخبركم بأمر أخير.
أثبتت الأيام والتجارب بان حزب الله يمون على إيران وعلي سوريا،
وإيران دولة لها استراتجية الدول العظمى كونها بصراع دائم مع أمريكا والكيان الإسرائيلي، يعني أن لديها مخزونا غذائيا استراتيجيا، إضافة إلى مساحة أراضيها الزراعية الشاسعة وثرواتها الطبيعية من نفط ومياه، لذلك إيران لن تتخلى عن حزب الله، مما يعني بأنه يمكن للشعب اللبناني ان يستفيد من حزب الله بتأمين جزء كبير من المواد الغذائية والمحروقات من إيران.
وأيضا سورية بلد زراعي غني جدا بالحبوب، بالرغم مما سرق وحرق على يد أمريكا والإرهاب، إلا أن سورية أيضا بسبب تحالفها مع حزب الله قادرة أن تدعم لبنان بالحبوب.
يا شعب لبنان، سرقت الودائع وأفرغ لبنان من العملة الصعبة وحصل انهيارا كاملا بإشراف أمريكي، كي لا تحصل حتى على الطعام، اليوم يوجد حزب الله وهو كما حرر الجنوب في 25 ايار 2000 ودافع عن لبنان من الارهاب من 2011 حتى اليوم ، قادر على تأمين المواد الغذائية والمحروقات، بحال حصول تطورات عالمية.